المغرب يعزز ترسانته الدفاعية بصفقة صواريخ "جافلين" الأميركية

الرباط - أعلنت وزارة الدفاع الأميركية دخول صفقة صواريخ “جافلين” المضادة للدروع حيّز التنفيذ مع المغرب، بعد نشر تفاصيلها رسميا في السجل الفيدرالي، وذلك في إطار تعزيز الشراكة الدفاعية بين البلدين.
وتبلغ قيمة الصفقة 260 مليون دولار، وتشمل 612 صاروخا من طراز FGM – 148F و200 منصة إطلاق خفيفة، إلى جانب معدات تدريب ودعم لوجستي، من بينها ذخائر تدريبية، معدات دعم، أدوات قياس، منشورات تقنية، قطع غيار، برامج تدريبية للرامين وضباط الذخيرة، بالإضافة إلى خدمات الفحص والصيانة والتكامل، ودعم مخصص للطيران التكتيكي والذخائر البرية.
وجاءت هذه الموافقة على هذه الصفقة، في وقت تواصل فيه المملكة تعزيز قدراتها الدفاعية بشكل متكامل في سياق إقليمي متغير، إذ أكدت وكالة التعاون الأمني والدفاعي الأميركية أن هذه الصفقة ستُعزز القدرات الدفاعية طويلة المدى للقوات المسلحة الملكية، وستُمكن المغرب من حماية سيادته وسلامة أراضيه، دون أن تُخل بالتوازن العسكري في المنطقة.
وتتميز صواريخ “جافلين” بقدرتها على الاشتباك مع طيف واسع من المركبات، كما تبرز فعاليتها القصوى بشكل خاص ضد الدبابات والمركبات المدرعة الثقيلة، نظرا لقدرتها الفريدة على تنفيذ هجوم علوي، حيث يستهدف الصاروخ الجزء العلوي من المركبة والذي يكون عادة الأقل تدريعا، وهذه الميزة الإستراتيجية تحاكي مسار الصاروخ عند سقوطه على الهدف بزاوية حادة على غرار رمية الرمح التقليدية.
وعلى المستوى التقني، لا تقتصر قدرات “جافلين” الأميركية على الأهداف الأرضية بل تمتد لتشمل إمكانية استهداف المروحيات المحلقة على ارتفاعات منخفضة، مما يضيف بعدا آخر لمرونته التكتيكية، ويصل مداه الفعال إلى ما يتجاوز 2500 متر.
وأكد خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية، أن “بعد اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بمغربية الصحراء، أصبح هناك تكثيف في التعاون العسكري في أبعاده المختلفة بدون حرج من طرف واشنطن وبدعم كبير للقدرات العسكرية المغربية لتعزيز الأمن الحيوي للمغرب.”
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “هذا التوجه يعكس الارتباط التكنولوجي والتقني بالقوة العسكرية الغربية وخاصة واشنطن التي اعتمدها المغرب لعقود طويلة في منهجه الدفاعي”، مبرزا أن “ذلك يأتي في إطار تشكيل التوازن وليس السعي نحو تحقيق التفوق أو الهجوم، لأن إستراتيجية المغرب العسكرية هي إستراتيجية دفاعية، خاصة لتحبط الأعداء من التقدم أكثر أو الهجوم.”
وشهدت السنوات الأخيرة تعزيزات كبيرة في هذا الإطار، شملت اقتناء طائرات بدون طيار (درونز)، أنظمة دفاع جوي متقدمة من الولايات المتحدة الأميركية، ومدرعات حديثة، إلى جانب هذه الصواريخ الجديدة التي ستشكل ركيزة أساسية في الدفاع الوطني.
260 مليون دولار قيمة الصفقة، وتشمل 612 صاروخا من طراز FGM – 148F و200 منصة إطلاق خفيفة
وتُوّجت الشراكة العسكرية المتينة بين المغرب والولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة بتوقيع عدد من صفقات التسلح الكبرى، تضمنت اقتناء 600 صاروخ أرض – جو من طراز “سترينغر بلوك” ومعدات مساندة في أبريل الماضي بقيمة بلغت 825 مليون دولار، واقتناء 24 مروحية هجومية أباتشي ومقاتلات أف – 16 لتعزيز قدرات الدفاع الجوي المغربي ضد التهديدات قصيرة المدى، ما يجعل المغرب من أبرز زبائن الصناعات العسكرية الأميركية في القارة الأفريقية.
وتهدف هذه الصفقات إلى زيادة جاهزية القوات المسلحة الملكية ومواكبة التحديات الإقليمية والدولية، ضمن برنامج شامل لتطوير منظومة الدفاع الجوي والهجومي، وتحديث المعدات العسكرية بأحدث التقنيات العالمية، بامتلاك قدرات ردع متطورة ضد التهديدات البرية والجوية، وتكريس تعاون عملياتي متقدم مع الشركاء الإستراتيجيين.
وتمت الزيادة في الإنفاق العسكري المغربي لعام 2024، حيث بلغ 5.5 مليار دولار أميركي، بارتفاع نسبته 2.6 في المئة مقارنة بالعام 2023، وهو ما يعكس توجها جديدا نحو تعزيز الجاهزية الدفاعية في ظل التحديات الأمنية المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي، حسب تقرير حديث صادر نهاية أبريل الماضي، عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
ولا يكتفي المغرب بإبرام صفقات تسليح بل بادر رسميا بإحداث منطقتين صناعيتين عسكريتين في إطار توجه إستراتيجي عام يهدف إلى توطين التصنيع الحربي محليا من أجل مواجهة ارتفاع تكلفة الاستيراد والتقليل من التبعية إلى الخارج على هذا المستوى، فيما يؤكد مهتمون أن هذا التوجه ينطوي على رهانات إستراتيجية كبرى تضمن التموقع الإقليمي للمغرب، كما تضمن الحق في الأمن والاستقرار من خلال بناء منظومة تصنيع متكاملة في المجال الدفاعي إلى أن تشكل إحدى الركائز الحيوية للحفاظ على السيادة الوطنية.