المغرب يكرس انفتاحه على الاستثمار في الطاقة النظيفة

حظي نموذج المغرب المتعلق بترسيخ دعائم الطاقة المستدامة بالانفتاح أكثر على الاستثمار بشهادة ثقة جديدة كونه يساهم في تثبيت تجربته ليس في أفريقيا فقط، بل وفي مناطق أخرى من العالم خاصة وأن للبلد خطة طموحة تتمحور حول الاستفادة القصوى مما توفره المصادر النظيفة.
الرباط- يسعى المغرب إلى أن يكون شريكا استراتيجيا يمكن الاعتماد عليه في مناطق تتجاوز حدود القارة الأفريقية، وذلك بالنظر لما يتسلح به من مزايا كثيرة تخول له تحقيق التحول في الطاقة ومساعدة الدول على السير في هذا الطريق.
ويؤكد الخبراء أن مشاريع الطاقات الشمسية والرياح والكهرومائية وإنتاج الهيدروجين الأخضر تجعل البلد يتموقع كمنصة فعالة للإنتاج والتصدير على المستوى الإقليمي واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.

أشرف ترسيم: البنك الأفريقي للتنمية استثمر 4 مليار دولار في المغرب
واعتبر الرئيس التنفيذي لمجموعة أكوا باور السعودية بادي بادماناتان خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس مؤخرا، أن المغرب أطلق “ثورة في الطاقات المتجددة” وأن لديه المؤهلات والمناخ الملائم للاستثمار في هذا المجال.
وسلط بادماناتان الضوء على الإنجازات ومظاهر التقدم المحرزة من طرف المغرب في مجال إنتاج الطاقة الشمسية والرياح.
ويدعم البنك الأفريقي للتنمية تنمية القطاع بالمغرب، الذي يطمح إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى أكثر من النصف بنهاية العقد الحالي.
وعلى هامش المؤتمر السنوي للبنك الذي عقد بالعاصمة الغانية أكرا بين 23 و27 مايو الماضي، قال ممثله في المغرب أشرف ترسيم إن “استثمارات البنك في هذا المجال حاضرة ويمتلك خبرة في تمويل المشاريع المهيكلة”.
وأوضح أن استثمارات البنك تصل إلى 4 مليارات دولار تشمل مشاريع الطاقة الشمسية المركزة واسعة النطاق في المغرب كأحد أكبر المشاريع في العالم.
وطور المغرب، الذي سبق جيرانه في منطقة شمال أفريقيا لوضع أسس قوية للقطاع، في السنوات الأخيرة استراتيجية بهدف الانتقال من بلد يستورد كل احتياجاته من النفط والغاز إلى منتج للطاقة المتجددة بغية تحقيق أمن الطاقة.
وتقول وزارة انتقال الطاقة أن البلد يتطلع إلى أن يكون قبلة للاستثمارات الأجنبية في هذا المجال الواعد بعدما طرح العديد من المشاريع في هذا المضمار.

ليلى بنعلي: نواصل جهودنا لتطوير القوانين لجذب القطاع الخاص
وأكدت وزيرة انتقال الطاقة والتنمية المستدامة ليلى بنعلي أن بلدها يولي تعزيز التعاون الدولي أهمية خاصة عبر تطوير علاقات استراتيجية مع العديد من المنظمات والدول، بهدف استقطاب الاستثمارات ونقل التكنولوجيات في القطاع.
وقالت خلال منتدى رؤساء ورئيسات المؤسسات التشريعية في أميركا الوسطى وحوض الكاريبي والمكسيك الذي استضافه المغرب قبل أيام، إنه “لتفعيل البرامج والمشروعات المتعلقة بالطاقة المتجددة، نواصل جهودنا لتطوير ترسانة قانونية وتنظيمية ومؤسسية، لتوفير المناخ والإطار بما يشجع الاستثمار الخاص في المجال”.
ويُعد المغرب رائدا في المجال، حيث سجل نمو سعة طاقة إنتاج من المصادر المستدامة بنحو 37 في المئة بنهاية العام الماضي. ومن المفترض أن تصل إلى 52 في المئة بحلول عام 2030، منها 20 في المئة من المتوقع أن تأتي من الطاقة الشمسية.
وتقول أمينة بنخضراء المديرة العامة لمكتب الهيدروكاربونات والمعادن أن بلدها وبفضل ديناميكيته للتنمية المستدامة والإمكانيات التي يزخر بها وقربه من الأسواق الأوروبية والابتكار والسياسة المناخية الطموحة التي أطلقها الملك محمد السادس، يتموقع بشكل مثالي، لانتهاز الفرص المتاحة وإرساء شراكات مربحة.
وتوقع خبراء في الطاقة، أن تكون السنوات المقبلة عقد الطاقات النظيفة في المغرب عبر الشراكات التي تمّ الوصول إليها في الفترة السابقة.

بادي بادماناتان: المغرب أطلق ثورة ولديه مؤهلات ومناخ ملائم للاستثمار
ولكن في الوقت ذاته شددوا على ضرورة إعادة النظر بالتشريعات المرتبطة بقطاع الطاقة، ومراجعتها في سبيل العمل على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وأظهرت دراسة جديدة لمؤسسة حلول الطاقة لأفريقيا “آر.إي.أس فور أفريكا”، ومقرها روما، أن المغرب بحاجة إلى الاستثمار في إمدادات طاقة كافية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.
وأوضحت الدراسة أن عليه إجراء تطويرات في بيئة الاستثمار وتحسين الأطر التنظيمية للاتصال بشبكة الجهد المنخفض التي تعرقل الاستثمارات حاليا، وتبطئ من استيعاب مخطط الاستهلاك الذاتي للطاقة المستدامة.
وتم الشروع في بلورة خارطة طريق لاستغلال طاقة التيارات البحرية، ومشروع لتزويد المناطق الصناعية بالطاقة المتجددة، لتطوير نسيج صناعي محلي خال من الكربون.
وفي دليل على حرصه على المضي في هذا التمشي رخصت السلطات لأول مشروع بمنطقة القنيطرة بقدرات 50 ميغاواط، وستعقبه مشاريع أخرى وهي قيد الدراسة من أجل تزويد باقي المناطق الصناعية في البلاد بالطاقة النظيفة.
وعلى صعيد التشريعات المرتبطة بتحفيز الاستثمار في الطاقة ومراجعتها لتتلاءم مع الاستثمار المحلي والأجنبي، تم إصدار قانونين، الأول خاص بالهيدروجين، والثاني يتعلّق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية والذي يعتبر إطارا تحفيزيا وفرصة سانحة للقطاع الخاص.
وحسب إحصائيات وزارة انتقال الطاقة، تم خلال الفترة بين 2009 إلى 2021 إنجاز ما مجموعه نحو 2261 ميغاواط، باستثمار يناهز 5.4 مليار دولار، كما يوجد نحو 59 مشروعا قيد التطوير أو التنفيذ، بقدرة إجمالية تفوق 4.5 ميغاواط.
المغرب طور في السنوات الأخيرة استراتيجية بهدف الانتقال من بلد يستورد كل احتياجاته من النفط والغاز إلى منتج للطاقة المتجددة بغية تحقيق أمن الطاقة
وإلى جانب الآفاق الاستثمارية الواعدة التي يقدمها المغرب مدعومة ببنية تنظيمية، أبرز عبدالإله بن يوسف عضو أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، دور الطاقات المتجددة وتطبيقاتها في ما يخص تحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كهربائية.
وأشار إلى تطبيقات أخرى كتحويل الطاقة الشمسية إلى غاز الهيدروجين باستثمارات تصل إلى نحو 5.5 مليار دولار.
ويهدف نموذج الطاقة البديلة إلى تطوير نموذج صناعي وتوفير فرص عمل جديدة، ويدعم هذا الطموح إنشاء أول مصنع لشفرات توربينات الرياح في المنطقة بقدرة ألف ميغاواط سنويا لتزويد السوق المحلية ومن ثم التصدير إلى الخارج.
كما تم إنجاز منصة البحث للطاقة الخضراء، وأخرى للبنايات الخضراء، وثالثة للهيدروجين، وإلى جانب ذلك استحدثت عدة معاهد في مهن الطاقة والطاقات المتجددة بالجامعات والمدارس المغربية.