المغرب يدعو للقطع مع الحركات الانفصالية باعتبارها وجها آخر للإرهاب

دعا المغرب الأربعاء خلال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى القطع مع الانفصالية كوجه آخر للإرهاب في رسالة بدت وكأنها موجهة إلى الجزائر التي تدعم جبهة بوليساريو الانفصالية، حيث أشار وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى أن تعاظم التيارات التي تسعى للاستقلال لها ارتباط وثيق بالجماعات الإرهابية والمتطرفة.
الرباط - احتضنت مدينة مراكش المغربية الأربعاء أشغال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بمشاركة أكثر من 50 وزير خارجية وأزيد عن مئة وفد دولي. وشكل الاجتماع فرصة لكي يحذر المغرب من ارتفاع وتيرة الإرهاب في القارة الأفريقية، رابطا ذلك بدعم الانفصاليين.
وشدد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في كلمة له في افتتاح الاجتماع الوزاري للتحالف على “تعاظم التيارات التي تسعى للاستقلال والمرتبطة ارتباطا وثيقا بالجماعات الإرهابية، مع ما يتوفر لها من وسائل مالية وتكتيكية وعلاقات قائمة بينهما وبين المجموعات الانفصالية”، مضيفا أن الانفصاليين والإرهابيين وجهان لعملة واحدة.
وتابع بوريطة أن "الإرهابيين يستخدمون النعرات الانفصالية ويعرضون السلم والسلام في القارة والمنطقة ككل للخطر"، مشددا على أن تشجيع الانفصالية هو تواطؤ مع الإرهاب.
ويرى مراقبون أن هذا التحذير يبدو موجها إلى الجزائر أساسا التي تدعم جبهة بوليساريو الانفصالية في نزاعها مع الرباط حول الصحراء المغربية.

وقال صبري الحو الخبير في القانون الدولي والهجرة وقضية الصحراء، في تصريح لـ"العرب" إن "ربط وزير الخارجية المغربي الإرهاب ودعم الحركات الانفصالية في أفريقيا، ينطلق مما تسبب فيه دعم الجزائر لبوليساريو من اعتداء على سيادة دولة المغرب وعلى مواطنيها من أجل تحقيق غاية وهدف الانفصال عن المغرب"، موضحا أن اتخاذ العمل المسلح والقتل والتعذيب والتشريد وما تولد عن ذلك من جرائم تدخل في إطار الجريمة المنظمة والإرهاب من أجل الانفصال لدليل على هذه العلاقة.
وأكد محمد الطيار الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية أنه "إذا كان داعش يشكل خطرا على دول منطقة الساحل الأفريقي، وأوروبا وغيرها، فهو يشكل خطرا مضاعفا على المغرب باعتبار ارتباطه بالمشروع الانفصالي بالأقاليم الجنوبية - المغربية، وهو أمر لم يخفه مؤسس داعش بالصحراء الكبرى أبوالوليد عدنان الصحراوي كأحد عناصر بوليساريو، حيث سبق له أن أصدر بيانا يتضمن دعوة صريحة لاستهداف مصالح المغرب وأراضيه، واستهداف عناصر المينورسو العاملة بالصحراء المغربية".
واعتبر الطيار، في تصريح لـ"العرب"، أن "جميع العناصر المطلوبة لتصنيف بوليساريو كحركة إرهابية متوفرة، حيث ثبت من مختلف التحقيقات أن عناصرها متورطة في أهم العمليات الإرهابية التي قام بها تنظيم القاعدة بالمنطقة".
واستدرك أنه "بحكم ارتباط أغلب الدول الغربية وروسيا وغيرها بمصالح تجارية وعقود تفضيلية في الغاز والنفط، فهي إلى حدود الآن تصرف النظر عما يحدث فوق الأراضي الجزائرية من نشاط إرهابي حقيقي".
وشددت فيكتوريا نولاند مساعدة كاتب الدولة المكلفة بالشؤون السياسية الأميركية، في الجلسة الافتتاحية للاجتماع على "ضرورة اليقظة إزاء الخطر القائم، خاصة وأنه في منطقة الساحل يوجد تهديد يحدق بأفريقيا وهو ما يجعل الولايات المتحدة ملتزمة في مواجهة التحديات المطروحة إحقاقا للسلم في المنطقة".
وأكد بوريطة أنه “بالرغم من الحذر القائم لأعضاء التحالف الدولي ضد الجماعات الإرهابية، إلا أن تهديد ما يُسمى بداعش لم يتراجع بحيث تزايدت نسبة الهجمات خلال السنة الفارطة بما يناهز 40 إلى 60 في المئة قاريا، بعد أن ارتفع عدد الهجمات إلى 41 هجمة إرهابية في أفريقيا خلال نفس الفترة”.

ولمواجهة تصاعد مد التطرف في أفريقيا، أثنت الولايات المتحدة على الجهود المبذولة من طرف المغرب في سبيل إحقاق السلم والأمان والاستقرار في المنطقة والقارة الأفريقية، مشددة على أنها تتقاسم مع الرباط وأعضاء التحالف الدولي ضد داعش "هاجس القضاء على الجماعات الإرهابية الساعية لهدم إنسانية الإنسان وإحقاق التطرف".
وتشارك في هذا التحالف 84 دولة ومنظمة دولية تنتمي إلى مختلف مناطق العالم. وأفاد بلاغ لوزارة الخارجية المغربية أن الاجتماع يشكل مرحلة أخرى ضمن مواصلة الانخراط والتنسيق الدولي في مكافحة داعش، مع التركيز على القارة الأفريقية، وتطور التهديد الإرهابي في الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
وقدّر بوريطة في المعطيات التي قدمها عدد الكيانات الإرهابية الناشطة في أفريقيا بـ27 كيانا، يهدد الأمن والسلم وسلام القارة السمراء، مشيرا إلى أن الجماعات المتطرفة واصلت التوغل على مستوى الساحل الأطلسي والمسارات البحرية وظهرت في خليج غينيا والقرن الأفريقي وتسعى لوضع يدها على الموارد الطبيعية للقارة.
وأكد الطيار أن "لقاء مراكش الدولي ينعقد في ظروف شهدت توسع نشاط وخطورة تنظيم داعش بمنطقة الساحل الأفريقي، خاصة في ظل عجز فرنسا والدول المتحالفة معها عن الحد من نشاط تلك التنظيمات بمنطقة الساحل طيلة السنوات الماضية، حيث توسع نشاط داعش في المثلث الحدودي الذي يجمع دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو".
وخلال الاجتماع، استعرض وزراء التحالف المبادرات المتخذة في ما يتعلق بجهود ضمان الاستقرار في المناطق التي تأثرت في السابق بهجمات داعش، وذلك في مجال التواصل الاستراتيجي في مواجهة الدعاية إلى التطرف التي ينهجها هذا التنظيم الإرهابي وأتباعه، ومكافحة المقاتلين الإرهابيين الأجانب.