المنطقة الشرقية بالمغرب تتهيأ لإقلاع اقتصادي حقيقي

يركز المغرب على جذب استثمارات كبيرة إلى المنطقة الشرقية من البلاد من شأنها أن تعطي دفعة جديدة للمنطقة وتساهم في النهوض بها وتنميتها، خاصة لما تتميز به من إمكانيات وقدرات تؤهلها لتصبح قطبا ومحركا اقتصاديا جديدا في المملكة.
ويتوقع وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أن تصبح جهة الشرق خلال زمن وجيز واحدة من أهم قاطرات التنمية بكفاءاتها الخاصة وبنيتها التحتية، وذلك من خلال المشاريع الكبرى التي تعمل عليها الوزارة لتواكب افتتاح ميناء الناظور غرب المتوسط.
رياض مزور: جهة الشرق ستصبح قاطرة للتنمية بالمغرب
عند اكتمالها ستؤمن المشاريع 10 آلاف فرصة عمل لمختلف الكفاءات بصفة مباشرة، و15 ألف أخرى بصفة غير مباشرة.
وأكد وزير الصناعة أن المسؤولين في الوزارة، على المستوى المركزي والمحلي، سيبذلون المزيد من التنسيق مع المركز الجهوي للاستثمار وباقي الشركاء، بغرض دعم المبادرة وتمويل المزيد من المشاريع الصناعية في المنطقة. ودعا الوزير مختلف الجهات الفاعلة والمسؤولين إلى العمل على توفير الأجواء المناسبة لاستقطاب ودعم الاستثمارات والحرص على استمرارها.
وقال رشيد ساري، الخبير الاقتصادي، في تصريح لـ”العرب” إن “المنطقة الشرقية بالمغرب عانت على مدى عقود من إهمال وعدم وجود فرص حقيقية لتحقيق إقلاع اقتصادي، لكن مؤخرا ومع الأحداث الاجتماعية التي كادت تعصف بالسلم الاجتماعي، خاصة بمدينة جرادة، سارعت الحكومة المغربية إلى إقامة وحدات صناعية بوجدة من ضمنها صناعات استخراج الغاز. وتشهد مدينة بركان، أيضا، ثورة في مجال الصناعات الزراعية”.
وأشار رشيد ساري، “المنطقة تنهي بالاستثمارات الحالية جمودا دام سنوات، لقد آن الأوان لتعيش رفاهية على المستوى الاجتماعي. ورغم أن البنية التحتية لا زالت في طور الإنشاء، إلا أن المنطقة مجهزة بشبكة من الطرقات تجعل منها نقطة عبور باتجاه المنطقة الشمالية وكل من فاس ومكناس”.
وفي محاولة لجذب الشركات الصناعية إلى المنطقة، صادق مجلس الجهة على اتفاقية شراكة تهدف إلى توطين الشركة العالمية “أ بي تيف سيرفس ماروك” لصناعة كوابل السيارات، وأيضا الشروع في بناء شركة أخرى لتصنيع الكوابل، تساهم في خلق 3500 فرصة عمل دائمة للشباب في المنطقة. إلى جانب عدد من المشاريع الكبرى المدرجة وقيد الإنجاز بمختلف القطاعات لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الجهة وتحسين جاذبيتها.
رشيد ساري: المنطقة الشرقية عانت عقودا من الإهمال
ويأمل المسؤولون في أن يساهم ميناء الناظور غرب المتوسط، الذي انطلق العمل به ومن المقرر الانتهاء من أعمال البناء مع نهاية العام 2022 الحالي، في إعطاء دفعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، من خلال تحسين القدرة التنافسية، وتعزيز جاذبية الاستثمارات الوطنية والدولية وخلق الثروة وفرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
ويشمل المشروع بعد الانتهاء من العمل به مجمعا صناعيا متكاملا، هذا إلى جانب ميناء مياه عميقة ضخم مجهز بقدرات كبيرة للتعامل مع الحاويات. إلى جانب منصة صناعية، تهدف إلى احتضان الأنشطة والمهن المتعلقة بإدارة الموانئ والتي سيتم إقامتها في منطقة حرة بفضاء الميناء، بهدف تسريع وتيرة التنمية بالمنطقة الشرقية، وتمكينها من القيام بدورها كاملا في إطار النموذج التنموي الجديد للمملكة.
وينتظر أن تضم الجهة الشرقية، التي احتلت مكانة متميزة في جميع الاستراتيجيات الطموحة للمملكة، مدينة للمهن وإعداد الكفاءات تتقدم أشغال إنجازها بوتيرة متسارعة، لضمان افتتاحها في الأشهر القليلة القادمة، وذلك لإحداث قفزة نوعية وكمية في مستوى التكوين المهني والنهوض بالكفاءات.
ورغم أن الاستثمارات في المناطق الصناعية ما زالت كما يقول رشيد ساري متواضعة، إذ لا تحتوي الجهة سوى على منطقة واحدة وفرت 3500 فرصة عمل، إلا أن أهم مشروع استثماري تشهده المنطقة هو إنشاء الميناء الذي سيساهم في توفير فرص عمل وإنشاء وحدات صناعية متنوعة سيكون لها بعد الانتهاء من العمل فيها دور في تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية.
ياسين زغلول: جامعة وجدة تعمل على دعم التكوين الرقمي
ومن هذا المنطلق وافقت الحكومة لشركة الناظور، مؤخرا، على تسجيل شركة تابعة لتطوير منطقة لوجستية وصناعية على خليج “بيطويا”، بهدف إحداث تنمية متكاملة في الجهة وتحقيق توازن أفضل للتنمية في المملكة.
وأبرز محافظ جهة الشرق، معاذ الجامعي، في فعاليات الدورة الخامسة لملتقى الرواد بوجدة نهاية الأسبوع الماضي، الجهود التي يقوم بها مختلف المعنيين بالنهوض بالوضع الاقتصادي للمنطقة الشرقية، بهدف الرفع من المردودية بما يسمح بالتنافس على المستوى المحلي والخارجي، مشددا على النهوض بالتكنولوجيا الرقمية، لمواكبة التطورات والتحولات التي يعرفها القطاع وطنيا ودوليا، داعيا إلى تكثيف الجهود من أجل تقوية حضور المنطقة الشرقية على المستوى الوطني.
وفي هذا الصدد قال رئيس جامعة محمد الأول بوجدة، ياسين زغلول، إن “الجامعة تعمل على دعم التكوين الرقمي، فهي تحتوي على فضاء مجهز يسمح بإعداد ألف طالب سنويا في مختلف المجالات الرقمية بهدف تمكينهم من الاندماج مباشرة في سوق العمل”.
ونظرا إلى ارتباط توطين الشركات العالمية والمحلية بالمنطقة الشرقية بتوفير بنية تحتية رقمية مهمة، أكد رئيس مجلس جهة الشرق، عبدالنبي بعوي، أن القطاع الرقمي يعتبر تحديا بالنسبة إلى مجلس الجهة، حيث يعتبر مشروع الرقمنة من أهم أولويات المجلس، مشيرا إلى أن أول مشروع سيخرج إلى حيز الوجود خلال الأسابيع المقبلة سيعمل على تشغيل أكثر من 500 شخص.