المنزل لا المستشفى المكان الأفضل للأيام الأخيرة من الحياة

مصحات الميؤوس من شفائهم أو الذين على وشك الموت تعادل في التاريخ الإسلامي "التكايا" التي كانت تجمع المرضى والمسنين، وهي أمكنة ليست أفضل من المنزل لقضاء اللحظات الأخيرة بين الأهل والأحبة.
الثلاثاء 2015/10/20
جودة الرعاية تصرف الانتباه عن تجربة الموت القاسية

أكد خبراء بريطانيون أن قضاء المرضى الميؤوس من شفائهم الأيام الأخيرة من عمرهم في المنزل، وليس في المستشفيات قد يهوّن عليهم الإحساس الأليم بقرب نهاية الحياة.

وبينت دراسة أجريت على عينة تتكون من حوالي 350 مريضًا من كبار السن أن قضاء المريض الأيام الأخيرة من حياته برفقة عائلته يمكن أن يخفف من معاناته وأيضا من حزن أقاربه عليه في الأشهر الموالية لرحيله.

وقالت الباحثة باربارا غوميز إن الموت في المنزل يعزز الشعور بالاطمئنان أكثر من المستشفى، مشيرة إلى أن المريض الميؤوس من شفائه يحتاج إلى الدعم المعنوي من الأهل في الأشهر الثلاثة الأخيرة من حياته وهو ما لا يمكن أن يتوفر له في أحيان كثيرة في المستشفى.

وعلى الرغم من تَمَنّي كل انسان أن تكون وفاته في منزله، إلّا أن الإحصائيات تشير إلى أن معظم الوفيات في أغلب البلدان لا تزال تحدث بالمستشفيات الحكومية أو في دور المسنين، بسبب صعوبة تحديد موعد الوفاة في أغلب الحالات حتى بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مستعصية العلاج.

ولكن باحثين من جامعة نيو ساوث ويلز البريطانية يزعمون أن ذلك ليس بالأمر المستحيل فهناك مؤشرات واضحة قادرة على تحديد ما إذا كان المرضى المسنون سيموتون في غضون 30 يوماً من نقلهم إلى المستشفى.

واقترحوا إجراء فحص لـ29 مؤشراً صحياً، بما في ذلك السن والوهن ونوعية المرض والضعف العقلي وعدد المرات التي نقل فيها المريض إلى قسم الطوارئ بالمستشفى ومعدل ضربات القلب.

وأشاروا إلى أن هذه الاختبارات قد تساعد الأطباء والممرضين الذين غالباً ما يقعون تحت ضغط كبير ويطالبون بشفاء المرضى الميؤوس من شفائهم من التوقع ولو نسبياً بتاريخ الوفاة في غضون شهر أو 12 أسبوعا، وبالتالي التوفير على المرضى عناء الموت في المستشفيات ومنحهم الفرصة لقضاء الساعات الأخيرة في منازلهم برفقة أحبائهم.

الإيكونوميست: بريطانيا تتصدر مؤشر جودة الوفاة كأفضل مكان لـ\'الموت\' في العالم

وأوضحوا أن ذلك من شأنه أن يساعد على توفير الرعاية البديلة للمرضى الذين قد يكونون على حافة الموت، إضافةً إلى التقليل من خطر المعاناة من العلاجات الطبية غير الفعالة.

وترى الباحثة ماغنوليا كاردونا مورل أن الموت آت لا محالة حتى لو تم تأخيره ببعض الأدوية، التي قد ترهق الأهل بسبب ارتفاع التكاليف، بالإضافة إلى أنها تعرض المريض لتدخلات طبية جائرة لا تساهم بأي شكل من الأشكال في تحسين صحته، بقدر ما تؤدي إلى مزيد تدهور حالته، وبالتالي تكون سببا في إصابة أقاربه بالصدمة وإحباط العاملين في مجال الرعاية الصحية.

وأشارت إلى أن التقبل النسبي لدى البعض لسياسة تخفيض الجرعات العلاجية للمرضى الميؤوس من شفائهم، تقابلها أيضا ضغوط اجتماعية كبيرة تدفع إلى مواصلة إعطاء الدواء والاستفادة من التقدم التكنولوجي بهدف إطالة الحياة حتى في الحالات غير المجدية.

أما الباحثة كريستيان بولوك من جامعة نوتنغهام فتقوض الاعتقاد السائد بأن المنزل مكان مفضل لقضاء الشخص الساعات الأخيرة من حياته.

وقالت في هذا الشأن إن “الأدلة التي تشير إلى أن معظم الناس يفضلون الموت في المنزل ليست قوية كما كان يعتقد سابقا”.

وأوضحت أن “التركيز على مكان الوفاة كمؤشر رئيسي على جودة رعاية الساعات الأخيرة للإنسان قبل الموت يصرف الانتباه عن تجربة الموت”.

ودعت إلى تحسين خدمات الرعاية المقدمة لمن هم على مقربة من الموت أينما كانوا، سواء في المستشفيات أو في أي مكان آخر، مشيرة إلى أن الناس وهم على فراش الموت، لا يهمهم المكان بقدر ما يخشون الألم.

وأكدت أن جميع الحسابات حول الوفاة دون معاناة في المنزل لا تأخذ في الاعتبار واقع الألم وعدم الراحة التي يشعر بها المريض الذي يقضي ساعاته الأخيرة.

وأشارت إلى أن بعض المرضى يفضلون الموت في المستشفى، لأنهم ينظرون إليه على أنه مكان آمن، حيث يمكن التحكم في الأعراض التي يشعرون بها قبل الوفاة.

منظمة الصحة العالمية: يتلقى واحد من كل عشرة أشخاص العناية الملطفة، والتي تشمل الرعاية الطبية لتخفيف الألم للذين يعانون من أمراض خطيرة ومستعصية العلاج

ويأمل العديد من الخبراء أن تحفز دراساتهم التي أجريت في هذا المجال الحكومات في جميع أنحاء العالم على وضع برامج تهدف إلى تحسين الخدمات المقدمة في المستشفيات، وخصوصا منها الرعاية التلطيفية للمرضى الميؤوس من شفائهم حتى لا يشعرون بأن حياتهم لم يكن لها معنى.

ووفقا لنشرة صدرت مؤخرا عن منظمة الصحة العالمية، يتلقى واحد من كل عشرة أشخاص العناية الملطفة، والتي تشمل الرعاية الطبية لتخفيف الألم للذين يعانون من أمراض خطيرة ومستعصية العلاج.

كما تشير المنظمة إلى أن هناك أكثر من عشرين مليون مريض يحتاجون إلى الرعاية الملطفة في نهاية الحياة، ستة بالمئة منهم من الأطفال.

وكشفت مجلة الإيكونوميست في دراسة أسمتها “مؤشر جودة الوفاة” أن بريطانيا تتصدر قائمة دول العالم كأفضل مكان لـ”الموت” بناء على جودة الخدمات التي تقدمها في المجال الصحي ودور الرعاية للمرضى في سنواتهم الأخيرة، فيما جاءت الهند والصين في أسوأ المراتب.

واحتلت استراليا المركز الثاني ونيوزيلندا المركز الثالث، وشملت المراكز العشرة الأولى أيضا كل من جمهورية أيرلندا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة.

ووجدت الدراسة التي أجريت على ثمانين دولة أن ما يقارب 85 بالمئة من سكان العالم لا يستطيعون الوصول لخدمات جيدة لنهاية الحياة.

وأوضح المشرفون عليها أن عدد المختصين أقل من احتياجات المرضى”، مشيرين إلى توفر طبيب مختص واحد في العالم لكل 1200 مريض ميؤوس من شفائهم.

21