المغرب يدحض روايات حقوقية حول ظروف سجناء أحداث "أكديم إيزيك"

الرباط - دحضت السلطات المغربية انتقادات أوردتها منظمات حقوقية دولية بشأن ظروف إيواء السجناء المعتقلين على خلفية أحداث “أكديم إيزيك”.
ونفت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج الادعاءات الواردة في بيان مشترك لمنظمتي هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، واصفة إياه بـ”المتحيز والمتجاهل لمآل الأشخاص الذين سُفكت دماؤهم ودُنّست أجسادهم وكذلك مصير أسرهم”. وأوضحت المندوبية العامة في بيان وصلت “العرب” نسخة منه، أن هذا البيان “يجتر الادعاءات الواهية لعائلات المعتقلين المعنيين، متغافلا عن حقيقة أمر هؤلاء المعتقلين الذين ليسوا إلا قتلة مأجورين يعملون لحساب الجزائر”.
وتحدثت المنظمتان الحقوقيتان في تقرير لهما تحت عنوان “الصحراء: سجناء محكومون بفترات طويلة ينتظرون العدالة” عن ظروف صعبة يواجهها معتقلو أحداث مخيم “أكديم إيزيك” بالسجون المغربية، وأن هذه المجموعة من المعتقلين أدينت بمزاعم تورطها في أعمال عنف يوم الثامن نوفمبر 2010.
وقالت المنظمتان في ذات التقرير إن “أكثر المساجين محتجزون في سجون على بعد ألف كيلومتر على الأقل من مدينة العيون التي ينتمي إليها معظمهم. ونفذ العديد منهم إضرابات متكررة عن الطعام منذئذ بزعم وقوع انتهاكات منها الحرمان من الرعاية الطبية أو الزيارات العائلية، والحبس الانفرادي التعسفي”.
وفي ردها أبرزت المندوبية أن هؤلاء السجناء المعنيين، الذين يقضون عقوباتهم في سبع مؤسسات سجنية، يتمتعون بكافة الحقوق التي يخولها لهم القانون.
وفي ما يخص الإضرابات “المتكررة” عن الطعام، حسب ما جاء في بلاغ هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، فقد أكدت المندوبية أنه بغض النظر عن أن إعلان هؤلاء المعتقلين عن الدخول في هذه الإضرابات لا يتم إلا نادرا، فإنهم في واقع الأمر لا يلتزمون بها، بل إن هدفهم الوحيد هو استرعاء الانتباه إلى قضاياهم وكسب تعاطف المنظمات غير الحكومية المعادية للمغرب، وتضليل الرأي العام.
وأكد محمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية أن مضمون البيان المشترك لهيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية يفتقر بشكل كبير إلى الحرفية والمهنية في طريقة معالجة هذا الموضوع، مما يجعل الأهداف والدوافع الحقيقية لهذه المنظمات ودرجة حيادها في تناول قضايا المغرب موضوع مساءلة وشك. وقال الطيار إن المنظمتان تثبتان في كل مرة انحيازهما وعدم استنادهما إلى مبدأ الحياد عبر ترديد اتهامات بدون التثبت في صحة المعلومات الواردة، وتسعى مثل هذه المنظمات فقط للتشويش على المغرب، متجاهلة في الوقت نفسه أحد عشر شخصا تم قتلهم وتشويه أجسادهم وبدون استحضار لمصير وظروف أسرهم.
وأوضح الطيار في تصريحات لـ”العرب” أن الأشخاص موضوع الادعاءات التي وردت في بيان المنظمتين يقضون عقوباتهم في ظروف لائقة، ويتمتعون بكافة الحقوق التي يخولها لهم القانون، وذلك على قدم المساواة مع بقية نزلاء المؤسسات السجنية، حيث يستفيدون من الخدمات الصحية، وقد تمكن بعضهم ممن لديه الرغبة من مواصلة الدراسة والاستفادة من جميع الوسائل من أجل التحضير لامتحاناته وأبحاثه، والحصول على شهادات جامعية من داخل أسوار السجن.
وتعود أحداث مخيم “أكديم إيزيك” إلى العاشر من أكتوبر 2010، عندما قام محسوبون على جبهة بوليساريو باستغلال مطالب اجتماعية تشمل خلق مناصب شغل للعاطلين، وتوفير السكن وتقديم الدعم الاجتماعي للفئات الأكثر تضرراً من السكان الصحراويين، لإحراج المغرب، وذلك بالتزامن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى المغرب في السادس عشر أكتوبر 2010، وكذلك زيارة مبعوثه الخاص كريستوفر روس إلى الصحراء.
وأسفرت عملية تفكيك مخيم “أكديم إيزيك” بتاريخ الثامن من نوفمبر 2010 عن مقتل 11 عنصراً من القوات العمومية المغربية غير المسلحة، والتمثيل بجثثهم، بينما بلغ عدد المصابين بجروح متفاوتة الخطورة 70 فرداً من القوات العمومية و4 في صفوف المدنيين.
وسجلت تنسيقية أصدقاء وأسر ضحايا مخيم “أكديم إيزيك” الأربعاء ضمن بلاغ لها بمناسبة مرور 12 سنة على الأحداث، استغرابها من “صدور بعض التقارير الأممية التي تجاهلت حق ضحايا المخيم الحقيقيين في الولوج إلى العدالة والإنصاف، في محاولة لتكريس عدم الإفلات من العقاب ضدا للمواثيق الدولية”.
وأضاف ذات البلاغ “إننا نثير استغرابنا من إثارة ادعاء تعذيب معتقلي المخيم ممن ارتكبوا هذه الجرائم، وهو الادعاء الذي يُراد منه فقط تبييض المجرمين ممن ارتكبوا تلك الجرائم للإفلات من العقاب، وهو ما سايرتهم فيه للأسف بعض الآليات الأممية”.
وأشارت المندوبية العامة لإدارة السجون إلى أن معاملة هؤلاء المعتقلين تضمن صون كرامتهم، وذلك على قدم المساواة مع بقية نزلاء المؤسسات السجنية، بل يستفيدون في بعض الأحيان، ولأسباب إنسانية، من تسهيلات إضافية في ما يخص الزيارات العائلية على سبيل المثال، مضيفة أنه بالنظر إلى أن أقاربهم يتوافدون من مناطق بعيدة لزيارتهم، فإن إدارة المؤسسات المعنية تمكنهم من الزيادة في مدة الزيارات ووتيرتها وعدد الزوار وما إلى ذلك.
وطالبت تنسيقية أصدقاء وأسر ضحايا مخيم “أكديم إيزيك” السلطات بتعبئة كل الآليات القضائية في إطار التعاون القضائي الدولي لإحضار ومتابعة كل المشتبه في تورطهم في العملية والفارين إلى الخارج.
ولفت الطيار إلى أن عدة منظمات دولية أكدت ما يتمتع به هؤلاء المحكومين في قضية “أكديم إيزيك”، كالمكتب الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون، وكذلك مختلف تقارير وزارة الخارجية الأميركية المنشورة منذ سنة 2015، فضلا عن شهادات مختلف المنظمات الحقوقية والمسؤولين الأجانب بمناسبة زيارتهم إلى السجون المغربية في إطار التعاون مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.