المغرب يدعم قدرات البنوك على تمويل صغار المزارعين

الحكومة ترفع رأس مال مجموعة القرض الفلاحي للمساهمة في مواكبة وتحفيز أنشطة سكان الأرياف.
الثلاثاء 2023/06/27
الأعباء ثقيلة ومُكلفة

يعكس تركيز المغرب على دعم البنوك في التمويل الزراعي إدراك السلطات بأن التحديات المتعددة التي أفرزتها عوامل الجفاف واضطرابات سلاسل التوريد أظهرت أن الأمن الغذائي المستدام يعتمد بشكل أساسي على الأمن الاقتصادي لصغار المنتجين.

الرباط- قررت الحكومة المغربية تنفيذا لتوجهات العاهل المغربي الملك محمد السادس دعم رأس مال مجموعة القرض الفلاحي بمليار درهم (مئة مليون دولار) لتقوية قدراته المالية بهدف مواكبة القطاع الزراعي.

وتندرج الخطوة في سياق المساهمة في تنفيذ عقود برامج سلاسل الإنتاج ومواكبة الانتقال الأخضر للضيعات الزراعية والصناعات الغذائية، في إطار إستراتيجية الجيل الأخضر 2020 – 2030.

ويتوزع رأس مال القرض الفلاحي بين مساهمة الدولة بأكثر من 75 في المئة والتعاضدية الفلاحية المغربية للتأمينات والتعاضدية المركزية المغربية للتأمينات بنحو 7.4 في المئة لكل منها والباقي لمساهمين آخرين.

محمد صديقي: نهدف إلى تأسيس جيل جديد يضم 180 ألف مزارع شاب
محمد صديقي: نهدف إلى تأسيس جيل جديد يضم 180 ألف مزارع شاب

ويهدف هذا الدعم الحكومي للبنك، الذي يعتبر أكبر وأهم ممول للقطاع الزراعي، إلى العمل على ولادة طبقة ريفية متوسطة، إضافة إلى المساهمة في الإستراتيجية الوطنية للإدماج المالي وتكريس المواكبة غير المالية لسكان القرى.

وتبدو السلطات مقتنعة بأن ثمة أهمية كبيرة للمحافظة على الموارد الطبيعية عبر تطوير زراعة مستدامة ومقاومة للتغيرات المناخية تعتمد ترشيد مياه الري وتشجيع استعمال الطاقة البديلة واستخدام التقنيات التي تساهم في الحفاظ على التربة.

واعتبر وزير الفلاحة محمد صديقي أن دعم الإستراتيجية ماليا يهدف إلى تأسيس جيل جديد يتكون من 180 ألف مزارع شاب من خلال استصلاح مليون هكتار من الأراضي الجماعية.

وأوضح أن هذه العملية ستوفر نحو 170 ألف فرصة عمل في مجال الخدمات على طول سلاسل القيمة الزراعية عن طريق تشجيع ريادة الأعمال.

وكان مهنيون وبرلمانيون قد طالبوا بتقديم الدعم للمزارعين خاصة من لديهم مشاريع صغيرة ومتوسطة وتسهيل وصولهم إلى التمويل البنكي.

وشددوا على ضرورة التفكير مستقبلا في عواقب التغيرات المناخية والاستعداد لها لضمان السيادة والأمن الغذائيين لبلد يضم قرابة 38.2 مليون نسمة.

ويقول رئيس الكونفيدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية رشيد بنعلي إن الصعوبات التي يجدها المزارعون على مستوى التمويل البنكي تزيد من مشاكلهم في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وأشار إلى احتمال عقد ممثلي الكونفيدرالية اجتماعا مع مسؤولي مجموعة القرض الفلاحي بهدف التوصل إلى حل لمشكل التمويل البنكي.

ويقول القرض الفلاحي إن البنك سيظل الذراع المالية الفعالة لتنفيذ إستراتيجية الجيل الأخضر بالشراكة مع جميع الأطراف المتداخلة في هذا القطاع.

القرض الفلاحي استحدث آلية مواكبة غير مالية أطلق عليها اسم «دار المستثمر القروي»
القرض الفلاحي استحدث آلية مواكبة غير مالية أطلق عليها اسم «دار المستثمر القروي»

وقدم البنك في الموسم الزراعي الماضي قروضا بقيمة 9.58 مليار درهم (912 مليون دولار)، وهو تمويل أعلى من الموسم السابق والذي بلغ قرابة 810 مليون دولار.

ويرى خبراء أن القرض الفلاحي ملزم بالتوفيق بين كونه مؤسسة تحوز الدولة حصة مسيطرة والتزاماتها فيما يخص القواعد الاحترازية الملزمة للقطاع البنكي.

وأوضحوا أن ذلك يستدعي تقييما مستمرا للإنجازات وتقويما مرحليا للأهداف المسطرة في المخططات الإستراتيجية للمجموعة، والتي لا تنفصل عن الأهداف الإستراتيجية للدولة فيما يتعلق بتنمية الأرياف ودعم فئة المزارعين الصغار.

ويؤكد صديقي أن الدور الذي يقوم به هذا البنك مهم باعتباره شريكا ماليا رئيسيا في الإستراتيجيات الوطنية الموجهة للزراعة وتنمية القرى، مشددا على التزامه بمواكبة ودعم مختلف الإستراتيجيات المعتمدة لتنمية هذا القطاع الإستراتيجي.

وتتراوح مساهمة الزراعة بين 14 و15 في المئة من الاقتصاد المغربي، ويعمل في القطاع حوالي 35 في المئة من القوة العاملة الإجمالية في البلاد، 40 في المئة من هؤلاء يعيشون في الأرياف.

ولكن الرباط تهدف إلى مضاعفة الإنتاج الزراعي الإجمالي خمس مرات ليصل إلى حوالي 250 مليار درهم (25 مليار دولار) بحلول 2030.

وبفضل الإستراتيجية التجارية المرنة التي اعتمدها القرض الفلاحي، والديناميكية التي انخرطت فيها لصالح سكان القرى، الذي تعتبره أولوية مطلقة، سجلت ودائع عملاء البنك نموا سنويا بنسبة 12 في المئة.

ويرتكز هذا الأداء على التزامها بتجديد سلسلة منتجاتها وخدماتها التي تقترحها على المتعاملين، خاصة تلك المتعلقة بسلاسل الإنتاج الزراعي.

ويندرج البرنامج الوطني لمواكبة ودعم المزارعين الشباب في القرى الذي يعد ثمرة شراكة بين المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية والقرض الفلاحي، في إطار تنفيذ إستراتيجية الجيل الأخضر، وخصوصا الشق المتعلق بالعنصر البشري والاستشارة الزراعية.

رشيد بنعلي: صعوبات التمويل تزيد المشاكل وسط ارتفاع التكاليف الإنتاج
رشيد بنعلي: صعوبات التمويل تزيد المشاكل وسط ارتفاع التكاليف الإنتاج

ويهدف البرنامج إلى تأمين الاندماج المهني للشباب القروي من خلال مواكبة مالية خاصة ملائمة لحاجيات أصحاب المشاريع ومواكبة غير مالية من خلال الاستشارة والتأطير والتكوين ووضع خبرة الشركاء رهن إشارة الشباب المستفيدين.

واستحدث القرض الفلاحي آلية مواكبة غير مالية، تعزيزا لعروضها ومنتجاتها أطلق عليها اسم “دار المستثمر القروي”، بغرض ضمان تنفيذ برنامج واسع للدعم التقني وتوفير مواكبة شاملة لأصحاب المشاريع، تجمع بين التمويل والاستشارة والخبرة التقنية.

وتؤكد الحكومة أن مواكبة المزارعين تخدم استدامة النظام الغذائي مع مراعاة تحقيق التوازن بين السياسة الزراعية والسياسة الغذائية، الأمر الذي يستدعي بدوره تحقيق التوازن بين سلاسل الإنتاج والإمداد والتمويل.

ورصدت المجموعة في الموسم الزراعي 2020 – 2021 تمويلات بقيمة 6 مليارات درهم (590 مليون دولار) لمواكبة الإجراءات الاستعجالية وتقديم قروض للمزارعين ومربي الماشية المتضررين.

كما تم تمويل عمليات استيراد القمح والشعير والأعلاف الموجهة للماشية وتأجيل سداد قروض فلاحين وإعادة جدولتها، إضافة إلى توزيع قروض جديدة لمواكبة الموسم، ودراسة وضع منتجات خاصة لعمليات الاستثمار المتعلقة بإعادة تكوين الموارد المائية.

ولهذا أبرز رئيس مجلس إدارة القرض الفلاحي محمد فكرات دور البنك الذي يشكل آلية لتنفيذ السياسة الزراعية، وفقا لتوجيهات الملك محمد السادس، والتي كانت دائما فعالة، لاسيما مخطط المغرب الأخضر، وإستراتيجية الجيل الأخضر.

وقال إن “الهدف الأول بالنسبة إلى البنك هو التنفيذ الأمثل للخطط التي تهدف في نهاية المطاف إلى تحقيق الرخاء للمواطنين، وخاصة ممن يعيشون في القرى والأرياف”.

وإلى جانب تمويل الحكومة لمجموعة القرض الفلاحي لمواكبة المزارعين، شرعت أيضا في تنفيذ برنامج جديد يشمل دعم سلاسل الإنتاج الحيواني والنباتي، والمحافظة على القطيع والمغروسات.

11