النساء والرجال يعيشون العزل بطريقة مختلفة

العزل غيّر حياة النساء كثيرا والرجال أيضا لكن.. العزل له معنى مختلف للرجل منه للمرأة التي عزلت على مدى قرون.
الثلاثاء 2020/06/09
عزل متواصل

بوغوتا – غيّر العزل المفروض لمكافحة مرض كوفيد – 19 أقله مؤقتا، عادات الملايين من البشر لكن بشكل مختلف بين النساء والرجال الذين لا يعيشون ملازمة المنزل بالطريقة نفسها.

وترى الناشطة النسوية الفرنسية-الكولومبية فلورانس توما في حديث مع وكالة فرانس برس أن “للعزل مغزى مختلفا بين الرجال والنساء اللواتي عزلن على مدى قرون”.

وتضيف أستاذة علم النفس الاجتماعي والمديرة السابقة لكلية علم النفس في جامعة بوغوتا الوطنية أن هذا الحجر الذي استمر لأسابيع عدة لا بل لأشهر “كان مأسويا” لكثير من النساء مع المزيد من العنف الأسري.

وفي كولومبيا، تلقى الخط الساخن للإبلاغ عن حالات العنف الأسري اتصالات تزيد بنسبة 175 في المئة عن الأيام العادية منذ بدء العزل في 25 مارس أي “أكثر بثلاث مرات تقريبا من 1595” حالة سجلت في الفترة نفسها من العام 2019 بحسب أرقام رسمية.

وتضيف توما وهي رائدة في النشاط النسوي في كولومبيا حيث تقيم منذ العام 1967 “الأمر صعب جدا على الرجال كذلك على الأرجح لأنه أمر جديد بالنسبة إليهم”. وأسست توما في كولومبيا “مجموعة المرأة والمجتمع” في 1985 للدفاع عن قضايا المرأة.

لكن العالمة فلورانس توما وهي أم لابنين ترى في العزل “تأثيرا إيجابيا” على صعيد الرجال لاسيما أنهم أدركوا حجم الأعمال المنزلية غير المدفوعة الأجر التي تقوم بها النساء.

وفي ما يتعلق بتأثير العزل على النساء أكدت توما أن العزل غيّر حياة النساء كثيرا والرجال أيضا لكن.. العزل له معنى مختلف للرجل منه للمرأة التي عزلت على مدى قرون. وأوضحت قائلة “وبمجرد أن بدأت المرأة الخروج وغزو الشارع والحانات والسهر.. طلب منها العودة إلى المنزل!”

وأضافت “كان من الضروري جدا عزلنا بسبب الجائحة. وهو شعور منفصل بالنسبة إلينا من أن نرسل مجددا إلى الدائرة المنزلية، إلى الداخل، مشيرة إلى أنه “يضاف إلى ذلك أن النساء مثلي في سن السابعة والسبعين غير معتادات على التكنولوجيا.. لا يمكنكم تصور معاناتي. أعطي دروسا لطلاب في الطب.. الحديث عبر هذه الوسائل معاناة والتحدث إلى شاشة أيضا. آمل بألا يكون عالم الغد على هذا الشكل!”

كما أكدت توما أنه يفترض أن يكون الأمر صعبا جدا على الرجال لأنه جديد بالنسبة إليهم. فلطالما ملك الرجال الخارج. فهم يتكلمون ويُستمع إليهم وهم يشغلون الشارع خلافا للنساء. وبيّنت أنه اليوم ومع بدء إسماع صوتنا مع حركة #مي تو على سبيل المثال وعندما بدأ الآخرون يصغون إلينا يطلب منا مجددا أن نصمت ونبقى في الداخل! وقالت ربما لا يراود كل النساء الشعور نفسه مثلي. لكنني أنتمي إلى جيل ناضل لكي يكون له اعتبار في الشارع ليكون له صوت، ناضل من أجل أن يتمكن من الخروج والسهر من دون أن تكون المرأة برفقة رجل بالضرورة.

كما نبهت توما إلى وجود آثار سلبية أخرى للعزل، موضحة أنه “على صعيد النساء كانت له آثار مأسوية بسبب عدم توافر أمور حيوية على صعيد الصحة مثل الإجهاض، لكن قبل ذلك، هناك العنف، فالعنف داخل العائلات ازداد ثلاث مرات. ولم تتخذ أي إجراءات سياسية أو توعوية للقول للنساء إنهن يحتفظن بالحقوق نفسها على صعيد الحياة الجنسية والحمل وما عدا ذلك”.

وفي مقابل ذلك شددت على ضرورة أن تظهر آثار إيجابية للعزل خاصة عندما نرى أن الرجال أدركوا على الأرجح معنى “اقتصاد الرعاية” أي تخصيص ساعات من العمل غير المدفوع الأجر لرعاية الآخرين ورفاههم ولتنظيف المنزل.

وتابعت “أمضت النساء وقتهن في تنظيف العالم على مدى قرون. وأظن أن الرجال أدركوا ذلك الآن قليلا. حتى ابني نيكولا اتصل بي في اليوم الثالث من العزل وسألني: أمي كيف أنظف المراحيض؟ أرى أن ثمة إيجابيات!”.

21