المغرب يدعم رواد الأعمال في تمويل مشاريعهم الناشئة

كثف المغرب من جهوده لدعم قدرات رواد الأعمال في تنمية مشاريعهم الناشئة ضمن استراتيجية مرحلية تهدف بالأساس إلى الحدّ من مستويات البطالة المرتفعة، وفي الوقت نفسه جعل القطاع الخاص محركا مهما لنمو اقتصاد البلد المتضرر من تبعات كورونا.
الرباط – قطعت الحكومة المغربية خطوة أخرى في طريق إنعاش سوق العمل المتضرر من تبعات الجائحة بإطلاق برنامج دعم جديد سيوفر قروضا دون فوائد لأصحاب الأفكار والمشاريع الناشئة.
وسيتم تخصيص ميزانية إجمالية لبرنامج “فرصة” تبلغ 1.25 مليار درهم (125 مليون دولار) على أن يحصل كل مستفيد على قرض بقيمة 10 آلاف دولار بما في ذلك منحة تصل إلى ألف دولار.
وبموجب البرنامج الذي يضمن مبادئ المساواة الجهوية والمساواة بين الجنسين، سيتم استرداد القرض على عشر سنوات مع فترة إمهال لمدة عامين.
ويوفر البرنامج آليتين تجمعان بين المواكبة والتمويل، كما يلتقي مع مبادرات الدعم الأخرى للمبادرات الفردية ويتكامل مع المنظومة المعمول بها.
ووصفت الحكومة البرنامج بـ”الطموح والمبتكر”، وهو يستهدف كافة الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 18 عاما ممن لديهم مشاريع تحتاج تمويلا وذلك استجابة للتوجيهات الملكية المتعلقة بتشجيع الاستثمار والتشغيل، خاصة بين الشباب.
وقال رئيس الحكومة عزيز أخنوش إن “الحكومة تجعل من التشغيل المحور الأساسي لكل السياسات العامة في الميدان الاقتصادي”.
وأوضح أثناء إطلاق البرنامج الأربعاء الماضي أن دعم أصحاب المبادرات والمشاريع الصغيرة سيعزز السيادة “في المنتوجات والخدمات الاستراتيجية والتعريف بالمنتوج المحلي داخليا وخارجيا وحمايته من المنافسة اللامشروعة”.
وتأتي الخطوة في سياق التوجهات العامة لموازنة 2022 الرامية لمواكبة الشباب عبر اتخاذ تدابير طارئة من شأنها تشجيع مبادراتهم دون شروط مسبقة، ومن ثم إضفاء ديناميكية جديدة على مختلف القطاعات الإنتاجية.
محمد الشرقي: البرنامج يعدّ منصة مثالية للتعامل مع صعوبات التمويل
وقالت الحكومة في بيان إن الخطوة “ستدعم الشباب بسبب الصعوبات التي تواجههم في الوصول إلى مصادر التمويل، وأيضا العراقيل التي تواجهها الشركات الصغيرة جدا بالنظر إلى آثار الأزمة الصحية على الاقتصاد، ضمن مبادرة تهدف إلى تشجيع نشاط الشركات وتوفير فرص العمل”.
ويرى خبراء أن دعم الشباب في إطار برنامج “فرصة” يتقاطع مع توقعات إيجابية في انطلاق الاقتصاد المغربي بشكل أكثر قوة خلال السنوات الثلاث المقبلة رغم إكراهات الجفاف والسياق الدولي، وذلك للزخم الذي تعرفه الاستثمارات في العديد من القطاعات.
وأكد الخبير محمد الشرقي في تصريح لـ”العرب” أن مشروع “فرصة” هو بمثابة منصة مناسبة للتعامل مع الصعوبات الكثيرة في سوق العمل، بسبب استمرار تداعيات أزمة كوفيد من جهة والأوضاع المناخية والاقتصادية الدولية غير المساعدة من جهة ثانية.
وقال إنه “إلى جانب قروض ‘فرصة’ تراهن الحكومة على زيادة حجم الاستثمارات بنحو 25 مليار دولار من أجل تحفيز الاقتصاد، وهذا يتطلب مرونة من البنوك حتى تقدم تسهيلات ائتمانية للشباب”.
وستشمل آلية المواكبة تكوينا في التعلم الإلكتروني لجميع المشاريع التي سيتم اختيارها، بالإضافة إلى احتضان أكثر المشاريع الواعدة لمدة شهرين ونصف الشهر من خلال حشد البنيات المحتضنة على مستوى الجهة.
وتعتبر كافة قطاعات الأنشطة مؤهلة للتمويل وسيتم اختيار أصحاب المشاريع بعد طلب تقديم طلب للجهات المعنية، التي ستبدأ في تنفيذ البرنامج بداية من الشهر المقبل بتقديم المرشحين لملفات طلباتهم على المنصة الرقمية المخصصة لهذا الغرض.
وستقود الشركة المغربية للهندسة السياحية البرنامج عبر إحداث وحدة للتدبير والتتبع مخصصة لبرنامج “فرصة”، على أن يتم تعميمه في كافة أنحاء البلاد وفي خطة مرحلية معدة سلفا.
ويعتمد التعميم الفعال لبرنامج “فرصة” على تعبئة الشركاء على مستوى الجهات لاسيما المراكز الجهوية للاستثمار، وكذلك مؤسسات التمويل الأصغر والمحتضنين المحليين للمشاريع الناشئة.
ولإنجاح هذا البرنامج جرى اعتماد نظام حوكمة لقيادة ومواكبة تنفيذه، يتشكل من لجنة استراتيجية يرأسها رئيس الحكومة ولجنة قيادة وطنية ولجان تتبع جهوية وإقليمية.
جيسكو هنتشل: المغرب يحتاج إلى تنويع مصادر النمو لدعم سوق العمل
ومن المتوقع أن يبلغ معدل البطالة بنهاية الربع الأول من 2022 أقل من 12 في المئة، لكنها ترتفع عند الشباب بين 18 إلى 25 في المئة خاصة الخريجين غير المؤهلين للعمل في القطاع الخاص.
وصعدت نسبة البطالة إلى 12.3 في المئة من إجمالي القوى العاملة خلال العام الماضي ارتفاعا من 11.9 في المئة قبل عام. وعزت المندوبية السامية للتخطيط في فبراير الماضي هذا الارتفاع إلى استمرار تأثر اقتصاد البلد بالجائحة.
ويؤكد جيسكو هنتشل المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي بالبنك الدولي، أن الاقتصاد المغربي سيحتاج في المرحلة المقبلة إلى تنويع مصادر نموه لمواصلة توفير فرص العمل.
وعلى اعتبار أن دعم رواد الأعمال والارتقاء بأوضاعهم المادية سيخدم خططا للسيطرة على البطالة، يعتقد عبداللطيف الجواهري محافظ البنك المركزي المغربي أن برنامج “انطلاقة” والمتضمن لـ”فرصة” له دور أساسي في بلوغ مرحلة الاقتصاد الديناميكي.
ولم يخف الجواهري وجود صعوبات أو اختلالات في التدابير التي يتبعها القطاع المصرفي حيث تم رصد مخالفات من طرف بنوك، لم يذكرها، تتعلق بأربعة ملفات تعود إلى شركات ناشئة.
ومع ذلك فإنه لتوفير الدعم الفني لأصحاب المشاريع في إطار “فرصة” تعمل سلطات مراكش – أسفي جنوب البلاد على تفعيل برنامج دعم الادماج الاقتصادي للشباب بالجهة، الممول في إطار شراكة مع البنك الدولي بمبلغ يصل إلى 4.7 مليون درهم (480 ألف دولار).
وتظهر البيانات الرسمية أن 1300 شخص استفادوا من مواكبة المشاريع الناشئة، من خلال تنظيم ورشات تنكب حول تقنيات البحث عن عمل، وإجراء محادثات فردية وجماعية للباحثين عن عمل.
واعتبر شكيب لعلج رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهو أكبر تجمع للشركات بالبلاد، أن التعاون مع الشركاء والمانحين في تعزيز ريادة الأعمال أمر مهم للغاية.
واستشهد في هذا السياق بتجربة برنامج “انطلاقة” الذي تدعمه المفوضية الأوروبية والهادف إلى مساعدة أصحاب الأفكار والمشاريع لكي يؤسسوا أعمالهم ومن ثم إنجاحها.