المغرب يفتح باب التعاون مع تركيا في مجال صناعة الأسلحة

الرباط – تعكس زيارة وفد من شركة “أسيلسان” التركية الرائدة في الصناعة العسكرية للمغرب انفتاحا مغربيا على تركيا في مجال التصنيع العسكري، وهو ما يندرج في إطار رؤية المغرب الإستراتيجية لتعزيز قدراته العسكرية وتنويع مصادر التسليح وتأسيس قاعدة صناعية وطنية قادرة على المنافسة في القطاع الدفاعي.
وقال السفير التركي لدى المغرب إلكر كليتش إن الوفد التقى مسؤولين في إدارة الدفاع الوطني والقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية المغربية لاكتشاف فرص التعاون في مجالات تصنيع الأسلحة وتكنولوجيا الدفاع.
واستقبل لاحقا السفير التركي بالرباط الوفد برئاسة إرهان أولجون، المدير الإقليمي للشرق الأوسط وأفريقيا. وتعتبر شركة “أسيلسان” من بين أكبر 50 شركة دفاعية في العالم وتلعب دورا رائدا في تطوير وتصنيع أنظمة الدفاع الداعمة للقوات المسلحة التركية.
المغرب مهتم كثيرا بالتكنولوجيا العسكرية لتطوير قدراته الإنتاجية محليا، مع تدريب كوادر وطنية على تشغيل الأنظمة المتقدمة
وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والباحث في الشؤون الإستراتيجية، أن التعاون المغربي مع شركة الدفاع التركية “أسيلسان” سيساهم في بناء قاعدة صناعية دفاعية متكاملة تعزز الاقتصاد الوطني وتوفر فرص عمل في قطاعات تقنية متقدمة؛ وهو ما يرفع مناعته الاقتصادية والعسكرية في مواجهة التحديات.
ووصف معتضد في تصريح لـ”العرب” التعاون العسكري بين البلدين بأنه “خطوة متقدمة تدعم جهود المغرب في تطوير قدراته العسكرية والتقنية،” معتبرا أن المغرب مهتم كثيرا بالتكنولوجيا العسكرية لتطوير قدراته الإنتاجية محليا، مع تدريب كوادر وطنية على تشغيل الأنظمة المتقدمة.
وسبق أن أعلنت المملكة المغربية عن استحداث منصب ملحق عسكري في سفارتَي المغرب في نيودلهي وأنقرة، بهدف تعزيز التعاون في مجال الصناعات الدفاعية.
وصار المغرب في السنوات الأخيرة أحد أبرز زبائن الصناعات الدفاعية التركية، إذ سبق أن زوّد قواته الجوية بمسيَّرات بيرقدار تي بي 2، وفق عقد مع شركة “بايكار” التركية بقيمة 70 مليون دولار من أجل التزود بـ13 طائرة من هذا الطراز، كما أبدى في أكثر من مناسبة اهتمامه بمختلف الأسلحة التركية الأخرى، في وقت أطلقت فيه المملكة برنامجا لتحديث وتعزيز تسليح جيشها، وضاعفت لذلك الميزانية المرصودة لهذا النوع من النفقات.
وبحسب معتضد تمتاز الصناعات الدفاعية التركية بكفاءتها العالية وكلفتها التنافسية، وهو ما يمثل نموذجا مثاليا لشراكة توازن بين الفاعلية الاقتصادية والتقدم التكنولوجي، حيث تمنح هذه الشراكة المغرب فرصة الاستفادة من الخبرات التركية الناجحة في مجالات الأنظمة الإلكترونية والحلول الذكية وصناعة الطائرات المسيرة، وهو ما ينسجم مع رؤية الرباط لتطوير بنية دفاعية ذاتية.
وأشار تقرير “تكتيكال ريبورت” إلى أن المغرب كان يجري محادثات مع الشركة التركية لاقتناء نظام إدارة قتالي (CMS) من الجيل الجديد، والذي يُتوقع أن يكون له دور إستراتيجي في تعزيز الدفاع الساحلي المغربي، ما يعكس حرص المملكة على تحديث قدراتها الدفاعية البحرية.
وتهتم الرباط بتوسيع ترسانتها الدفاعية، لاسيما بعد نجاح الطائرات المسيرة بيرقدار تي بي 2 في العمليات ضد جبهة بوليساريو، كما تتطلع إلى تعزيز قدراتها الجوية بشراء طائرات أكينجي المسيرة المتطورة، التي تتميز بقدرات هجومية متقدمة.
وفي إطار المساعي المغربية لتعزيز الترسانة العسكرية وتحديثها، وقع المغرب اتفاقية بقيمة 50.7 مليون دولار مع شركة “أسيلسان” التركية للحصول على منظومة الحرب الإلكترونية من طراز “كورال” بين عامي 2023 و2024.
كما قدم المغرب طلبا لشراء 200 مدرعة تركية من طراز “كوبرا 2″، بقيمة تبلغ حوالي 136 مليون دولار. وسيعمل على توريد قطع الغيار ومعدات الصيانة، ناهيك عن توفير خدمات التدريب لصالح القوات المسلحة الملكية من أجل التدرب على كيفية استعمال هذه المدرعات حسب العقد.
ويعتقد هشام معتضد أن امتلاك المغرب تكنولوجيا دفاعية متقدمة من تركيا سيعزز موقعه كقوة إقليمية فاعلة، خاصة في ظل تحديات المنطقة الأمنية مثل الإرهاب وتأمين الملاحة البحرية، وستكون الشراكة مع شركة “أسيلسان” انطلاقة واعدة لتطوير مشاريع مشتركة، بما في ذلك مراكز أبحاث متخصصة في الصناعات الدفاعية، ستكون مختبرا لتبادل الخبرات والموارد لبناء علاقات إستراتيجية طويلة الأمد تخدم استقرار البلدين وتعزز مصالحهما المشتركة.
ورفع المغرب مرة أخرى ميزانية الدفاع لتصل إلى 133 مليار درهم (حوالي 13 مليار دولار) حسب نص مشروع قانون مالية 2025، سيتم تخصيصها لاقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم وتطوير صناعة الدفاع ضمن مسلسل تطوير وتجديد ترسانة القوات المسلحة الملكية، بهدف توفير الكفاءة والجاهزية لمواجهة مجموعة من التحديات.
وفي إطار تنويع الشراكات أصبحت المملكة المغربية منفتحة على شراكات جديدة في المجال العسكري والدفاعي، إذ تعتمد الرباط على مصادر متنوعة للوصول إلى أسلحة أكثر كفاءة، منها الصناعة الدفاعية التركية، حيث شرعت في إعداد مناطق ومنصات صناعية مُخصّصة للصناعات العسكرية والدفاعية، بهدف استقبال الاستثمارات الأجنبية وتطوير مقدرات القوات المسلحة الملكية جوا وبرا وبحرا.
ويؤكد هشام معتضد أن توسيع مجال التعاون العسكري مع تركيا يخدم توطين الصناعة العسكرية لتعزيز استقلالية الرباط في مجال الدفاع وتحقيق السيادة الدفاعية، كجزء من تحول شامل في مقاربة المغرب للأمن القومي، حيث تعتمد الدولة على تطوير قدرات ذاتية للتصنيع العسكري.