المغرب يسعى لتعزيز أسس الدولة الاجتماعية عبر وكالة الدعم الاجتماعي

الرباط - عقدت الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي في المغرب الاجتماع الأول لمجلس إدارتها الأربعاء، وهو ما يمثل حسب المراقبين مناسبة مهمة تروم مأسسة الدعم الاجتماعي كخدمة عمومية وركيزة أساسية لتعزيز أسس الدولة الاجتماعية في المملكة.
وشكل الاجتماع الأول لمجلس الإدارة، حسب بلاغ لرئاسة الحكومة، مناسبة لدراسة القضايا الإستراتيجية المرتبطة بإنشاء الوكالة، والموافقة على برنامج العمل السنوي، وميزانيتها المتوقعة لعام 2025. كما وافق المجلس على الهيكل التنظيمي والوضع الخاص المتعلق بمواردها البشرية.
وأكد الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع أن “انعقاد المجلس الإداري الأول للوكالة يأتي لتفعيل اشتغالها في أحسن الظروف، حتى تتمكن من تنفيذ توجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس المتصلة ببرنامج الحماية الاجتماعية”، مشددا في تصريحات صحفية على أن “الدعم الاجتماعي المباشر المقدم للمواطنين يعد إحدى الركائز الأساسية لورش الحماية الاجتماعية الشامل والمهم.”
وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن “هذه المؤسسة يؤطرها الدستور لتنفيذ مختلف مكونات البرنامج الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، تحقيقا لمجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بما يمكّن من تحقيق الكرامة للمواطن المغربي والتمتع بجميع الظروف التي تمكنه من الحياة الكريمة.”
وأضاف لـ”العرب” أن “تحقيق الدولة الاجتماعية مشروع ملكي طويل الأمد ومتعدد الأبعاد يفرض على الحكومة بذل الجهود لتمكين الأفراد وحماية خاصة للفئات الهشة”، لافتا إلى أن “دور الحكومة يتمثل في بلورة هذه السياسة العمومية وجعلها سياسة واقعية وبلورت جملة من المخططات التي تتماشى مع هذا الورش الاجتماعي، منها التغطية الصحية وباشرت إصلاح التعليم”، مستطردا أن “الآفاق المستقبلية هي أن يُحس المواطن بهذه السياسات وانطلاقتها، لأن هذه المؤسسة الجديدة جاءت كداعم تنفيذي حتى يستشعر المواطن الدعم على حياته اليومية.”
وأوضح رشيد لزرق أنه “لا بديل عن بذل جهود كبيرة لتعزيز الحماية الاجتماعية في ضوء التشخيص الكامل لحالات الضعف في المجال الاجتماعي ونهج سياسة عمومية لمعالجة المسائل المنهجية المرتبطة بالعجز في هذا الميدان، وتستطيع الحكومة الاعتماد على قانون المسؤولية المجتمعية لمؤسسات الدولة لدفع الشركات نحو تعزيز استثماراتها في الحماية الاجتماعية باستخدام تدابير ملزمة وكذلك طوعية.”
وسيستفيد من برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي جاء بفضل التنزيل الحكومي السريع للسجل الاجتماعي الموحد، وفق البلاغ الذي اطلعت عليه جريدة “العرب”، ما يقارب من 4 ملايين أسرة، بما في ذلك 5.4 مليون طفل، و1.2 مليون شخص تفوق أعمارهم 60 عاما.
وتماشيا مع التوقعات المتعلقة بالميزانية، من المرتقب أن يقوم البرنامج بتعبئة غلاف مالي يقدر بـ25 مليار درهم وسيتم رفع الدعم لكل طفل من الأطفال الثلاثة الأوائل غير المتمدرسين إلى 175 درهما، أما بالنسبة لليتامى من جهة الأب أقل من ست سنوات المتمدرسين، فسيصل الدعم، حسب مشروع القانون ذاته، إلى 375 درهما، مع احترام سقف الحد الأدنى من هذا الدعم وهو 500 درهم شهريا لكل أسرة.
وقال خالد السطي، المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية 2025، إن “الدولة الاجتماعية ليست شعارا للاستهلاك الإعلامي، بل هي إجراءات ملموسة في قوانين المالية تجد صداها في الواقع المعيش”، داعيا إلى مراجعة عتبة الاستهداف والتي حرمت فئات واسعة من الاستفادة من برامج الدعم بعدما استفادت من المنحة الأولى، كما أنها “حرمت فئات واسعة من الاستفادة من نظام ‘أمو تضامن’ بعدما كانت تستفيد من نظام ‘راميد’، (نظام التغطية الصحية).”
واستعرضت المديرة العامة للوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي وفاء جمالي برنامج عمل طموحا يضمن الانطلاقة الفعلية للوكالة والذي تمت المصادقة عليه بعد التداول في مقتضياته تفعيلا لمبادئ الحوكمة الجيدة، من خلال ضمان الاستقلالية والحياد لأجل المساهمة في تكريس تدبير عادل وشفاف للدعم الاجتماعي.
وتم تعيين ثلاثة أعضاء مستقلين وفقا لأحكام قانون إحداث الوكالة، بالإضافة إلى ممثلي السلطات الحكومية المعنية (الداخلية، التربية الوطنية، الصحة، التشغيل، التضامن، التعليم العالي، الميزانية) والمندوبية السامية للتخطيط، الذين أعربوا عن دعمهم للوكالة لتعزيز الدور الإستراتيجي للوكالة في خدمة الفئات الهشة.
وحسب مشروع المرسوم المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، أسند، في مادته الأولى، بوضوح، إلى السلطة الحكومية المكلفة بالميزانية مهمة ممارسة وصاية الدولة على الوكالة التي تسهر وفق مذكرة لوزارة الاقتصاد والتجارة على تدبير نظام الدعم الاجتماعي المباشر طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، وتتولى تلقي طلبات الاستفادة من الإعانات في إطار هذا النظام والبت فيها ومعالجة التظلمات المرتبطة بها، والتحقق من صحة المعطيات المصرح بها من أجل الاستفادة من الإعانات، وإعداد المعطيات الإحصائية الخاصة بالفئات المستفيدة من النظام.
ومنح القانون للوكالة مهمة إصدار تقارير دورية تهم حصيلة تدبير النظام، وتطوير أدوات مراقبة ورصد وتتبع المؤشرات المتعلقة بمجال الدعم الاجتماعي المباشر، وإنجاز دراسات تقييمية حول نجاعته واقتراح حلول مبتكرة للارتقاء به، وتقديم كل توصية أو اقتراح إلى الحكومة من أجل تحسين تدبيره والرفع من فعاليته، فضلا عن إبرام اتفاقيات شراكة مع مختلف المؤسسات والهيئات الوطنية والدولية التي تروم تحقيق أهداف مماثلة، فيما يمكن، وفق المذكرة ذاتها، للدولة أن تعهد إلى الوكالة بموجب تشريع خاص أو بموجب اتفاقيات بتدبير أي برنامج أو نظام آخر للدعم الاجتماعي.