المغرب يدعو إلى تعاون استخباراتي عادل في مواجهة المخاطر

الرباط - دافع المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني في المغرب، عبداللطيف حموشي، خلال تمثيله المملكة في فعاليات الاجتماع الدولي الثالث عشر لكبار المسؤولين المكلفين بقضايا الأمن والاستخبارات، بموسكو، عن نهج مشترك للأمن قائم على تعاون عادل ومتكافئ في مواجهة المخاطر المشتركة، انطلاقا من التزام المغرب بمقاربة شاملة للتعاون الأمني.
وأوضح عبداللطيف حموشي، أن “المدخل الأساسي لتحييد المخاطر والتهديدات الإستراتيجية المتنامية، ينطلق من ضرورة خلق بنية أمنية مشتركة وغير قابلة للتجزئة، تساهم فيها مصالح الأمن والاستخبارات الوطنية بتعاون وتنسيق وثيقين مع نظيراتها في مختلف دول العالم.”
وأكد حموشي على أن التعاون العادل والمتكافئ بين الدول هو الضامن لنجاح أي بنية أمنية مشتركة تروم مواجهة التهديدات والتحديات الإستراتيجية في عالمنا المعاصر، كما أن واجب التحذير الذي يؤطر عملنا الاستباقي، ومسؤولياتنا المشتركة، يفرضان علينا تبادل المعلومات حول كل التهديدات الأمنية المرصودة أو المحتملة، وتقاسمها بشكل مؤمن وفوري، بما يحقق أمننا الجماعي.
وركز المغرب في مجال التعاون الأمني على الثقة المتبادلة والشفافية وتحقيق المنفعة المشتركة، وهو ما تناولته مباحثات مكثفة للمدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني على هامش هذا المنتدى الدولي، مع رؤساء وأعضاء العديد من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، بما فيها جهاز الأمن الفدرالي الروسي، تعزيزا لعلاقات الرباط الأمنية مع مختلف الدول وبناء شراكات إستراتيجية لمواجهة التحديات الأمنية.
وأكد عبدالنبي صبري، الأستاذ الجامعي في العلاقات الدولية والجيوسياسية، أن “المغرب كان وما زال وفيا لمبادئه، لأنه يوظف قيمه المتعارف عليها في التعاون الأمني والاستخباراتي والمشاركة في المبادرات متعددة الأطراف، وعندما يدعو حموشي إلى التعاون في مواجهة التهديدات والمخاطر، فهو يؤكد على أن المغرب حريص على فوائد قاسم المعلومة الحيوية مع عدد من الدول والتي ساهمت في تفكيك الشبكات الجهادية وإدارة التهديدات العابرة للحدود الوطنية وتجنيبها من كوارث، نتيجة يقظة الجهاز الأمني المغربي في التصدي للظاهرة الإرهابية بالداخل وامتداداته بالخارج سواء بالصحراء والساحل أو غيرهما.”
ولفت لـ”العرب”، أن “هناك إجماعا عالميا على أن المغرب أصبح مدرسة أساسية في قضايا التعاون الدولي الثنائي ومتعدد الأطراف خاصة على مستوى الأمن والاستخبارات ما يؤكد الدور المغربي على المستوى الجيوستراتيجي في التعامل الجدي والفعال مع المخاطر المتعددة ليكون نموذجا لليقظة والاستباقية في ظل التحديات المتطورة، كون الأجهزة الأمنية بكل تشكيلاتها فهمت المتغيرات الدولية بالاستثمار في العنصر البشري والتقني مع الكفاءة العالية والدراية بتشعبات المخاطر على مستوى الإرهاب والمنظمات التي تتاجر بالبشر،” داعيا إلى “ضرورة تقاسم المعلومات والمنافع المشتركة، مع توسيع شبكات تبادل المعلومات الاستخباراتية رفيعة المستوى، للحد من نشاط الجماعات الإرهابية.”
ويعكس هذا الدور الريادي التزام المملكة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمختلف أشكالها، وتقديم خبراتها المتراكمة في هذا المجال، مما يجعلها نموذجًا يحتذى به في بناء شراكات أمنية فعالة ومستدامة.
ويواصل المغرب ترسيخ مكانته كشريك لا غنى عنه في بناء بنية أمنية عالمية أكثر قوة ومرونة، إذ أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في فيينا، عزالدين فرحان، أن مكافحة الجريمة المنظمة بشكل فعال تقتضي الانتقال نحو حوكمة أمنية مندمجة، تقوم على التنسيق الميداني، وتبادل المعلومات بشكل استباقي، مشددا في كلمته خلال الدورة الـ34 للجنة الأمم المتحدة المعنية بمنع الجريمة والعدالة الجنائية، على أن هذه التحديات العابرة للحدود لا يمكن مواجهتها بشكل منفرد، بل تتطلب تنسيقا عملياتيا، وتبادلا فوريا للمعلومات، وشراكات قائمة على الثقة على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية.
وعرفت المؤسسة الأمنية في المغرب تطورا مهما خلال عهد العاهل المغربي الملك محمد السادس، حيث تم تعزيز القدرات والتجهيزات الأمنية لتواكب التحديات المتزايدة في العصر الحديث، واتسمت هذه الفترة بتطوير الأجهزة الأمنية بما يضمن تحسين الأداء والكفاءة في مواجهة الجريمة والإرهاب والحفاظ على الأمن العام، كما تم تعزيز التعاون بين مختلف الأجهزة الأمنية وتكثيف التدريب والتأهيل لعناصرها، بالإضافة إلى الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في العمليات الأمنية.
ومع تصاعد التحديات الأمنية العالمية، يظل دور المغرب محوريا في تعزيز التعاون الأمني الدولي حيث جاء التعاون مع إسبانيا في المرتبة الأولى بنسبة 37 في المئة، متبوعا بالتعاون الشرطي مع فرنسا بنسبة 28 في المئة، وألمانيا بـ11 في المئة، والولايات المتحدة الأميركية بنسبة مئوية بلغت 10 في المئة، والنمسا بـ3 في المئة، وهولندا 2 في المئة، إلى جانب مشاركته الفعالة في المنتديات الدولية وتبنيه لمقاربات شاملة تقوم على الشراكة وتبادل المعلومات.
ويلعب المغرب دورًا حيويًا في حماية الجناح الجنوبي للحلف الأطلسي من تداعيات الإرهاب وإدارة تدفقات الهجرة نحو أوروبا بوصفه شريكًا إستراتيجيًا للولايات المتحدة وأوروبا، إذ تستند قدراته الاستخباراتية إلى بنية تحتية أمنية متطورة وتنسيق سلس بين أجهزة الأمن.