المغرب يضع مصدر أموال الجمعيات تحت مجهر المراقبة القضائية

الرباط - تعهّد وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي خلال اجتماع للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمحاسبة شاملة للجمعيات المغربية، لـ”معرفة مصدر المنازل والسيارات الفاخرة التي تتوفر عليها بعض تنظيمات المجتمع المدني، والتي لا يتوافق تصريحها الضريبي مع ممتلكاتها.”
وأوضح وهبي خلال المناقشة العامة لمشروع القانون الجنائي أن “هناك اشتغالا الآن لتحديد لائحة الجمعيات”، قائلا “نفكر في إحالة الملف على النيابة العامة، فلا يعقل ألا نعرف مصادر هذه الثروات. أليس هذا تبييضا للأموال؟”
وأورد وهبي أن “بعض الجمعيات لا يتوافق تصريحها الضريبي مع ممتلكاتها”، موردا أنه “يتعين أن نعرف من أين جاءت هذه الأموال ونطبق على هذه الجمعيات منطق الإثراء غير المشروع.”
وتعليقا على هذا التوجه، أكد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن “على وزير العدل عدم الوقوف ضد قانون الإثراء غير المشروع، وعلى أساسه يمكنه تقديم ملفات الجمعيات المتورطة أمام النيابة العامة، فالكل ليس فوق القانون ونحن نطالب أن يتم حل أي جمعية ثبت تورطها في الابتزاز أو الارتشاء أو تبييض الأموال، وأيضا نطالب الوزير بتقديم كافة المعطيات حول كل المتورطين في قضايا الفساد من جميع الأحزاب ومن الحزب الذي ينتمي إليه.”
وقال لـ”العرب” إننا “داخل الجمعية المغربية لحماية المال العام معنيون بمكافحة الفساد وفضح كافة مظاهره ونطالب بفتح إجراءات الاشتباه في غسيل الأموال ضد المتهمين المدانين بحكم نهائي.”
وبادر نواب باقتراح قانون يهم منع الإثراء غير المشروع، وذلك “بإسناد مهام التحري في الإثراء غير المشروع إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى جانب اقتراحها عقوبات لكل من يثبت في حقهم من المعنيين به، وهم كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات، إلى جانب الأشخاص الذاتيين الذين تُعهد إليهم صلاحيات السلطة العمومية أو من العاملين لدى مصالح الدولة أو الجماعات الترابية”.
وفي الباب الثالث المخصص للعقوبات، جاء في مقترح القانون أن “كل شخص اقترح هدية أو كل شخص خاضع لأحكام القانون يعاقب بغرامة تعادل قيمة الهدية المتحصل عليها إذا كانت قيمتها أقل من 100 ألف درهم (9.99 ألف دولار)، في حين يعاقب مرتكب جريمة الإثراء غير المشروع بالسجن لمدة سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من مئة ألف درهم إلى مليون درهم، إلى جانب تجريده من الأهلية لمزاولة جميع الوظائف العمومية ومن حق الانتخاب والترشح لمدة عشر سنوات”.
ودافع وزير العدل عن موقفه الرافض لتجريم الإثراء المذكور، موضحا أن “ثمة فرقا بين محاربة الفساد بعقلية ستالينية شيوعية، ومحاربته وفق منهجية ديمقراطية قانونية”، وتابع قائلا إنه “علينا أن نختار المنهجية التي نريد. هل نريد المقاربة الأولى التي تضع الكل في قفص الاتهام ثم نباشر البحث عن الأبرياء ضمنهم؟ أتصور أن العكس أصوب، يجب أن نمنح الطمأنينة للمواطن ونمنحه الحصانة.”
وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، أن “بغض النظر عن الخلفيات السياسية وتوقيت التصريح، فإن هذا التوجه هو خطوة إيجابية في محاربة الفساد، من خلال تحديد مصادر الثروات التي تمتلكها بعض الجمعيات، والتي قد تكون ناتجة عن تبييض الأموال”.
وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن “هذا التوجه يتوافق مع الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة”، موضّحا أنه “ينبغي تنفيذ هذا التوجه بطريقة عادلة وشفافة، وفي إطار القانون، بعيدا عن الاستغلال لأغراض سياسية، كما يجب أن يتم تحديد لائحة الجمعيات التي يتم التحقيق معها بطريقة موضوعية، وأن تتم إحالة الملف على النيابة العامة إذا تم العثور على أي أدلة على تبييض الأموال أو الفساد.”
من جهته، أكد محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الخميس ضمن يوم دراسي نظمته لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب، حول مشروع القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، أن الهيئة اعتمدت في تقديمها لمنظورها بخصوص مراجعة القانون الجنائي مقاربةً تروم اختبار واستشراف قدرة الإجراءات المعتمدة على تطويق جرائم الفساد واقتياد مرتكبيها نحو المحاكمة القضائية وترتيب العقاب المتناسب، بما يحقق التوازن بين الفعالية المطلوبة وضمانات المحاكمة العادلة والحفاظ على حقوق المعنيين.