الموكتيل مشروب البهجة في الأجواء الشبابية الصاخبة دون كحول

عصائر طريفة تعوّض البيرة والويسكي في الحانات والمطاعم والنوادي الليلية وتجذب الشباب وخاصة الفتيات.
الجمعة 2019/09/06
شيرلي تيمبل مشروب الشباب

من يعتقد أن أجواء البهجة والفرحة في صفوف الشباب في حفلاتهم وجلساتهم تكتمل بالمشروبات الكحولية، فهو خاطئ لأن هؤلاء بفضل وعيهم الصحي أصبحوا يتناولون مشروبات خالية من المسكرات لكنها تجعلهم منطلقين وعفويين كما لو أنهم سكارى، لذلك بدأت تنتشر الحانات والمطاعم التي تقدم الكوكتيل الخالي من الشراب إلى زبائنهم في الدول الغربية.

 نيويورك – لا يستطيع شباب هذه الأيام في المدن وحتى في الأرياف، أن يستغنوا عن صخب الحياة الليلية وأجوائها الترفيهية، رقص في حضرة الأصدقاء والأحباب في آخر الأسبوع وفي العطلات، سهرات تجعلها الكحول حمراء، لكن ماذا لو كان الشباب لا يشربون المسكرات بكل أنواعها، أو تورطوا فيها وقرروا أن يتخلصوا منها، كما هو حال الشابة لوريلي باندروفتشي؟

منذ خمس سنوات، تخلّت باندروفتشي عن الشرب لمدة شهر واحد في يوم عيد ميلادها السابع والعشرين، كانت معتدلة واعتقدت أن الأمر سيكون سهلاً. كانت محقة، لكنها تعلمت الكثير عن نفسها في هذه المرحلة.

تقول باندروفتشي لوكالة أسوشيتيد برس “لقد أدركت أن الخروج دون شرب الكحول يمكن أن يكون شيئا ممتعا حقا، أدركت أنني شخص جميل ومنطلق وعفوي”.

 الجميع يستمتعون

انطلقت فكرة الموكتيل، اسم اتخذ ليختلف به عن الكوكتيل لخلوّه من الكحول، في حانة “ليسن بار” التي تقع في شارع بليكر ستريت وسط مدينة نيويورك، افتتحتها باندروفتشي في أقلّ من عام واحد فقط، الفكرة تتمحور حول الامتناع عن تقديم المشروبات الكحولية مرة في الشهر.

بدأت هذه الفكرة تنتشر في بارات عديدة من المدينة لتقدم لزبائنها “الموكتيلز” وهي عصائر خالية من الكحول لكنها تختلف عن الكوكتيلات السائدة.

35 بالمئة نسبة زيادة استهلاك  العصائر الخالية من الكحول في المطاعم والحانات الأميركية من عام 2016 إلى غاية هذا العام

هذا الموكتيل بدأ يجذب اليوم الكثير من الشباب أكثر من أيّ وقت مضى، ولاسيما منهم الفتيات، تقول أماندا توبر، المديرة المساعدة لأبحاث خدمات الأغذية في شركة أبحاث السوق العالمية “مينتل”، “إن هذه الزيادة المطردة تأتي كنتيجة لانخفاض عدد الأشخاص الذين يشربون الكحول بشكل عام بعيدا عن المنزل، كما أن نساء حركة ’مي تو’ يبحثن عن بيئة مريحة لتناول المشروبات”.

“مي تو” وتعني (أنا أيضا)، حركة مناهضة للتحرش الجنسي ظهرت على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي بعد أن بدأ في أكتوبر إطلاق الاتهامات للمنتج السينمائي الأميركي هارفي واينستين بالسلوك الجنسي غير اللائق.

قبل ذلك كانت خيارات من لا يحتسي النبيذ أو البيرة منحصرة بين الماء والمشروبات الغازية الغنية بالسكر، لكن الوضع تغير.

ولا يقتصر تقديم الموكتيلات اليوم على البارات فقط، حيث بدأت تنتشر أيضاً في المطاعم التي استنتجت أن عملاءها الذين لا يشربون الكحول يريدون أكثر من مجرّد كأس “شيرلي تيمبل” أو مشروب التوت البري مع السبريتز لما فيه من فوائد كثيرة.

وأصبحت هناك بدائل مبتكرة، على سبيل المثال مشروب “سيدليب” المقطّر من حب الهال، مع البهارات والبلوط، وهو مشروب يعوّض مشروب الجين المسكر.

وشهدت العصائر الخالية من الكحول زيادة بنسبة 35 بالمئة، وتصدّرت قائمة البارات والمطاعم للمشروبات من عام 2016 إلى هذا العام، وفقا لمينتل.

فرحة خالية من الكحول
فرحة خالية من الكحول

وقالت توبر، “إن 17 بالمئة من أصل 1200 شخصا شملهم الاستطلاع، والذين تتراوح أعمارهم بين 22 و24 عاما، ويشربون عادةً خارج المنزل، قالوا إنهم يفضّلون شرب الموكتيلات”.

وأضافت، “هذا الاهتمام مدفوع بشكل جزئي بحركة الاهتمام والمحافظة على الصحة، وتوافر مكوّنات عالية الجودة لاسيما وأن النادل يأخذ
عملية تحضير الموكتيلات بشكل أكثر جدية”.

وقالت توبر، “لقد بدأت الفكرة بالفعل منذ بضع سنوات في شهر يناير، عندما توقف المستهلكون عن شرب الكحول لهذا الشهر، لكنها تحوّلت إلى نمط حياة بعد ذلك”.

واستضاف “ليسن بار” مؤخرا، مسابقة لمتخصصي مزج الموكتيلات، الذين حضروا عصائر شملت العديد من المكوّنات مثل الحمضيات المقطرة، وشراب “سالو بانتو”، وعصير التفاح قليل الحموضة، ومشروب الموخيتو من الليمون الحامض الذي يتم إنتاجه مع الغلسرين، وفيرعوس، وهو عصير مضغوط من العنب غير الناضج.

عصير العنب غير الناضج مشروب من بنات أفكار فريد بيبي الذي يعمل نادلا في مطعم “صنداي” في بروكلين.

ولا يخلو مطعم “صنداي” من الكحول، لكن بيبي ساعد في إنشاء قائمة كبيرة للموكتيلات التي لا تقتصر فقط على خلط مكوّنات سكرية كما في الماضي، ولكن أيضا باستخدام مكوّنات جديدة وفريدة من نوعها.

مارني راي كلارك: أريد فقط أن أكون قادرة على الخروج مع صديقاتي وأن أشرب كوكتيلا لذيذا.. يتعلق الأمر حقا بالترويج للاندماج والتواصل في صناعة الضيافة

فعلى سبيل المثال، هناك موكتيل مستخلص من شجرة بالو سانتو التي تنمو في بيرو وفنزويلا وشبه جزيرة يوكاتان في المكسيك، وتستخدمها الشعوب على نطاق واسع في الوصفات العلاجية.

وتعني بالو سانتو في الإسبانية حرفيا “الخشب المقدس”، وهي شجرة من عائلة الحمضيات ولها رائحة حلوة، ويقال أيضا إن شجرة بالو سانتو تعزز الإبداع وتجلب الحظ الجيد لأولئك الذين هم منفتحون على سحرها.

ويقول بيبي “يجب أن يكون الجميع قادرين على تناول مشروب لذيذ في البار، فمفهوم الضيافة معناه التأكد من أن الجميع يستمتع بوقته”.

ويضيف، ” الكحول، بالنسبة لي، لم تعد الجزء الأكثر أهمية في الكوكتيلات، لكن العصائر الرائعة والصبغات ومزج المكوّنات وكل تلك الأشياء تضفي الكثير من المرح والمتعة”.

يزدحم “ليسن بار” بالزوّار كل شهر، كان المصور زاك هيلتي، 40 عاما، ضيفا لأول مرة في ليلة المسابقة، وقال إنه يشرب الخمر أحيانا، “أنا وصديقتي مهتمان بالجانب الصحّي بشكل أكبر”.

عصائر خالية من الكحول

وجاءت كات تيجان، 27 عاما من مدينة جيرسي بولاية نيوجيرسي، أيضا إلى البار ليلة المسابقة وأحضرت معها زميلها، عمار فاروقي، 26 عامًا، من ويليامز تاون في جنوب نيوجيرسي. كلاهما لا يشرب الكحول، قالت تيجان، التي تعمل لدى شركة أدوية، إن “ليسن بار” هو الوحيد الذي تجده في مانهاتن يقدّم الموكتيلات.

وتضيف تيجان قائلة عن شرب الكحول، “شرب الكحول لا يستهويني. لا أشعر بالمتعة إطلاقا، فضلا عن أنه باهظ الثمن. هناك طرق أفضل لقضاء ليلة سعيدة”.

وقال فاروقي، إن العديد من النُدُل يصنعون الكوكتيلات العادية، ولا يضيفون إليها الكحول إذا طلبت منهم ذلك، لكن هذا يختلف عن اختيار شيء من قائمة منفصلة. يكلّف مشروب الموكتيل عموما بضعة دولارات أقل من الكوكتيل، ولكن لا يزال من الصعب العثور على قائمة منفصلة للموكتيلات.

مدمنون متعافون

في بار “غيت واي” الذي تم افتتاجه في أبريل الماضي في حي غرينبوينت في بروكلين، يكلّف الموكتيل حوالي 13 دولارا، وهناك العديد من الأنواع مثل “بيبر ترين” الذي يحتوي على مزيج من عصير الليمون وشراب التبغ (من الأوراق ولا يحتوي على النيكوتين) والفانيليا، وسان بيليغرينو.

وهناك كذلك “تريب تو أيكيا”، وهو مزيج من التوت البري والليمون والفانيليا والهيل والقشدة.

عصائر خالية من الكحول

وقالت ريجينا ديليا، المالكة الشريكة لبار غيت واي، “يزدحم البار في عطلات نهاية الأسبوع”، مضيفة، “يتعافى شقيق شريكي من شرب الكحول، لكنه لم يكن يجد مكانا يخرج إليه ليلا، حيث يمكنه الالتقاء بالأصدقاء والتحدث إليهم”.

وبدأت بعض الشركات الكبرى في اتخاذ نفس المسار، فعلى سبيل المثال، تقوم شركات البيرة بعمل تجارب واختبارات لمشروبات خالية من الكحول، كما استحوذت شركة “كوكا كولا نورث أميركا” على إنتاج المياه الفوارة الشهيرة “توبو تشيكو”.

وتسمّي الشركة التي تحمل العلامة التجارية “سيد ليب” في بريطانيا نفسها كأول شركة تنتج المشروبات الخالية من الكحول في العالم، حيث تنتج الشركة مشروبات بثلاث نكهات مع مكوّنات مثل البازلاء المختارة يدويا من مزرعة بن برانسون في الريف الإنكليزي.

وفي “ليسن بار”، شرب كل من تيجان وفاروقي مشروب موكتيل يسمى “مي أهاوس بلانت”، وهو عبارة عن مزيج أخضر يتكون من تشكيلة من مشروب “سيد ليب غاردن 108” والخيار والليمون وزهرة “إلدار فلاور”، وتم تزيين كل كوب بقطعة خيار ضخمة.

هذا الموكتيل كان من اختراع جاك ماكغري، المؤسس المشارك لبار “ديد رابيت” الذي يقدم المشروبات الكحولية في مانهاتن وأحد متخصصي مزج الكوكتيلات. تعافى ماكغري من شرب الكحول منذ ثلاث سنوات، وصار أحد الحكام في المسابقة التي أقامها “ليسن بار”.

يقول ماكغري، “مفهومنا عن الموكتيل في وقت سابق كان بسيطاً للغاية، حيث كان فقط خليطاً من عصير الليمون وجعة الزنجبيل، لكن الناس يبحثون الآن عن التنوع، أنا معجب حقاً بالتشكيلة التي أراها الآن، لقد رأيت الكثير من الاتجاهات، وعندما يأتي الناس لطلب المشروبات غير الكحولية، فإن لديهم تشكيلة متنوعة للاختيار من بينها”.

عصائر خالية من الكحول

وتعافى أيضا كريس مارشال في أوستن، تكساس، من شرب الكحول منذ عام 2007. وأصبح مستشاراً للمتعافين من شرب المخدرات والكحول، وكان عملاؤه يشاركونه في كثير من الأحيان إحباطهم من عدم وجود ملهى ليلي خال من الكحول.

كان هذا دافعا وراء تأسيس مارشال لـ”سانس بار” في أوستن، ثم افتتاح الكثير من الفروع الأخرى في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك أنكوريج، وكينساس، وواشنطن، وبورتلاند، وسياتل، ونيويورك، وناشفيل، وسانت لويس.

وقال مارشال، “إن ردود الأفعال مشجعة للغاية، فعدم وجود دوائر اجتماعية هو الشيء الوحيد الذي يفتقر إليه الكثير من المتعافين بعد العلاج”.

وكانت مارني راي كلارك، التي تعيش خارج سياتل، مدمنة على الكحول، بعد تعافيها واجهت صراع الاختلاط بالمجتمع، فأنشأت مدوّنة في عام 2007 تتحدث فيها عن نمط حياة المتعافين بعد العلاج.

وأسست كلارك أسبوع “موكتيل ناشونال ويك” هذا العام، والذي من خلاله شجعت البارات والمطاعم على زيادة عدد مسابقات الموكتيلات الخاصة بهم.

قالت كلارك البالغة من العمر 51 عاما،”أريد فقط أن أكون قادرة على الخروج مع صديقاتي وأن أشرب كوكتيلا لذيذا.. يتعلق الأمر حقا بالترويج للاندماج والتواصل في صناعة الضيافة”.

20