المغرب يمنح صناعة العقارات جرعة إنعاش بدعم تملك المساكن

قانون جديد يتضمن آليات تنظيم البرنامج والشراكة والفئات المستهدفة.
الخميس 2023/06/01
هل لديكم فكرة كم بلغت أسعار الوحدات اليوم؟

يعمل المغرب على تسريع خطواته لإعطاء صناعة العقارات دفعة قوية نحو الخروج من كبواته عبر مقاربة جديدة تسهم في تحقيق هدف مزدوج يتمثل في إنعاش شركات التطوير، وفي الوقت ذاته إزالة العقبات أمام الطبقات الضعيفة لتملك المنازل بما يدعم خطط التنمية.

الرباط – أكدت الحكومة المغربية أنها ماضية في سن قانون خاص يتعلق بالدعم المباشر للأسر حتى تتمكن من تملك المنازل، في خطوة ستمنح قطاع العقارات برمته جرعة تحفيز هو في أمس الحاجة إليها.

ويأمل المسؤولون في تسريع وتيرة إنتاج السكن وتوفير وتنويع المعروض للاستجابة لطلبات مختلف شرائح المجتمع، مع تأهيل القطاع إطلاق العديد من البرامج السكنية.

وقالت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة الإسكان، في رد على سؤال برلماني مؤخرا إن “القانون يتضمن آليات تأطير وأيضا الفئات المستهدفة وشروط منح الدعم”.

وأوضحت أن هذا ستنتج عنه ديناميكية جديدة لعملية شراء المنازل وإعطاء نفس جديد للقطاع والذي تأثر منذ سنة 2020 من تداعيات جائحة كورونا، بالتزامن مع انتهاء التعاقد في إطار برامج السكن الاجتماعي.

فاطمة المنصوري: الخطة ستعطي ديناميكية لعمليات الشراء وتحرك النشاط
فاطمة المنصوري: الخطة ستعطي ديناميكية لعمليات الشراء وتحرك النشاط

وتنكب وزارة الإسكان منذ فترة على مراجعة الآليات الشاملة للتعاقد الخاص بالسكن الاجتماعي وسكن الطبقة المتوسطة، والتي تهدف إلى دعم القدرة الشرائية للمستفيدين عبر حلول مبتكرة تقوم على طرق تمويل جديدة تفضي إلى الحصول على سكن ميسر وملائم.

وتسعى الحكومة إلى تنفيذ خطتها الجديدة عبر تحديد أسعار السكن مع المستثمرين الذين يتولون البناء عن طريق تقديم دعم للأسر ذات الدخل المنخفض، التي ترغب في شراء وحدة تصل قيمتها إلى 300 ألف درهم (29.4 ألف دولار) متضمنة جميع الرسوم والضرائب.

كما تستهدف توفير دعم مباشر للأسر المنتمية إلى الطبقة المتوسطة، التي تنوي شراء شقة في حدود 600 ألف درهم (58.8 ألف دولار). ولم تحظ هذه الطبق في السابق بعروض لتشجيعها على شراء العقارات.

ويراد من الدعم المباشر لهاتين الفئتين، الذي لم تحدده الحكومة بعد، حلّ مشكلة توقف البعض من مشاريع التطوير العقاري عن توفير شقق لهما بقيمة مناسبة.

وتطرح الفجوة السكنية تحديات كبيرة أمام السلطات، حيث تعاني العديد من الأسر من انعدام السكن اللائق في ظل وضعياتها الاقتصادية الهشة.

وأعلنت الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين أن دخول الدعم المباشر للمشترين حيز التنفيذ سيكون خلال العام المقبل، وأن الانتهاء من صياغة النصوص المتعلقة به سيتم خلال هذه السنة.

ونظرا لكون العقارات الموجهة للسكن محركا مهما لسوق العمل، لفت أنس بنجلون، نائب رئيس الفيدرالية، إلى مساهمة المنظمة في بلورة مشروع القانون المتعلق بالدعم المباشر المزمع تطبيقه.

وكشف بنجلون أثناء ندوة بالدار البيضاء جمعت العاملين بقطاع العقارات تحت عنوان “السوق العقارية: متى يحين الإقلاع؟” مؤخرا أن ثمة طلبا على شراء المنازل، لكن هناك حاجة إلى دعم مسارات نمو قطاع العقار حتى يستعيد مكانته في تعزيز روافد الاقتصاد.

وأوضح أن هذا النشاط أفرز إيرادات ضريبية مهمة للدولة كانت قد دفعتها شركات القطاع التي ساهمت في هذه الحركية.

الفئات المستهدفة

● الأسر ذات الدخل المنخفض الراغبة في شراء وحدة تبلغ 29.4 ألف دولار

● أسر الطبقة المتوسطة التي تنوي شراء شقة في حدود 58.8 ألف دولار

ووضعت الحكومة شروطا استباقية للاستفادة من الدعم المباشر المعلن عنه، وفق ميزانية 2023، وهو “أن يكون السكن محل الشراء هو الأول، وأن يكون المستفيد مغربيا، وأن تستغل الوحدة من جانب المشتري كسكن رئيسي لمدة أربع سنوات”.

وتتضمن الشروط كذلك “الإقرار بأحقية الدولة في استعادة الدعم الذي قدمته للمستفيد في حال الإخلال بالتزامات الشخص المستفيد”.

ويترقب العاملون بالقطاع صدور مقتضيات مرسوم الدعم المباشر لفائدة المستفيدين لتصفح حيثياته، وقد أشاروا إلى أن هناك العديد من الحلول من قبيل تخفيف الضغط الضريبي وتقليص الأسعار التي يمكنها أن تلعب نفس دور الصيغة الجديدة المقترحة.

وحول مشاركة القطاع المصرفي في صياغة مشروع مرسوم “الدعم المباشر”، أكد طارق بوساغ، مدير البنك العقاري والسياحي، أن المؤسسات الائتمانية قدمت مقترحاتها عن طريق التجمع المهني لبنوك المغرب.

وأوضح أنها قدمت رأيها في كيفيات تمويل التطوير العقاري بشكل عام، مذكرا بما قامت به هذه المؤسسات خلال مشروع “مدن بدون صفيح” من خلال منحها قروضا بفائدة اثنين في المئة.

وحسب نشرة للبنك المركزي والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، سجلت معاملات الممتلكات السكنية انخفاضا في الربع الأول من العام الجاري بنحو 17.3 في المئة مقارنة مع الربع الأخير من 2022.

كما تقلصت معاملات الأراضي خلال الفترة ذاتها بنحو 10.6 في المئة، وأيضا تراجعت مبيعات الشقق بنحو 17.5 في المئة والمنازل بواقع 18 في المئة والفيلات بـ4.2 في المئة.

وأوضح المركزي والوكالة أن الأسعار شهدت ارتفاعا على أساس فصلي بمدينتي الرباط ومراكش بنسب بلغت تواليا 5 و0.7 في المئة، بينما سجلت تراجعا في الدار البيضاء وطنجة بنسب بلغت تواليا 0.1 و0.7 في المئة، وذلك مقارنة بالربع السابق.

إدريس الفينة: المساعدة المباشرة لا تمثل الحل المناسب لتحفيز القطاع
إدريس الفينة: المساعدة المباشرة لا تمثل الحل المناسب لتحفيز القطاع

ويعزو الخبير الاقتصادي إدريس الفينة مشاكل القطاع إلى غياب رؤية واضحة لبناء المساكن، والذي يعتبر المستهلك الأول للإسمنت، إلى جانب الضغط الضريبي الذي عانى منه منذ 2010، وارتفاع تكلفة الأراضي وإلغاء الاستثناءات في مجال الاستثمار العقاري.

وقال الفينة في تصريح لـ”العرب” إن “المساعدة المباشرة لا تمثل الحل المناسب لتحفيز القطاع”، مطالبا بتقديم حلول وإجراءات أخرى “أكثر ذكاء” حتى يتمكن من النمو وتحريك الناتج المحلي الإجمالي بشكل أفضل.

وأكدت فيدرالية المنعشين العقاريين أن المطورين بالمدن الساحلية مثل الدار البيضاء، أصبحوا يئنون تحت وطأة ارتفاع تكلفة التطوير الذي يمثل بهذه المناطق 50 في المئة من تكلفة المنتج النهائي.

وتسببت أسعار مواد البناء جراء التضخم وجراء بعض الممارسات “المشبوهة”، التي تم إشعار مجلس المنافسة بفحواها، في جعل الوحدة السكنية الواحدة مكلفة.

وأكد أهل القطاع لـ”العرب” أن وضعية السوق تأثرت بشكل مباشر بأزمة الوباء والتضخم الحالي، وأدى ذلك إلى التراجع الحالي، مقارنة مع مجالات أخرى أصبحت تحقق عوائد مريحة، إضافة إلى تأخر صدور إجراءات الدعم المباشر لفائدة المشترين.

ويرى خالد بنعيش، من فاليانس كونسولتينغ الرباط ـ الدارالبيضاء، أن العقارات الموجهة للسكن تبقى محركا مهما للتشغيل، داعيا إلى تسريع مشروع الدعم المباشر بالنظر إلى إيجابياته وطموحاته، خاصة في ظل وجد سجل اجتماعي موحد يسهل عملية الجرد.

وتمنح السلطات لكل شركة من شركات السكن الاجتماعي دعما ضريبيا يقدر بنحو 5.3 ألف دولار عن كل شقة، بهدف تشجيعها على بناء مساكن للطبقات الهشة والمتوسطة.

11