المفتي الصادق الغرياني على رأس حملة ضد المهاجرين الأفارقة في ليبيا

تحريض الغرياني على المهاجرين مثال صارخ على التناقض بين دوره كرجل دين وبين مواقفه المتعصبة.
السبت 2025/03/15
تصريحات مفاجئة ضد المهاجرين

طرابلس - فاجأت تصريحات أدلى بها مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني المحرضة على المهاجرين الأفارقة الأوساط الحقوقية، خاصة أنها أتت في ظل حملة بدأت تتصاعد منذ أيام يقودها نشطاء ونواب وعلى رأسهم الغرياني.

وفي خطوة تثير قلقا أمميا وحقوقيا كبيرا على المهاجرين الذين تشير تقارير منذ سنوات إلى تعرضهم لسوء المعاملة في ليبيا، خرج الجمعة نشطاء في مدن ليبيا الكبرى للتظاهر ضد ما اعتبروه “توطينا للمهاجرين”.

وسعى الغرياني إلى تأجيج الغضب من خلال برنامج “الإسلام والحياة” عبر قناة “التناصح”، حيث قال إن الغرب يريد توطين المهاجرين الأفارقة في ليبيا، بينما المفروض أن يُزجّ بهم في السجون ويرحّلوا إلى بلدانهم.

محمد لاغا: البعثة الأممية تعرب عن قلقها إزاء خطاب الكراهية ضد المهاجرين
محمد لاغا: البعثة الأممية تعرب عن قلقها إزاء خطاب الكراهية ضد المهاجرين

وأضاف أن أي شخص يدخل بلدا بشكل غير قانوني يحال إلى القضاء والنيابات ويوضع في السجن ويُردّ إلى بلده، لكن الغرب يريد منا أن نضيّف المهاجرين الأفارقة.

وتابع “المهاجرون الأفارقة النازحون هربا من الحرب يتركهم الغرب في البحر للحيتان، ومن يرجع منهم إلى ليبيا يطلبون منا توطينهم. الغرب يريد منا توطينهم، وأن نعطيهم إقامات ونصرف عليهم ويحصلوا على البنزين والكهرباء مجانا ولا يدفعون ضرائب، وهذا يعتبر استهزاء واحتقارًا لليبيا من المستبدين في الأرض الذين لا يبالون بنا ويريدون أن تكون بلادنا فوضى.”

وزاد الغرياني “على الرؤساء والحكومات أن ينتصروا لأنفسهم، وكفى استهزاءً بهم واحتقارًا لهم من الأميركان والمجرمين والظلمة، وعلى الشعوب النائمة أن تنتفض انتصارًا للمستضعفين.”

واعتبر أن “مزاعم الغرب لحقوق الإنسان كذبة، والرئيس الأميركي أمر بطرد المتظاهرين المطالبين بحرية الرأي وحقوق المظلومين غير الأميركيين، وغير أصحاب ‘العيون الزرق’.”

وأردف قائلا “عندما يُهجّر الأوكرانيون تستقبلهم أوروبا بالورود وفرص العمل وتقدم لهم الاعتذار والخدمات، وعندما يُهجر السوريون يُجلدون بالسياط ويرمونهم في البحر، لأنهم مسلمون مستضعفون وفقراء وغير نصارى أو يهود.”

 

ويعد تحريض الغرياني على المهاجرين مثالا صارخا على التناقض بين دوره كرجل دين وبين مواقفه المتعصبة حيث من المفترض أن يكون رجل الدين حاملا لقيم التسامح والرحمة.

وشهدت المدن الليبية الكبرى الجمعة ما سمي بيوم الغضب ضد توطين المهاجرين غير الشرعيين، وأطلق عليه بعض الناشطين “جمعة طرد الأفارقة من ليبيا”، فيما ارتفعت عبارات التهديد ضدهم والمناداة بطردهم من مواقع إقاماتهم وخاصة في مدن غرب البلاد. واستبقت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التحركات الاحتجاجية بالتعبير عن بالغ قلقها إزاء ما وصفته بحملة المعلومات المضللة التي تؤجج التوتر في ليبيا وتحضّ على خطاب الكراهية ضد اللاجئين والمهاجرين.

وأكدت البعثة أنها تدرك التزام السلطات الوطنية والبلديات في ليبيا بمعالجة شواغل الشارع الليبي، مشيرة إلى أن جهود الأمم المتحدة في دعم تلك السلطات في إدارة ملف الهجرة تتماشى مع الأولويات الوطنية لليبيا ومع التأكيد على أهمية الحفاظ على سيادة البلاد.

وأوضحت في بيان أن المعلومات المضللة لا تؤدي إلا إلى تفشي الخوف وحالة العداء، داعية كل المعنيين بالأمر إلى الامتناع عن تداول المعلومات المضللة، وضمان أن يكون الخطاب العام قائمًا على الحقائق، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.

◙ خطاب الكراهية ضد الأفارقة بات سائدا في أغلب مناطق ليبيا وهناك حملات عدائية على مواقع التواصل الاجتماعي ضد أصحاب البشرة السوداء

وتعرضت البعثة لانتقادات واسعة بسبب موقفها هذا، واتهمها عضو الهيئة التأسيسية لمشروع صياغة الدستور محمد لاغا بالدفاع عن توطين المهاجرين في ليبيا.

وقال لاغا “البعثة الأممية تعرب عن قلقها إزاء خطاب الكراهية ضد المهاجرين، نحن كذلك ضد خطاب الكراهية، لكن السؤال: من هي البعثة؟ الجواب: هي مجموعة من الدول التي تسعى إلى توطين المهاجرين في ليبيا، وبالتالي من الطبيعي أن تدافع تلك الدول عن مشروعها مرتدية جلباب البعثة.”

وأمهل سكان مدينة تاجوراء، التي تعد إحدى النقاط المهمة لتجمع المهاجرين غير الشرعيين، الأجهزة الأمنية 72 ساعة لإخلاء المدينة من المهاجرين غير الشرعيين، وزعموا أنهم يتعرضون لمضايقات وسوء سلوك من العمالة الأفريقية، متهمين إياها بالضلوع في عمليات سرقة وانتهاك للحرمات. وتوعد أصحاب البيان باتخاذ “إجراءات حاسمة لاستئصال كل ما هو مشين في منطقتهم” في حال عدم إخراج هؤلاء المهاجرين.

ويرى مراقبون أن خطاب الكراهية ضد الأفارقة بات سائدا في أغلب مناطق ليبيا، وأن هناك حملات عدائية على مواقع التواصل الاجتماعي ضد أصحاب البشرة السوداء، وهو ما ينذر بممارسة العنف ضد المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء كما حدث بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011.

وقالت إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية في غرب ليبيا إنها شنّت حملة لمعاينة مساكن العمالة الوافدة في مصراتة بهدف ضبط المخالفين، مشيرة إلى أن دوريات الفرع ضبطت عددا من المهاجرين غير النظاميين، وسجّلت عددا من المخالفات الصحية والبيئية والقانونية.

ودعت إدارة إنفاذ القانون المواطنين، الذين يؤجرون المساكن للعمالة الوافدة، إلى “ضرورة الحصول على التصاريح اللازمة من الجهات المختصة، والالتزام بجميع الضوابط القانونية والاشتراطات الصحية،” متوعدة بمواصلة “متابعة هذه المساكن بشكل دوري، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقّ جميع المخالفين.”

ووجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة رسالة تهدئة إلى الليبيين عندما نفى نية حكومته توطين المهاجرين في ليبيا، مشيرا إلى أن ليبيا لن تكون موطنا للهجرة غير الشرعية.

وقال خلال اجتماع لمناقشة تداعيات ملف الهجرة غير الشرعية إن أمن الليبيين خط أحمر، وأكد على رفض أي تسوية من شأنها توطين المهاجرين، وشدد على أن ليبيا لن تتحمل وحدها أعباء مراقبة الحدود، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى تقديم الدعم اللازم لمواجهة موجات المهاجرين.

1