المغرب مهيأ لتحقيق الريادة العالمية في إنتاج الهيدروجين الأخضر

الهدف إنتاج 3 ملايين طن سنويا بحلول 2030 ليبلغ 26 طنا سنويا بحلول 2050.
الثلاثاء 2023/07/04
طريق طويلة لكنها بلا حدود!

تتزايد قناعة الخبراء بأن المغرب أمام فرص واعدة للاستثمار الأمثل في مجال الهيدروجين الأخضر وتحقيق أعلى المكاسب الممكنة بفضل المقومات التي تتمتع بها البلاد، وخاصة إذا ما تعلق الأمر بمناخ الأعمال المستقر وأيضا مشاريع الطاقة الشمسية والرياح.

الرباط - تكتسب إستراتيجية استثمار الهيدروجين الأخضر في المغرب المزيد من الزخم مع تتالي الإشادات من مكاتب الاستشارات الدولية حول إمكانية نجاح الخطط الحكومية بشكل أسرع مما هو عليه في العديد من مناطق العالم.

وتتمتع الرباط بسمعة وثقة كبيرتين من قبل المستثمرين في ظل التوجّه الذي ينتهجه البلد نحو تنويع مزيج الطاقة، خاصة وأنه يعد من أول الدول العربية، التي اعتمدت خارطة طريق لتحقيق أقصى استفادة من هذا المورد.

وأكد تقرير أصدره مكتب الاستشارات الدولية ديلويت مؤخرا أن المغرب في وضع جيد للقيام بدور رئيسي في إنتاج الهيدروجين الأخضر، الذي ستتجاوز قيمته العالمية قيمة الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2030.

ومن المتوقع أن يستمر قطاع الهيدروجين الأخضر في النمو من 642 مليار دولار كإيرادات بنهاية العقد الحالي ليصل إلى نحو 1.4 تريليون دولار سنويا بحلول 2050.

وأشار معدو التقرير إلى أن المغرب مهيأ للظهور كلاعب رئيسي في إنتاج الهيدروجين الأخضر، نظرا للمكانة الإيجابية المتميزة من حيث موارده الشمسية وطاقة الرياح، واللتين تتماشيان جيدا مع صناعة إنتاج واسعة النطاق شديدة التنافسية.

وأوضحوا أن “هذا المزيج المفيد، إلى جانب قربه من الاتحاد الأوروبي، يضع المغرب كمرشح رئيسي لإنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر”.

صلاح مهدي: وضع المغرب جيد للظهور كلاعب رئيسي ومؤثر بالقطاع
صلاح مهدي: وضع المغرب جيد للظهور كلاعب رئيسي ومؤثر بالقطاع

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد وجه في أواخر نوفمبر الماضي الحكومة لإعداد برنامج خاص لقطاع الهيدروجين الأخضر يشمل الإطار التنظيمي والمؤسساتي، ومخططا للبنية التحتية الضرورية.

ويحدد تقرير ديلويت المغرب كواحد من أكثر البلدان التي لديها إمكانات لتصدير الهيدروجين الأخضر، ويضعه إلى جانب السعودية وإسبانيا والمملكة المتحدة واليابان وتشيلي، والتي تحتل مواقع مختلفة في الكميات المتوقع توريدها.

وبحسب الخبراء في ديلويت، فإن الهيدروجين الأخضر النظيف سيلعب دورا حاسما في الطريق لتحقيق الحياد المناخي، الذي يقتضي خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وأن نمو الهيدروجين الأخضر سيشكل 85 في المئة من سوق الهيدروجين بصفة عامة.

وتشير تقديرات مجلس الطاقة العالمي إلى أن المغرب من الدول الست في العالم التي تمتلك إمكانات كبيرة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وهو ما من شأنه أن يؤهل البلاد للاستحواذ على 4 في المئة من الطلب العالمي بحدود عام 2030.

ويخطط البلد، وهو أحد أبرز بلدان المنطقة العربية وقارة أفريقيا في استخدام المصادر النظيفة، لإنتاج 3 ملايين طن من الهيدروجين بحلول 2030 بالاعتماد على إمكاناته بالطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر، ما من شأنه تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول 2050.

وحسب باحثين في معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، يزخر البلد بمؤهلات كبيرة في مجال الهيدروجين الأخضر، ويعد من الدول الرائدة في هذا المجال حسب دراسات وتقارير وكالات عالمية متخصصة وجامعات دولية.

كما أنه يتمتع بموارد طبيعية غنية من الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، مما يجعله موقعا مثاليا لتوليد الكهرباء المتجددة التي يمكن استخدامها في إنتاج الهيدروجين الأخضر.

وإضافة إلى ذلك هناك 3500 كيلومتر من شاطئ البحر الذي يعد مصدرا هاما للماء الضروري لإنتاج الهيدروجين بعد تحليته.

وأكد باحثو المعهد على توفر نظام هجين بأدنى تكلفة على مستوى المواقع الخمسة، التي تمت دراستها، وهي مدن الداخلة والعيون وطنجة والجرف الأصفر وطانطان، مع اقتناعهم بكون المغرب مؤهلا لإنتاج جزيئات هيدروجين أخضر بتكلفة منخفضة عالميا.

4

في المئة الحصة العالمية التي يمكن أن يستحوذ عليها البلد بحلول 2030 وفق مجلس الطاقة العالمي

وحول مستقبل الهيدروجين الأخضر في المنطقة العربية، أكد صلاح مهدي، المدير العالمي لقطاع الهيدروجين بشركة شارت إندستريز الأميركية، أن المغرب في وضع جيد للظهور كلاعب رئيسي ومؤثر في هذا القطاع المزدهر.

وقال مهدي، العضو في مجلس الهيدرجين العالمي، إن البلد “يدفع باتجاه التحول نحو نظام طاقة أنظف وأكثر استدامة، بالنظر إلى وفرة الموارد الطبيعية الموجودة تحت تصرف دولته وقربه الإستراتيجي من أوروبا”.

وتستعد الحكومة المغربية لتحيين خطة المغرب بخصوص الهيدروجين الأخضر لتحفيز الاستثمار في هذا القطاع الذي أصبح يستقطب رؤوس أموال مهمة عبر العالم.

واعتمد المغرب سنة 2021 إستراتيجية للهيدروجين الأخضر بهدف إنتاج نحو 3 ملايين طن بحلول 2030، بالاعتماد على إمكاناته في مجال الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر، وهو ما من شأنه تسريع تحقيق هدف الحياد الكربوني في 2050.

وأعلن المكتب الشريف للفوسفات (أو.سي.بي)، وهو أكبر منتج للأسمدة في العالم، عن عزمه استثمار 7 مليارات دولار في مصنع للأمونيا يستعمل الهيدروجين الأخضر، لتعزيز إنتاج وصادرات الأسمدة والفوسفات منخفضة الكربون.

وسجل خبراء في الطاقة أن المغرب ينتج حوالي 40 مليون طن من هذه المادة، لكن في ظرف سنوات سترتفع هذه الكمية إلى 70 مليون طن.

وأشاروا إلى أن لهذا السبب سيتجه الفائض من الفوسفات الحجري، في الغالب، إلى مصانع المكتب الشريف للفوسفات الأخرى أو إلى الشركاء في أفريقيا.

ويتوقع خبراء ديلويت أن يدر سوق الهيدروجين العالمي أكثر من 280 مليار دولار من عائدات التصدير السنوية بحلول عام 2050.

ومن المتوقع أن تستفيد بلدان شمال أفريقيا أكثر من غيرها، حيث تصل إلى 110 مليارات دولار سنويا بسبب إمكاناتها التصديرية القوية.

وذكر تقرير ديلويت أن التحول إلى الطاقة الخضراء بدأ يكتسب زخما مع تطلع الحكومات والصناعة في جميع أنحاء العالم إلى معالجة تغير المناخ، مع تعزيز أمن الطاقة العالمي، إذ تعمل الشركات الخاصة والمؤسسات البحثية والهيئات التنظيمية والممولون على إزالة الكربون.

وبالنسبة للمغرب، فإن الاتجاه نحو الطاقات المتجددة صار رهانا إستراتيجيا رسميا، لبلوغ مراحل مهمة لتحقيق تخفيض في الانبعاثات والبحث عن بدائل في الطاقة ناجعة إلى غاية بلوغ مرحلة الحياد الكربوني.

وكشفت دراسة علمية حديثة أنجزها باحثون مغاربة أن الرباط لديها القدرة على المنافسة في سوق إنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل تكلفة، تصل إلى 2.54 دولار للكيلوغرام الواحد، وذلك بمدينة الداخلة جنوب البلاد.

وأشارت هذه الدراسة إلى أن عملية التحليل الكهربائي للمياه، إلى جانب أنظمة الطاقة المتجددة، هي أحد أكثر الطرق الواعدة التي ستساهم في جعل انتقال الطاقة نحو صفر انبعاثات الكربون ممكنا.

وبحسب الدراسة، فإن التكلفة الممكنة في مدينة الداخلة هي الأقل مقارنة بالدراسات السابقة.

كما أظهرت النتائج أهمية استخدام خزانات الهيدروجين لتخزين الطاقة، ناهيك عن إمكانية عدم احتساب تكلفة تحلية مياه البحر لأنها تمثل فقط ما بين 0.12 و0.35 في المئة من صافي التكاليف.

11