المغرب يعول على القطاع الخاص للاستثمار في مشاريع تحلية المياه

مساع حكومية حثيثة لتغطية الطلب البالغ 16 مليار متر مكعب سنويا.
الخميس 2022/05/19
هذا منبعنا الوحيد للحياة

يسعى المغرب من خلال الإصرار الذي يبديه المسؤولون على خوض معركة تحقيق الأمن المائي للدخول في شراكات مع القطاع الخاص لبناء محطات تحلية مياه البحر بعدما أصبح نقص هذا المورد معضلة استراتيجية للبلد في ظل تواصل موجة الجفاف.

الرباط – تتجه الحكومة المغربية بالشراكة مع القطاع الخاص إلى إطلاق مشاريع تتمحور حول اعتماد حلول جديدة لمواجهة معضلة الفقر المائي في ظل الطلب المتزايد على هذا المورد.

ودفعت موجة الجفاف التي تضرب البلاد منذ سنوات وزير التجهيز والماء نزار بركة إلى دعوة الشركات المحلية إلى الانخراط في جهود الحكومة والعمل على تطوير التقنيات الجديدة المرتبطة بمشاريع تحلية المياه وغيرها.

وقال بركة خلال افتتاح أعمال النسخة الثانية من حوار الأعمال حول المياه بمدينة مراكش الأسبوع الماضي إن “قطاع المياه يواجه إكراهات التمويل المرتبطة بمحدودية ميزانية الدولة تجاه حاجيات الاستثمار”.

نزار بركة: قطاع المياه يواجه إكراهات التمويل لمحدودية الميزانية

وأضاف أن “آثار التغيرات المناخية فاقمت تكاليف إنتاج الماء الصالح للشرب مما يستدعي إيجاد توازن بين مساهمة الدولة ومساهمة المستغلين لهذه المادة الحيوية”.

وتشكو العديد من جهات البلاد من نقص كبير في الماء الصالح للشرب نتيجة جفاف السدود التي كانت الرباط تعتمد عليها بشكل رئيسي لتغطية حاجة السكان في فترات احتباس الأمطار.

ويعتقد شكيب لعلج رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهو تجمع لأصحاب الأعمال، أن استخدام المياه غير التقليدية من خلال تقنيات تحلية مياه البحر المستدامة باستخدام الطاقات المتجددة، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، وإنشاء إطار تنظيمي لكفاءة المياه في صورة ما تم تحقيقه لكفاءة الطاقة أمر لا مفر منه اليوم.

وشكل الملتقى، الذي ينظمه الاتحاد بالشراكة مع التحالف المغربي للمياه، بإشراف من الملك محمد السادس، فرصة لمناقشة دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تعزيز استخدام هذا المورد والحفاظ عليه وتعزيزه من خلال البحث والابتكار والاستثمار.

ودشن المغرب البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح الشرب ومياه السقي 2020 – 2027 بين عدد من القطاعات الوزارية، بتكلفة استثمارية تقدر بـ115.4 مليار درهم (نحو 11.5 مليار دولار)، بهدف دعم وتنويع توفير هذا المورد لضمان الأمن المائي.

وحسب إحصائيات رسمية، تواجه الموارد المائية في الوقت الراهن طلبا متزايدا يقدر بنحو 16 مليار متر مكعب سنويا، منها 87.3 في المئة تستخدم في الزراعة و10.5 في المئة مخصصة لإمداد مياه الشرب.

ويمثل باقي الطلب المحلي من المياه احتياجات القطاعين الصناعي والسياحي والتي تقدر بحوالي 2.2 في المئة.

وأكد لعلج خلال كلمة له بالملتقى أن هذا الوضع يولد عجزا هيكليا في المياه في المغرب يبلغ 3 مليارات متر مكعب سنويا، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الإفراط في استغلال المياه الجوفية

حميد رشيل: تحلية مياه البحر خطوة ستسهم في تحقيق الأمن المائي

واعتبر الخبير البيئي حميد رشيل عضو جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، أن الاستثمار في تقنية تحلية مياه البحر في مناطق منها مدينة العيون جنوبا، خطوة استراتيجية للزيادة في مخزون المياه الصالحة للشرب للمساهمة في تحقيق الأمن المائي.

وقال في تصريح لـ”العرب”، إن “المغرب من خلال هذه المبادرات يعمل على ترشيد استهلاك الماء بالنسبة إلى الري الزراعي، ومعالجة المياه العادمة واستعمالها لري المناطق الخضراء، كما وظف المياه من طرف الفنادق والمنشآت العمومية والصناعية”.

وأشار إلى أن المغرب تبنى سياسة اختيار المزروعات التي لا تستهلك كمية كبيرة من المياه، مستفيدا من خطأ زراعة البطيخ الأحمر بالمناطق الصحراوية والذي تسبب في تراجع كبير للمياه فيها.

وكباقي دول شمال أفريقيا، يواجه المغرب شحا في المياه بسبب الجفاف ولذلك فإن العمل على بناء محطات تحلية مياه البحر سيكون أحد الحلول المستدامة لمواجهة الفقر المائي.

وينتظر أن يبدأ الشروع في إنشاء محطة تحلية مياه البحر بمدينة الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للبلاد والتي تصنف ضمن أكبر المشاريع في أفريقيا والبحر المتوسط والتي من المتوقع أن تبلغ طاقتها 300 مليون متر مكعب.

وكانت الرباط قد كشفت عن هذا المشروع في نوفمبر 2020 وسيكون بالشراكة بين القطاعين العام والخاص وهو يحتاج إلى 420 مليون دولار لتشييده.

ووفق الحكومة، سيخصص نحو 220 مليون دولار من قيمة الاستثمارات لتهيئة البنية التحتية لقطاع الزراعة، والباقي سيذهب إلى تهيئة البنية التحتية لإيصال الماء الصالح للشرب للسكان.

شكيب لعلج: ثمة عجز هيكلي يبلغ نحو 3 مليارات متر مكعب سنويا

ويرى أحمد رضا الشامي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الضرورة تقتضي الآن اتخاذ تدابير عاجلة لضمان الحق في الماء والأمن المائي مع ضرورة القيام بمراجعة عميقة للتعرفة المعمول بها.

وبالإضافة إلى ذلك، وضع إطار تدقيق مرجعي خاص بالموارد المائية يتيح تقييم الكلفة الحقيقية لكل حوض من أحواض التصريف الموزعة بالبلاد.

وأكد رياض مزور وزير الصناعة والتجارة أثناء الملتقى أن المنظومة الصناعية تمت تعبئتها مع المنظومة المائية لمواجهة هذا التحدي في إطار خطط إطلاق مشاريع تحلية مياه البحر.

وقال إن “تحلية مياه البحر تعتبر من الإمكانات الفعالة لمكافحة الإجهاد المائي في المناطق الساحلية القاحلة”.

وأشار إلى أن هذا الحل ذو إمكانات عالية إذ أن 40 في المئة من سكان العالم يعيشون على بعد أقل من 100 كيلومتر من البحر و25 في المئة على بعد أقل من 25 كيلومترا.

ونظرا إلى التوزيع غير المنتظم للموارد المائية وندرة المياه الجوفية المحلية، أكدت الحكومة أنه تم اتخاذ تدابير، منها مشاريع التزويد بالماء الصالح للشرب عبر تعبئة وتجهيز موارد مائية جديدة خاصة المياه السطحية انطلاقا من السدود.

كما عملت على مد قنوات الجر في العديد من مناطق البلاد في إطار مشاريع مهيكلة لتزويد أكبر عدد من السكان المجاورين لهذه القنوات.

10