النسويون المزيفون

لا يكاد يمر يوم إلا وتسقط فيه شخصية ذات تأثير في شراك النسوية ذات النسيج العنكبوتي المرعب.
الثلاثاء 2023/08/29
حركة نسوية تمسي وسيلة لـ"الهرسلة"

مسكين صديقنا لويس روبياليس، رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم.. ها هي “قبلة عفوية ومتبادلة” يطبعها على شفتي إحدى لاعبات منتخب بلاده، بصدد نسف ماضيه ومستقبله الوظيفي من قبل الفيفا.

كان ذلك في غمرة حماسه إثر تتويج منتخب بلاده بكأس العالم للسيدات، ولم يشفع له تاريخه الحافل، ولا لحظة الابتهاج التي قد تحرّر المرء من كل عقال، ولا حتى وضعية اللاعبة هيرموسو، وهي تطوقه بذراعيها كما بدا في الصورة، والتي عادت لتقول إنها شعرت بأنها تعرضت لاعتداء.

تحامل الجميع ضده وتهافتت البيانات عليه بالشجب والإدانة ومن ثم المطالبة بمحاكمته وإجباره على الاستقالة في حادثة بتسابق الجميع على النفخ فيها تماشيا مع موجات النسوية التي تجتاح العالم، وما تنفك تلاحق مشاهير الفن والسياسة والمجتمع.

أشفقت شخصيا على حال هذا الرجل الذي تمسك بمنصبه قائلا إن “النسويين المزيفين يحاولون القضاء عليّ”، ومرّ في خاطري شريط مزدحم بمثل هذه الوقائع في غضون السنوات القليلة الماضية، وتساءلت عمّن يقف يا ترى خلف هذه الهيستيريا الجماعية من ادعاء مناصفة المرأة والوقوف إلى جانبها في وجه الغطرسة الذكورية كما يزعمون.

لا ينكر إلا جاحد حالات التمييز ووضعيات الاستغلال التي تتعرض لها المرأة في بلدان كثيرة من العالم الثالث على وجه الخصوص، لا بل حتى في العالم المتقدم وإن بدا بأشكال “حضارية” في المجتمعات الصناعية والأوساط الإعلامية والتسويقية، لكن المحيّر أن نسكت عن هذه الحالات هناك ثم نثيرها هنا، وفي سفاسف الأمور.

أما الأنكى من ذلك كله، فهو أن تمسي الحركة النسوية وسيلة لـ”الهرسلة” وسلاحا للنيل من شخصيات دون غيرها.

لا يكاد يمر يوم إلا وتسقط فيه شخصية ذات تأثير في شراك النسوية ذات النسيج العنكبوتي المرعب، وسرعان ما نكتشف أن تلك الشخصية ليست إلا ضحية جهة تنافسها في عوالم النفوذ المالي والسياسي والصناعي.

لم يعد الأمر خافيا على أحد، وتمددت “الموجة النسوية المزيفة” وأرخت بظلالها لتصل حتى إلى أبسط الفئات في الأوساط الاجتماعية إلى درجة الدعوات الكيدية في المحاكم، كأن تبتز سكرتيرة مديرها بتهمة التحرش، وتحبس امرأة والد أطفالها بتهمة التقصير في الإنفاق، وتتطاول تلميذة مراهقة على أستاذها فتشوّه سمعته.. وإلى ما إلى ذلك من ممارسات باتت مكشوفة ويندى لها الجبين.

الأمثلة المتعلقة بالاستغلال والابتزاز تحت ذريعة المفاضلة وعدم المساواة في مجتمعاتنا أصبحت أكثر من الهم على قلب “الزوج والأب والمعيل” وليس قلب “الرجل الذكوري والمتسلط” كما يتوهم بعض المتحمسين للنزعة الأنثوية على غير وجه حق.

ليس غريبا إذن من أن تتأسس في بلاد كثيرة جمعيات للأزواج المعنّفين من قبل الزوجات، وليس مستبعدا أن ترفع زوجتك ضدك دعوى قضائية بعد ثلاثة أطفال تقول فيها إنها لم تكن راضية عن ذلك.

18