الميليشيات الشيعية تنفذ أمرا إيرانيا بالانحناء أمام العاصفة الأميركية

إيران تحاول تجنب نشوب حرب مع القوات الأميركية الأكثر تفوقا لكنها تسعى في الخفاء إلى الاعتماد على ميليشياتها للاستهداف مواقع أميركية ردا على مقتل قاسم سليماني.
الجمعة 2020/01/10
أشرس الميليشيات الشيعية في العراق وأكثرها ولاء لإيران

بغداد- تبرّأت “عصائب أهل الحقّ”، إحدى أشرس الميليشيات الشيعية في العراق وأكثرها ولاء لإيران، من شنّ هجمات على السفارة الأميركية في بغداد، وذلك في موقف بدا منسّقا مع طهران التي قد تكون وجّهت أمرا مباشرا لأذرعها في العراق بالتهدئة لتجنّب التعرّض لضربات من قبل القوات الأميركية على غرار الضربة الموجعة التي كانت قد وجّهتها مؤّخرا لميليشيا حزب الله العراقي في موقع لها بالقرب من الحدود مع سوريا.

ونفى قيادي في العصائب التي يتزعّمها قيس الخزعلي وقوف فصائل الحشد الشعبي وراء هجمات صاروخية متكررة استهدفت السفارة الأميركية في العاصمة بغداد. ومساء الأربعاء، سقط صاروخان في محيط السفارة التي تقع ضمن المنطقة الخضراء  شديدة التحصين وسط بغداد، دون وقوع خسائر بشرية.

وكان الهجوم هو الثالث من نوعه منذ مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي أبومهدي المهندس في غارة جوية أميركية قرب مطار بغداد الجمعة.

ولم تتبن أي جهة المسؤولية عن هذه الهجمات، لكن أصابع الاتهام وجهت إلى فصائل ضمن الحشد مقرّبة من إيران مثل كتائب حزب الله العراقي، وعصائب أهل الحق وحركة النجباء.

إيران أطلقت 16 صاروخا باليستيا قصير المدى الأربعاء وأن 11 صاروخا على الأقل من هذه الصواريخ أصابت قاعدة عين الأسد الجوية العراقية وأصاب واحد منشأة في أربيل

وقال القيادي في العصائب جواد الطليباوي في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية، إنّ “الحديث عن استهداف الحشد للمنطقة الخضراء كلام عار مِن الصحة وغير دقيق”.

ولفت إلى أن “الحشد ليس لديه أي عمليات عسكرية ضد السفارة الأميركية أو غيرها من التواجد العسكري الأجنبي”. وأضاف أنّ “الحشد لا يخالف أوامر القائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي)، وأن مهمته هي مساندة القوات الأمنية”.

وأشار الطليباوي إلى أنّ “قصف المنطقة الخضراء بالصواريخ قد يكون تصرفا انفعاليا وفرديا أو أنه محاولة من بعض الجهات لتشويه سمعة الحشد وخلط الأوراق”. ودعا الأطراف التي تقف وراء القصف إلى “الكف عن هذه الأعمال التي تسيء لفصائل الحشد”.

والأربعاء، قال قيس الخزعلي في بيان إن الرد العراقي على مقتل سليماني وأبومهدي المهندس لن يكون أقل من الرد الإيراني، في إشارة إلى هجوم شنته إيران بصواريخ باليستية على قاعدتين عسكريتين تستضيفان جنودا أميركيين في الأنبار غربي العراق وأربيل بشمال البلاد.

وقال محللون إن إيران، على الرغم من التصريحات النارية، أرادت تجنب نشوب حرب مع القوات الأميركية الأكثر تفوقا رغم أنها قد تلجأ إلى قوات حليفة في المنطقة. وقالت واشنطن إن لديها مؤشرات على أن طهران تطلب من حلفائها الإحجام عن أي عمل عسكري ضد القوات الأميركية.

وقال علي آلفونه، الزميل في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، “لا أتوقع المزيد من الهجمات المباشرة من إيران. سنشهد على الأرجح المزيد من الردود غير المباشرة عبر وكلاء”.

وقال مايك بنس نائب الرئيس الأميركي في تصريحات نقلتها قناة فوكس نيوز “لا نزال نتلقى معلومات عن تراجع إيران، لكننا سنبقى متيقظين تنفيذا لتوجيهات الرئيس”. وفي العراق سعت الفصائل الشيعية المعارضة للوجود الأميركي في البلاد إلى تهدئة الانفعالات التي تصاعدت في الأسابيع الأخيرة.

جواد الطليباوي: قصف المنطقة الخضراء يهدف إلى تشويه سمعة الحشد
جواد الطليباوي: قصف المنطقة الخضراء يهدف إلى تشويه سمعة الحشد

وقال مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي صاحب النفوذ الكبير والمناهض للتدخل الأميركي والإيراني في العراق، إن أزمة العراق انتهت ودعا الفصائل العراقية “إلى التأني والصبر وعدم البدء بالعمل العسكري”.

وقالت كتائب حزب الله، وهي فصيل عراقي مدعوم من إيران تتهمه الولايات المتحدة بتدبير هجوم في العراق في ديسمبر الماضي أودى بحياة متعاقد أميركي،  “في خضم هذه الظروف لا بد من تجنب الانفعالات لتحقيق أفضل النتائج المرجوة وفي مقدمتها طرد العدو الأميركي”.

وقالت واشنطن إن إيران أطلقت 16 صاروخا باليستيا قصير المدى الأربعاء وأن 11 صاروخا على الأقل من هذه الصواريخ أصابت قاعدة عين الأسد الجوية العراقية وأصاب واحد منشأة في أربيل.

وأظهرت صور بالأقمار الصناعية للقاعدة قبل وبعد الهجوم أضرارا طفيفة شملت حظائر طائرات. لكن المحللين قالوا إن الصور لا تكشف الكثير عن دقة أو فعالية تكنولوجيا الصواريخ الإيرانية.

وقالت مصادر حكومية أميركية وأوروبية إنها تعتقد أن إيران سعت متعمّدة لتجنب سقوط قتلى أو جرحى من الجنود الأميركيين في ضرباتها الصاروخية تلافيا للتصعيد.

وإثر الهجمات بدت القيادة الأميركية مرتاحة لما نتج عنها، فيما لم تستطع إيران إثبات أن هجماتها أوقعت بالفعل عشرات القتلى والجرحى في صفوف القوات الأميركية.

وفي أوضح تأكيد لمنحى التهدئة الإيراني قال علي حاجي زادة قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، الخميس، إنّ بلاده لم تسع من وراء قصف القاعدتين داخل الأراضي العراقية لقتل الجنود الأميركيين ولكنّ هدفها كان توجيه ضربة للمعدات العسكرية.

وأضاف زادة “لا شيء يمكن أن يعوض عن اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني حتى قتل الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه”. وتابع “ثمن دماء سليماني لا يؤخذ بضرب قواعد أميركية أو إسقاط طائرات استطلاع أو حتى قتل ترامب. بل الثمن هو إخراج القوات الأميركية من المنطقة”.

3