المغرب يرفض تحامل "هيومن رايتس ووتش" على مؤسساته بذرائع حقوقية

المنظمة الحقوقية الدولية تسعى إلى تبخيس مجهودات المغرب في مجال حقوق الإنسان.
السبت 2022/07/30
الحريات مضمونة رغم الادعاءات

الرباط - رفضت السلطات المغربية بشكل قاطع الانتقادات التي وجهتها منظمة ‘هيومن رايتس ووتش’ للرباط بشأن استهداف المعارضين وقمع الحريات، واصفة إياها بأنها متحاملة.

واتهم المغرب المنظمة الحقوقية الدولية باستخدام لغة غير مقبولة وعبارات غير أخلاقية وإيحاءات وتعابير غير حقوقية في الحديث عن الوضع الحقوقي والتعددية في المغرب، دون تقديم الحجج والأدلة على ادعاءاتها.

وقال مصطفى بايتاس الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الخميس إن هذه الوثيقة لا تعدو أن تكون تجميعا لجملة من الادعاءات التي ألفت هذه المنظمة على استعمالها، مضيفا بقوله “بل وصل التحامل حد تأليب بعض شركاء المملكة المغربية”.

وكررت منظمة “هيومن رايتس ووتش” محاولاتها السابقة بإصدار دليل حول ما أسمته “قواعد اللعبة لإخفاء القمع المتزايد بالمغرب”، الشيء الذي قدمت فيه أمثلة لما تقول إنها “طرق تنتهجها الدولة في التعامل مع المعارضين في المملكة”.

مصطفى بايتاس: النهج العدائي للمنظمة، يهدف للنيل من المكتسبات الحقوقية للمغرب

وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية في تقرير نشر الخميس إن السلطات المغربية تستعمل ما أسمته “تقنيات قمعية” تستهدف بها المعارضين أبرزها التشهير بهم، وإدانتهم في قضايا حق عام أغلبها “اعتداءات جنسية”. واستعرض تقرير المنظمة حالات ثمانية صحافيين ونشطاء معارضين أدينوا أو لوحقوا في الأعوام الأخيرة.

وفي رد الحكومة، شدد بايتاس ضمن تصريح صحافي على أن هذا النهج العدائي للمنظمة، الهدف منه هو النيل من المكتسبات الحقوقية للمغرب، مؤكدا أن مثل هذه المحاولات لن تنال من العزيمة الثابتة للمملكة المغربية على مواصلة ترسيخ حقوق الإنسان وبناء دولة المؤسسات وترسيخ دولة القانون.

وعاد تقرير “هيومن رايتس ووتش” إلى النبش في قضايا بث فيها القضاء المغربي، مثل ناشر صحيفة أخبار اليوم المتوقفة عن الصدور توفيق بوعشرين الذي حوكم قضائيا منذ 2018 بارتكاب “اعتداءات جنسية”، وأيضا الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي المعتقلين منذ 2020، بعد أن حكم عليهما بالسجن خمسة أعوام وستة أعوام على التوالي للتهمة نفسها، مع إضافة تهمة “التجسس” للراضي، حيث ادعت المنظمة أن هؤلاء ضحايا “أدوات تستعملها الدولة لقمع معارضيها الأكثر حدة، وتخويف الآخرين”.

وفي ردها على التقرير أشارت السلطات المغربية إلى أن “هذه الوثيقة لا تستند على أي أسس أو وقائع تبرر إصدارها”، متسائلة “كيف لمنظمة حقوقية دولية تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان باستقلالية مزعومة أن تستخدم أساليب تضليلية لتحويل محاكمات تمت على خلفية جرائم الحق العام في احترام تام لكل ضمانات المحاكمة العادلة، إلى محاكمات لحرية الرأي والتعبير”.

وأضافت السلطات في بيان أن “هيومن رايتس ووتش” زعمت تسخير القضاء كأداة لسحق ولجم المعارضين دون أن تكلف نفسها، كما دأبت على ذلك، عناء تقديم الحجج والأدلة التي تمكنها من بناء تقديراتها. فخير دليل على ذلك هو أن هذه المنظمة لم تقم بملاحظة مستقلة لأي من هذه المحاكمات.

وعلق محمد الطيار باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية أن جوهر المسألة هو سوء النية الصريح وراءه دوافع سياسية واضحة تستهدف مشاغلة المغرب ومحاولة إشعال توترات تحت غطاء حقوق الإنسان، بهدف تبخيس مجهودات المغرب في مجال حقوق الإنسان.

وأكد الطيار أن الحجج والذرائع التي قدمها التقرير تثير كثيرا من الاستغراب والتعجب، فهي مثلا تتحدث عن وجود كاميرات مراقبة بمنازل ما تسميهم بالمعارضين دون تقديم أي دليل ملموس، ثم تتحدث عن فبركة قضايا ضد بعض الأشخاص، مع أن تقديمهم للمحاكمة خضع لشروط المحاكمة العادلة.

السلطات المغربية ترفض بشكل قاطع الانتقادات التي وجهتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" للرباط بشأن استهداف المعارضين وقمع الحريات

وأضاف الطيار في تصريح لـ”العرب” أن نفس الأمر يتعلق بالحديث عن بيغاسوس، وهي قضية لا يزال المغرب ينتظر تقديم أدلة على ما تدعيه هذه المنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن العبارات والأحكام المسبقة والجاهزة تبين أن من وراء هذا النوع من التقارير تحركه نوازع تهدف لعرقلة مسار المغرب وفرملة إصلاحاته، خدمة لأهداف سياسية تصب في مصلحة خصوم المغرب.

واتهم المغرب منظمة “هيومن رايتس ووتش” “بالانخراط في حملة سياسية” ضد مؤسسات الدولة، حيث أكد وزير العدل عبداللطيف وهبي، ردا على سؤال في البرلمان حول “ممارسات بعض المنظمات الحقوقية الأجنبية”، أن المغرب “يقبل بملاحظاتها لكنه يرفض استغلال تقاريرها بسوء نية لتصفية حسابات سياسية أو حسابات تهم وضعه الاستراتيجي أو حدوده الوطنية”، مشددا على “أن تقارير تلك المنظمات لا تستفز المغرب، فإذا كان هناك شيء إيجابي نجيب بشكل إيجابي، وإذا كانت هناك انتقادات فإننا نتحمل مسؤوليتنا، وإذا كانت هناك انزلاقات فإننا نقوم بالتصحيح ونبلغ المنظمات المعنية”.

وارتباطا بسياق نشر التقرير أكد المحلل السياسي نوفل بوعمري أن “هيومن رايتس ووتش” تعمدت نشر تقرير “حقوقي” عن المغرب مع قرب احتفال المملكة المغربية بعيد العرش، للتشويش على هذه المناسبة، مشيرا إلى أنه ليست المرة الأولى التي تنخرط فيها بعض المنظمات الدولية في محاولة التشويش على أحداث وطنية، فقد سبقها تقرير من بيغاسوس تم نشره في مناسبة مماثلة سابقا، وهو التقرير الذي لم يستطع أحد إثبات أن ما ورد فيه من ادعاءات صحيحة.

وشدد وزير العدل أمام البرلمان على أنه من الطبيعي أن يتناول عدد من تقارير المنظمات الحقوقية الدولية الوضع في المغرب، باعتباره دولة صادقت على مجموعة من الاتفاقيات الدولية وتحترم منظومة حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن “المغرب يتفاعل مع هذه التقارير الدولية من خلال المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، سواء عبر الأجوبة المباشرة أو بالرد على كل ما نرى أنه من الضروري الرد عليه”.

4