الناقدة شهلا العجيلي تبرز خصائص الجمالية للرواية العربية

"الهوية الجمالية للرواية العربية.. رؤية ما بعد استعمارية" كتاب نقدي جديد للروائية السورية شهلا العجيلي يقارب علاقة النص الروائي العربي منذ نشأته بسياقاته الثقافية.
الثلاثاء 2020/03/10
الرواية إبداع ما بعد استعماري

بيروت - تواصل الروائية والناقدة السورية شهلا العجيلي مشروعها الثقافي، وبعد عدد من المجموعات القصصية والروايات هاهي تصدر كتابا نقديا جديدا بعنوان “الهوية الجمالية للرواية العربية.. رؤية ما بعد استعمارية”.

في كتابها الجديد تقارب العجيلي علاقة النص الروائي العربي منذ نشأته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بسياقاته الثقافية، إلى تحول الدولة الدينية إلى دولة قومية، وما نتج عن ذلك من تغيير في شكل النص الروائي، أي الحالة الليبرالية التي تشكلت فيها هوية النص الروائي العربي على أساس الفردية في الرؤية الجمالية، والخروج من صناديق التيارات والمدارس بمعاييرها الجمالية المتعارف عليها، لاسيما خلال تسعينات القرن الماضي وصدر الألفية الثانية.

ويتوقف الكتاب أيضا عند علاقة النصوص بالمجتمعات العربية في تحولها السريع بعد الحراك الثوري الذي بدأ مطلع العقد الثاني من الألفية الثالثة إلى مجتمعات بلا مرجعية، بعد أن قوضت سلطاتها الدكتاتورية التاريخية، وعمدت إلى فكرة “قتل الأب”، عمليا لا رمزيا فحسب، فتحولت هذه المجتمعات في فترة لا تتعدى السنوات الخمس إلى مجتمعات تذويتية، أي تصنع مرجعياتها بشكل ذاتي، ومؤقت، ومجزوء، وبراغماتي، بعد أن تخلصت من مرجعياتها السابقة الكلية، المتمثلة بالسلطة السياسية الصادرة بشكل أو بآخر عن أيديولوجيا كبرى.

الكتاب يتوقف عند علاقة النصوص بالمجتمعات العربية في تحولها السريع بعد الحراك الثوري
الكتاب يتوقف عند علاقة النصوص بالمجتمعات العربية في تحولها السريع بعد الحراك الثوري

وتحرص العجيلي بوعيها النقدي على إثبات أن الرواية هي الشكل الفني الذي عبر عن الهجنة المعرفية التي نشأت عن صدام وعيين جماليين مختلفين، عربي وأوروبي، الذي أفضى في ما بعد التنوير إلى التخلي عن الوعي القديم التراثي النهضوي، وإلى اختيار الشكل الفني الأوروبي الجديد.

 ترى العجيلي أن المغايرة تبدأ عنيفة في مراحل الثورة على الوعي الجمالي الأقدم، فقد جاءت النصوص المبكرة محاولة تحقيق قطيعة معرفية مع القديم، لتستسلم لوعي الحداثة الجديد، لكنها شيئا فشيئا بدأت تقترب من أسئلة مجتمعها العربي، وتستفيد من تراثه السردي المتعلق بالثقافتين العالمة وغير العالمة، وتوظف كلا من السمات الأنثروبولوجية للنسق وما تحت الأدبي فيه، في هذا الشكل الروائي الجديد.

 وهكذا سارت المغامرة الجمالية للرواية في خط مواز للمغامرة الاجتماعية، فتحولت الرواية العربية من مغامرة جمالية إلى تجربة تمتلك الخبرة الجمالية، ويمكن الاحتكام إليها، إذ صارت نماذجها الجمالية معيارية، وصارت بنية دالة على ذاتها، وطالت المسافة الجمالية فيها، بتمايز التجربة الاجتماعية، وبنضج النماذج الجمالية، أي بما يسمى قوة التمييز الجمالي، وقد تركت وراءها صراعات التأصيل والتغريب، وبذلك تكون هذه التجربة الجمالية قد تحولت إلى عنصر في عملية الحياة ذاتها.

 ثم يدرس الكتاب الخصائص الجمالية للرواية العربية، بوصفها منتجا ما بعد استعماري، شكلت ثيمة الهوية عاملا رئيسا في صناعة تاريخه، وأن مجموعة الحكايات التي تكون مادة النص الروائي، تصير “أدلوجة” للنسق الثقافي، يتحكم بها موقع الراوي، ولغته، ورؤيته السردية، حيث يصير النص بديلا للجغرافيا المفقودة أو الجغرافيا الحلم، التي ترجوها نصوص الحراكات الثورية الأخيرة.

وكتاب “الهوية الجمالية للرواية العربية.. رؤية ما بعد استعمارية” صدر بالاشتراك بين منشورات ضفاف في بيروت، ومجاز في عمان، والاختلاف في الجزائر، يقع في 250 صفحة من الحجم المتوسط، ويضم بالإضافة إلى المقدمة خمسة فصول.

14