المغرب يفرض ترشيد نفقات البلديات لمواجهة تبديد الموارد المالية

السلطات المغربية تراقب كل الصفقات العمومية التي يتم التوقيع عليها من طرف رؤساء المجالس البلدية.
الاثنين 2022/05/23
مراقبة نفقات الأعضاء المنتخبين الجدد في المجالس البلدية

الرباط - تعكف الحكومة المغربية على ترشيد نفقات المجالس البلدية من أجل مواجهة إهدار الموارد المالية، في ظل ارتفاع الأسعار وندرة الموارد الأولية.

ودعا وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت في بيان له إلى “التدبير الأمثل وعقلنة نفقات المجالس البلدية”. وجاء هذا التوجيه بعد لجوء رؤساء المجالس إلى تخصيص صفقات بالملايين، من أجل اقتناء أو كراء سيارات فارهة وأجهزة أخرى غير ضرورية، ما أثار جدلا.

ودعا لفتيت رؤساء المجالس البلدية ومدراء شركات التنمية والتهيئة، إلى تنفيذ الأحكام القضائية النهائية والمستحقات، مطالبا إياهم بالحوكمة في التدبير والتسيير المالي.

وأكد هشام لفقيه، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، أن ترشيد النفقات العمومية بالبلديات المغربية الذي دعت إليه وزارة الداخلية، قرار في محله اجتماعيا واقتصاديا، حيث من الضروري توجيهه نحو استفادة الفئات المستحقة.

وشدد لفقيه في تصريح لـ”العرب” على أن “هذه الخطوة هي تجاوب سريع مع الظرفية الاقتصادية، والمرتبطة أساسا بتقلبات أسعار النفط في الأسواق الدولية نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية، مما انعكس على الاقتصاد المغربي”.

هشام لفقيه: خطوة الحكومة تجسد تجاوبا سريعا مع الظرفية الاقتصادية

ورفض بعض محافظي الأقاليم الموافقة على طلب شراء سيارات جديدة لرؤساء بعض البلديات، ودعوا إلى وضع حد لبرمجة مركبات نظرا إلى توفر هذه المؤسسات المنتخبة على سيارات لا تزال في حالات ميكانيكية مقبولة، للحد من تبديد المال العام وتوجيه ميزانية المجالس إلى مشاريع تعود بالنفع على السكان.

واعتبر ثمانية من المستشارين بالمجلس البلدي السراغنة والمجلس البلدي الرحامنة أيضا (وسط المغرب)، ممن صوّتوا بالرفض على قرار رئيس بلديتهم تخصيص ميزانيات لا تخدم مصالح المواطنين، أن ذلك يعد تبديدا للمال العام، واستنزافا للموارد المالية العمومية لغايات شخصية لن تعود بأي نفع على السكان، مشيرين إلى أن “هذه الأموال من الأفضل تخصيصها للمساهمة في دعم مشاريع ومتطلبات البلدية، وتحقيق التنمية، وتنفيذ النموذج التنموي الجديد”.

وقال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في تصريح لـ”العرب”، إن “أغلب البرلمانيين ورؤساء البلديات ومدراء المؤسسات العمومية يملكون سيارات فخمة خاصة بهم ولهم مداخيل قارة، ويعيشون وضعا مريحا، ومع ذلك لا يترددون وهم يتولون قدرا من المسؤولية العمومية في هدر وتبديد المال العام في شراء سيارات أو كرائها بأثمان مرتفعة، رغم أن المرفق العمومي الذي يسيرونه لا يحتاج إلى كل هذه السيارات”، دون الكشف عن عدد تلك السيارات.

وكان نشطاء حقوقيون قد كشفوا أن بلديات عديدة عمدت إلى برمجة فوائض ميزانيات 2021 لشراء سيارات جديدة للرؤساء ونوابهم، مع العلم أن هذه البلديات لها سيارات قابلة للاستعمال.

ويأتي قرار كل من محافظ إقليم السراغنة ومحافظ إقليم الرحامنة، في سياق الدور التوجيهي الذي تقوم به وزارة الداخلية لمتابعة إعداد البلديات لميزانياتها للسنة الحالية 2022، والرامي إلى تنفيذ خطة إنعاش الاقتصاد الوطني، للاستجابة لمتطلبات وخدمات المواطنين والرفع من جودتها.

وبالتزامن مع بيان وزير الداخلية، شدد رئيس الحكومة عزيز أخنوش على ضرورة ترشيد الإنفاق المرتبط بتسيير الإدارة والبلديات وعقلنة مختلف النفقات، لاسيما عبر التقليص من النفقات المتعلقة بكراء السيارات وتهيئة المقرات الإدارية وتأثيثها، مع ربطها بالمصلحة العامة للسكان.

وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت يدعو إلى "التدبير الأمثل وعقلنة نفقات المجالس البلدية"

ودعا لفتيت رؤساء البلديات إلى تعبئة كل الجهود لتنفيذ خطة إنعاش الاقتصاد الوطني، وما يوازيه من مهام تهدف إلى تعزيز وسائل وقدرات البلديات.

ويتم ربط سلوك عدم ترشيد النفقات بالتحقيق قضائيا مع عدد من رؤساء البلديات بتهم تبديد أموال عمومية والاختلاس والتلاعب في سندات الطلب، والتي تم اللجوء إليها كثيرا.

وأصدر القضاء المغربي قرارا بسجن عبدالرحيم الكامل، المستشار البرلماني والرئيس السابق لمجلس بلدية واحة سيدي إبراهيم بمراكش، بعد ملاحقته بجناية تبديد أموال عمومية.

وتتم مراقبة كل الصفقات العمومية التي يتم التوقيع عليها من طرف رئيس البلدية، سواء من طرف القضاء أو المجالس الجهوية التابعة للمجلس الأعلى للحسابات، لمعرفة مدى مطابقتها مع القانون.

وأحالت مصالح الأمن الإقليمي إفران، رئيس بلدية بن صميم بنفس المدينة (وسط المغرب)، رفقة أربعة رجال أعمال، على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، من أجل جريمة تبديد واختلاس أموال عمومية وتلقي منفعة والتزوير والمشاركة في ذلك.

وقال الغلوسي إن “على البرلمان ورئيس الحكومة ووزيرة المالية ألا يتركوا مثل هذه المهازل تمر، خاصة في عز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وأن تتم دعوة المستشارين سواء بالبرلمان أو البلديات إلى التدبير الأمثل للنفقات حتى يتم فتح الباب أمام الفساد المالي”.

4