النظام الغذائي النباتي يتفوق على الحمية المتوسطية في تخفيف الوزن

تزداد شعبية النظم الغذائية النباتية لأسباب صحية وبيئية، واتجه كثيرون خلال العقد الماضي إلى التقليل من استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان أو الامتناع عن تناولها كليا، لاعتقادهم أن الأشخاص النباتيين يعيشون حياة أكثر صحة.
لندن - يعتقد الكثير من الناس أن النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط يعدّ من أفضل الطرق لفقدان الوزن، غير أن أبحاثا جديدة كشفت أن هذا النظام الغذائي الذي يضمّ خليطا من الخضروات وزيت الزيتون والأسماك الطازجة والفواكه، رغم آثاره المفيدة على صحة الجسم ولياقته، لا يعدّ أفضل من النظام الغذائي النباتي.
وقالت دراسة جديدة إن النظام الغذائي النباتي يساعد بشكل أفضل من حمية البحر الأبيض المتوسط على خفض مؤشر كتلة الجسم، ومن ثم ضبط مستويات الكوليسترول وخفض ضغط الدم. ومن المعروف أن ضغط الدم المرتفع يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
وأجريت الدراسة على عينة تتكون من 62 شخصا يعانون من زيادة الوزن، خضعوا لنظام من الحميتين على مدار أربعة أشهر.
وبينت النتائج التي نشرت في مجلة الكلية الأميركية للتغذية، أن النظام الغذائي النباتي ساعد المشاركين في الدراسة على التخلص من حوالي أربعة كيلوغرامات من كتلة الدهون لديهم، كما مكنهم أيضا من تخفيض نسبة الدهون الحشوية في أجسامهم، وهي الدهون المحيطة بالأعضاء الداخلية.
وفي حين لم تكن هناك تغييرات كبيرة في نسبة الكولسترول عند اتباع المشاركين النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، فإن النظام النباتي ساعدهم على تخفيض مستويات الكولسترول بمقدار 18.7 ملغ.
وسبق أن أشارت العديد من الدراسات أن كلا من الأنظمة الغذائية المتوسطية والنباتية تعمل على تحسين وزن الجسم وتقلل من عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب.
فيما رجحت بعض الدراسات أن الأشخاص النباتيين يتمتعون بصحة أفضل، لأن نظام أكلهم يساعدهم على محاربة العديد من الأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب والسكري والسرطان.
وعكفت دراسة أجرتها جامعة ساوث كارولينا الأميركية على عقد مقارنة بين البدناء الذين اتبعوا حميات نباتية والبدناء الذين اتبعوا نظاما غذائيا يمزج بين المنتجات الحيوانية والأطعمة النباتية.
وفي نهاية ستة أشهر من المتابعة، وجد الباحثون أن البدناء الذين اتبعوا وصفات نباتية نجحوا في فقدان المزيد من الوزن والكيلوغرامات بمعدل 4.3 في المئة مقارنة مع البدناء الذين اتبعوا نظاما غذائيا يعتمد على المنتجات الحيوانية والنباتية.
لكن أثيرت مخاوف حول افتقار النظام الغذائي النباتي الصرف إلى فيتامين “ب 12” الذي يسهم في حماية الأعصاب من التلف.
ويوجد فيتامين “ب 12” في اللحوم والأسماك والبيض ومنتجات الألبان، ولا يوجد في الفاكهة أو الخضروات، ويُنصح البالغون باستهلاك 1.5 ميكروغرام من فيتامين “ب 12” يوميا.
نقص الفيتامينات
تقول جانيت كيد، من كلية علوم الغذاء والتغذية بجامعة ليدز البريطانية، إن “نقص فيتامين ب 12 قد يؤدي إلى ظهور أعراض تلف الأعصاب، مثل تنميل الأطراف، وإذا لم يعالج هذا النقص لفترة طويلة سيصبح مزمنا”.
وأجريت دراسة حديثة على 48 ألف شخص على مدى 18 عاما، قارن خلالها الباحثون بين الحالة الصحية لآكلي اللحوم الذين تدخل الأسماك ومنتجات الألبان في نظامهم الغذائي، وحالة نظرائهم النباتيين الذين لا يتناولون أي منتجات حيوانية قط.
وخلصت الدراسة إلى أن الأنظمة الغذائية النباتية بشكل عام تقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب، لكنها تزيد من مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية، ربما بسبب افتقارها إلى فيتامين “ب 12”.
وبينما يحمي انخفاض الكوليسترول من أمراض القلب والسكتة الدماغية الإقفارية، تشير أدلة إلى أن انخفاض مستويات الكوليسترول – الذي يرتبط بالأنظمة الغذائية النباتية – قد يزيد قليلا من احتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية النزفية، التي تنتج عن نزيف في المخ.
لكن حتى الآن لا يوجد بعدُ ما يكفي من الأدلة لإثبات أن النظام الغذائي النباتي أفضل للصحة من غيره، خاصة وأنه لم تتضح بعد آثاره الصحية على المدى الطويل.
الأنظمة الغذائية المتوسطية والنباتية تعمل على تحسين وزن الجسم وتقلل من عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب
ويقول خبراء إن النظام الغذائي النباتي المثالي يحتوى على الكثير من الخضروات والفاكهة ومكملات فيتامين “ب 12” وكميات أقل من الوجبات السريعة النباتية.
وترى الجمعية الألمانية للتغذية أن أساس التغذية الصحية هو النظام الغذائي النباتي مع مجموعة متنوعة من الخضار والبقوليات والفواكه والحبوب ومنتجات الحبوب الكاملة، وكذلك البطاطس والمكسرات والبذور الزيتية والزيوت النباتية عالية الجودة.
وينضمّ إلى هذا النظام أيضا الحليب ومنتجات الألبان والبيض، ولا يحتاج الجسم إلى أيّ شيء أكثر من هذا الأساس الصحي.
وأشارت أخصائية التغذية الألمانية زابينه هونت إلى أنه يمكن أيضا تناول اللحوم أو التخلي عنها. ويمكن أيضا الحصول على العناصر الغذائية المفقودة من خلال تغيير النظام الغذائي عن طريق الأطعمة الأخرى؛ فليست هناك حاجة إلى المكملات الغذائية هنا.
على سبيل المثال: الحديد متاح في شكل حيواني أو نباتي، وحتى يتمكن الجسم من امتصاصه جيدا، يجب دمجه مع فيتامين “سي”. ويمكن تحقيق ذلك، عن طريق تناول الأطعمة الغنية بالحديد ومعها الخضار الغني بفيتامين “سي” مثل الفلفل الرومي الأحمر أو البروكلي أو عن طريق شرب عصير برتقال.
ويجب توخي الحذر بالنسبة إلى الرضع والأطفال والمراهقين والنساء الحوامل؛ فهم يتأثرون بشدة من نقص العناصر الغذائية. لذا ينبغي عدم اتباع نظام غذائي نباتي لهذه المجموعات من الناس. وفي المجمل لا بد من الرجوع إلى الطبيب في هذا الأمر.
تغيير تدريجي
لا يوصي الخبراء بتغيير النظام الغذائي فجأة بين عشية وضحاها.
وترى عالمة التغذية الألمانية داجمار فون كرام أن التغيير التدريجي أسهل، سواء بالنسبة إلى الجسم أو الدوافع الخاصة.
في البداية تنصح فون كرام بتجربة المزيد والمزيد من الأطباق النباتية؛ حيث يمكن البدء بوجبة الإفطار.
وفي الخطوة الثانية، يتمّ التعميم على الوجبات الرئيسية، وبعد ذلك وبشكل تدريجي سيقلّ اللحم من النظام الغذائي شيئا فشيئا، وهو ما يساعد الجسم على تقبّله وعدم الانتباه بشكل كبير لهذا التخلي عن اللحوم.