المغرب في طريق تعزيز الجهوية المتقدمة للنهوض بالتنمية الشاملة

الرباط - انعقد اجتماع للجنة الإستراتيجية لتقييم حصيلة الجهوية المتقدمة ووضع خارطة الطريق بالنسبة إلى المحطات المقبلة في المغرب، باعتبارها ورشا ملكيا إستراتيجيا مهما للغاية، ومثّل مناسبة للتأكيد على أهمية تعزيز الالتقائية بين العمل الحكومي والجهات والتنسيق بين مختلف المتدخلين للنهوض بالتنمية الشاملة في المملكة.
وأكدت رئيسة جمعية جهات المغرب مباركة بوعيدة أن الاجتماع شكل فرصة لتقييم حصيلة الجهوية المتقدمة، باعتبارها “برنامجا ملكيا إستراتيجيا مهما للغاية”، يتبوأ الصدارة من الناحية الدستورية والفعلية، ويعد “ناجحا وفق كافة المعايير”.
واعتبرت أنه تمت بلورة مقاربة جديدة، منذ بداية هذه الفترة، بمعية عدد من القطاعات الوزارية، من أجل هيكلة القطاعات على المستوى الترابي، مشيرة إلى أن الاجتماع تداول، كذلك، بشأن جدول أعمال الأشهر والسنوات المقبلة، وذلك حرصا على تحسين الأداء، ورفع وتيرة تفعيل وتنزيل المشاريع داخل الجهات، لاسيما من ناحية الموارد المادية والبشرية، والتعاقد بين الدولة والجهات، فضلا عن التحضير للمناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة، التي من المرتقب تنظيمها أواخر السنة الجارية.
من جهته، أكد وزير التجهيز والماء نزار بركة أن هذا الاجتماع شكل فرصة لتقييم حصيلة عمل نصف الولاية الحكومية، حيث تم تحقيق العديد من الإنجازات، من بينها المخططات التنموية الجهوية التي تم التوقيع والتأشير عليها في أفق تنزيلها على أرض الواقع، ووضع خارطة الطريق بالنسبة إلى المحطات المقبلة، مشيرا، إلى أنه “تم الاتفاق على عقد مناظرة وطنية ثانية بشأن الجهوية المتقدمة في شهر ديسمبر المقبل”.
وتداول الاجتماع الذي حضره ممثلو القطاعات الوزارية الموقعة على ميثاق اختصاصات الجهة، إلى جانب رؤساء الجهات والولاة، جدول أعمال الأشهر والسنوات المقبلة، وذلك حرصا على تحسين الأداء، وزيادة نسق تفعيل وتنزيل المشاريع داخل الجهات، لاسيما من ناحية الموارد المادية والبشرية، والتعاقد بين الدولة والجهات، فضلا عن التحضير للمناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة، التي من المرتقب تنظيمها أواخر السنة الجارية.
واعتبر رئيس مجلس المستشارين النعم ميارة الخميس بفاس أن الحكومة ملتزمة في إطار برنامجها للفترة 2021 – 2026 باستكمال الجهوية المتقدمة من خلال نقل اختصاصات واسعة من الدولة إلى الجهة بالموازاة مع تحويل الموارد المالية والبشرية الكافية لذلك.
وقال ميارة في كلمة في افتتاح أشغال ندوة جهوية حول موضوع “الجهوية المتقدمة بين تحديات الممارسة ومتطلبات المراجعة القانونية”، ينظمها مجلس المستشارين بتنسيق وشراكة مع مجلس جهة فاس – مكناس تحضيرا لفعاليات الملتقى البرلماني السادس للجهات، إن “نقل هذه الاختصاصات يتم على نحو يضمن الاستقلالية في التدبير المالي والإداري للجهة، ويجعل من هذه الأخيرة قطبا تنمويا حقيقيا ورافعة للتنمية البشرية والارتقاء الاجتماعي وشريكا أساسيا للدولة”.
واستحضر النعم ميارة مضامين الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في فعاليات الملتقى البرلماني الثاني للجهات بتاريخ 16 نوفمبر 2017، الذي أكد أن “عقد لقاءات دورية للتشاور وتبادل وجهات النظر والنقاش، بشأن تطور هذا البرنامج المهيكل، ليعكس بحق انخراطكم التام، وإيمانكم بالأهمية القصوى التي نوليها شخصيا لهذا الورش الإصلاحي الكبير؛ الذي يتوخى إضفاء المزيد من الديمقراطية على تدبير الشأن العام، وضمان تقاطع السياسات الوطنية والقطاعية والترابية، حول الغاية التي حددناها، ألا وهي تحقيق ما يستحقه مواطنونا من تقدم منصف ومستدام، ورفاهية وازدهار”.
وأفاد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية أن “العاهل المغربي الملك محمد السادس، وفي إطار إدراج المشاريع الاجتماعية والاقتصادية المهيكلة، يهتم شخصيا بالجهة كإحدى آليات تنفيذ تلك المشاريع التنموية، وفق مخطط دقيق وتوجيهات واضحة لمختلف الفاعلين من أجل مستقبل يستجيب لمتطلبات المواطنين، للنهوض بجميع القطاعات الجهوية، وعلى رأسها الجانب الاجتماعي والاقتصادي والتنموي”.
الحكومة المغربية تؤكد على أن التفعيل الحقيقي لمنظومة الجهات لن يكون في المستوى المطلوب دون مواكبته بمجموعة من البرامج الهيكلية
وأضاف لـ”العرب” أن “تكريس الجهوية المتقدمة تترجم جدية المغرب في مواكبة تدبير أمثل للمجال بما يتماشى مع مقومات الحوكمة الترابية والديمقراطية التشاركية، في إطار معادلة ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتنفيذ المشروع الاجتماعي بالقرية والمدينة وفق مقاربة تنموية جديدة على السياسيين والمسؤولين الانخراط فيها بجدية”.
وتؤكد الحكومة المغربية على أن التفعيل الحقيقي لمنظومة الجهات لن يكون في المستوى المطلوب دون مواكبته بمجموعة من البرامج الهيكلية، في ارتباط مع برامج اللاتمركز الإداري ودوره في تكريس الجهوية المتقدمة والاستجابة لمتطلبات التنمية ونهج سياسة القرب ولعب دور أساسي في تحفيز الاستثمار على المستوى الترابي.
وأكد رئيس مجلس جهة فاس – مكناس عبدالواحد الأنصاري على أهمية الوقوف عند أبرز التحديات والإكراهات التي تعيق التنفيذ السليم للجهوية المتقدمة، بعد تسع سنوات من الممارسة العملية.
واعتبر الأنصاري أن “هذه المدة كافية للقيام بوقفة تأمل حقيقية وموضوعية عند الإشكاليات الكبرى والعملية التي تواجهها هذه التجربة الغنية، والتفكير الجماعي في إيجاد الحلول الملائمة لها، وفقا للتوجيهات السديدة للملك محمد السادس”، مشددا على “أهمية بلورة تصورات ورؤى وحلول جديدة لبعض الإشكاليات المرتبطة بموضوع الجهوية المتقدمة، التي نعتبرها اليوم ملحة بالنظر لما بلغته التجربة من نضج”.
وتعتبر القضايا المتعلقة بالشبكات الطرقية والمياه التي تساهم فيها الجهات من خلال توفير الماء الصالح للشرب للمواطنين وبناء السدود، خصوصا في العالم القروي، مرتبطة حسب نزار بركة، بتعزيز الالتقائية بين العمل الحكومي والجهات.
واستعرض رئيس مجلس المستشارين توصيات الملتقى البرلماني للجهات في نسختيه الأخيرتين التي أكدت على ضرورة وضع ضوابط قانونية للتعاقد ضمن إطار منهجي ومرجعي يحدد بدقة شكليات وشروط إبرام وتنفيذ العقود والاتفاقيات بين الدولة والجهات من جهة، وبين الجهات في ما بينها، وبينها وبين باقي أصناف البلديات، من جهة أخرى، والتسريع بفتح برامج الملاءمة التشريعية والتنظيمية المتعلقة باختصاصات القطاعات الوزارية واختصاصات البلديات.