المنصات الأجنبية تعيد ترتيب الإنتاج الدرامي لـ"واتش - إت" المصرية

ازدادت حدة التنافس بين منصات البث الرقمي، ما فرض على بعضها إعادة دراسة السوق ونوعية الجمهور واهتماماته لتكون قادرة على تقديم إنتاج درامي قادر على جذب الجمهور. وتسير منصة "واتش – إت" المصرية في هذا الاتجاه، حيث تسعى بخططها الجديدة إلى ضمان استمراريتها، خاصة بتقديم أعمال درامية حصرية واختيار أسماء ناجحة للمشاركة في أعمالها مستقبلا.
القاهرة - تمضي منصة "واتش – إت" المصرية في طريقها نحو إنتاج المزيد من الأعمال الدرامية النوعية الخاصة بها، ما يُمكنها من منافسة منصات عربية وأجنبية أخرى حققت انتشاراً عبر تقديم محتويات من إنتاجها الخاص تتماشى مع أذواق المستخدمين من الشباب الذين يقبلون على المنصات ذات المضامين الجذابة لهم.
وأخذت المنصة المصرية تتخلى تدريجيا عن الجوانب الإعلامية التي تصدرت أهدافها منذ انطلاقها قبل ثلاثة أعوام، وتمنح الإنتاج الدرامي والسينمائي أولوية مهمة ضمن خطتها، بصورة تمكنها من الصمود في مواجهة المنصات الأجنبية.
وأنتجت "واتش – إت" أخيرا ثلاثة أعمال، هي: "تحقيق"، و"ريفو"، و"اتزان"، والأخير يجري الانتهاء من تصويره حاليا تمهيداً لعرضه خلال الأيام المقبلة، وجميعها أبطالها من الشباب وتعالج بعض همومهم الحياتية وتبرز قضاياهم من زوايا مجتمعية.
وقدمت المنصة في يوليو الماضي فيلم "جدران" وهو أول أعمالها السينمائية الحصرية وتزامن مع حملة ترويجية واسعة للمنصة، وظفت عرض الفيلم للإعلان عن تقديم عدد آخر من الأفلام المنتجة حديثًا، من بينها "أنت حبيبي وبس" و"عفريت ترانزيت" و"شاومينج"، على أمل أن تحقق الانتشار المطلوب وتبدو ندا قويا لمنصات عربية وأجنبية بدأت تكتسب قطاعا من الجمهور المصري العريض.

حقق مسلسل "ريفو" الذي يدور حول فرقة غنائية حصدت شهرة كبيرة في فترة التسعينات من القرن الماضي ونجحت في تطوير شكل الموسيقى، نسب مشاهدات مرتفعة ما كان دافعًا نحو الاستعانة ببطلي العمل، وهما المصري صدقي صخر والأردنية ركين سعد، للقيام ببطولة مسلسل “اتزان” بجانب مجموعة من الفنانين الموهوبين نجحوا في الوصول إلى فئات شبابية لها اهتمامات بمشاهدة ما تقدمه المنصات الرقمية من أعمال.
ودور أحداث "اتزان" حول عائلة سالم التي يختل اتزانها بعد فتح وصيته، فيحاول كل أفراد الأسرة السيطرة على النصيب الأكبر من الإرث، وهناك حرص على تقديم العمل بشكل مختلف عما عرض في الفترة الماضية من قصص مشابهة.
وتدرك المنصة المصرية أن التطورات التي تشهدها المنصات العربية وزيادة اهتمام منصتي “ديزني” و"نتفليكس" بمخاطبة الجمهور المصري يمكن أن تضعها في مرتبة متأخرة على مستوى اختيارات المستخدمين، ما يعُرضها لخسائر معنوية ومادية، وهو ما يشغل تفكير دوائر حكومية عديدة تستهدف الحفاظ على مفهوم الريادة الفنية المصرية في المنطقة العربية.
بدأت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المالكة لمنصة "واتش – إت" في تنفيذ إستراتيجية جديدة تتضمن توظيف المنصة لتكون عموداً رئيسيًا للاستثمار في صناعة المحتوى الترفيهي، وأعلنت نيتها التوسع في تقديم الأعمال الدرامية لمخاطبة الجمهور العربي واستقطاب المستخدمين من كافة دول العالم.
وقامت الخطة على إنتاج محتويات خاصة بالمنصة والتوسع في عمليات الاستحواذ على المحتوى الدرامي والسينمائي المصري، بجانب الاستفادة من محتويات درامية وسينمائية قديمة لعرضها بشكل رقمي ومتطور لتصل إلى المستخدمين حول العالم بجودة مرتفعة، مستفيدة من امتلاكها مكتبة فنية وإعلامية تضم محتوى تتخطى مدته 50 ألف ساعة من العروض المختلفة.
وقال الناقد الفني المصري رامي متولي إن "المنصة "واتش - إت" أخذت على عاقتها مؤخرا تغيير خطط عملها، لأن تصميمها المبدئي قبل ثلاث سنوات اعتمد على كونها منصة لها أهداف إعلامية أكبر وهو ما تطلب إدخال تعديلات واسعة على نظام التشغيل الخاص بها، وتزامنت التغييرات مع تقديم أعمال تتماشى مع جمهور المنصات من خلال البحث والتنقيب عن تقديم أعمال تنافس ما تقدمه المنصات العربية والأجنبية، ويمثل فيلم "جدران" تحولا في الاتجاهات الفنية للمنصة".
وأضاف في تصريح لـ"العرب" أن "المسلسلات التي قدمتها المنصة اختارت فيها أبطالها بعناية لجذب المستخدمين الشباب وقدمت قصصا متكاملة في إطار عام واضح بعيداً عن الأخطاء التي تشوب الأعمال الدرامية الطويلة المعروضة على شاشات التلفزيون، وتسير خطتها بصورة ثابتة ووفقًا لمعيار زمني تسعى عبره إلى دخول حلبة المنافسة بشكل جدي في العام المقبل".
وأوضح أن المنصة المصرية لا تعتبر نفسها في منافسة مباشرة مع المنصات العالمية مثل "ديزني" أو"نتفليكس" أو غيرهما، لأن منافسيها يتمثلون في المنصات التي تقدم محتويات ذات علاقة مباشرة بالجمهور في مصر ومنطقة شمال أفريقيا والدول العربية، مثل “شاهد” و”فيو” و"أو. إس. إن".
ويؤكد العديد من النقاد أن “واتش – إت” تمتلك ميزة مهمة تتمثل في تبعية ملكيتها للجهة المنتجة للأعمال الدرامية التلفزيونية في مصر (الشركة المتحدة للخدمات الإعلامة)، والتي تتحكم حاليًا في سوق الدراما ووضعت المعايير والآليات التي تضمن تقديم كافة المحتويات الدرامية من خلالها، بالتالي هي أمام فرصة مواتية لتوجيه قدر من ميزانيات الإنتاج الدرامي إلى أعمالها الخاصة على المنصة الرقمية.
وتمضي منصة “واتش – إت” في طريقها نحو المزيد من المزج بين المحتويات المعروضة على التلفزيون وبين ما تقدمه من أعمال درامية، وتحاول جذب جمهور الدراما التلفزيونية إلى المسلسلات القصيرة التي تشكل سمة سائدة في أعمال المنصات، لكن خطتها يجب أن تصاحبها عوامل جذب أكبر للمنصة وإتاحتها بأسعار تتماشى مع فئات لن يكون من السهل جذبها نحو المحتوى المدفوع.

وأشار الناقد الفني سمير الجمل إلى أن الإنتاج الرقمي يحقق مكاسب عديدة للمنصة التي تتحكم في قيمته المادية وطريقة عرضه وتوقيتها، وأن “واتش – إت” وغيرها من المنصات العربية تواجه مشكلات بشأن شروط شركات الإنتاج الدرامي في طرق العرض، وبالتالي فإن توجه المنصة المصرية سيعتمد على الإنتاج الحصري للشركة المتحدة إلى جانب تنشيط المحتويات القديمة.
وذكر في تصريح لـ"العرب" أن الاعتماد على الجوانب الإعلامية والتسويق لإذاعة البرامج الجديدة والقديمة على المنصة لم يحققا المرجو منهما حتى الآن، والدراسات التي أعدتها منذ افتتاحها أثبتت أن البرامج تفتقر إلى القدرة على أن تعيش فترات طويلة حتى مع حداثة عرضها تلفزيونياً، وأن الدراما هي العامل الأكبر في جذب الجمهور بشرائح مختلفة تخاطبها المنصة عبر تقديم الأعمال الكلاسيكية بتقنيات ومعالجات تجعلها أكثر وضوحاً مقارنة بعرضها على التلفزيون.
ولفت الجمل إلى أن نجاح المنصة في تحقيق أهدافها يرتبط بمدى قدرتها على إعادة الزخم إلى مؤلفي الأعمال الدرامية ليكونوا المتحكم الأول والأخير في المحتويات المعروضة بعيداً عن هيمنة بطل المسلسل الذي يحاول تطويعها لصالحه، وأن المسلسلات القصيرة ذات العشر حلقات تعتمد على قدرة المؤلف على تقديم قصة متكاملة في وقت قصير، كذلك الوضع بالنسبة إلى الأفلام القصيرة والوثائقية التي أصبحت من بين اهتمامات المنصة المصرية في الفترة الماضية ويمكن أن تتزايد أولويتها.
وأدخلت "واتش – إت" تعديلات على نظام استخدامها بما يساعدها على تسويق محتوياتها لمستخدمين من بقاع جغرافية مختلفة، ومنذ مارس الماضي أصبح التصفح أكثر سهولة من خلال الهواتف وشاشات التلفزيون الذكية وأجهزة الكمبيوتر، وتم تطوير مشغل الفيديو ليصبح أكثر سلاسة وتفاعلية مع المستخدم، بالإضافة إلى تطوير خاصية الحسابات الشخصية لأكثر من مستخدم في الاشتراك الواحد وغيرها من المزايا الجديدة التي تمت إضافتها إلى الشكل الجديد للمنصة.
وعند انطلاقها في العام 2019، أعلنت "واتش – إت" في بيان أن عدد مشتركيها خلال فترة الإتاحة المجانية بلغ مليوناً، وبعد مرور نحو عام أعلنت عن نجاحها في رفع عدد المشتركين فيها إلى مليون، وهو ما أثار جدلاً حول دقة أرقامها، ولم تفصح منذ ذلك الوقت عن أرقام مشتركيها.