المعارضة تضغط على الحكومة المصرية بمطالب سياسية وحقوقية

تصعيد لهجة أحزاب المعارضة يأتي لعدم قدرتها على التأثير بالشكل الكافي في تسيير دفة الأوضاع الداخلية.
الخميس 2022/12/08
مطالب مجترة

القاهرة - أشهرت المعارضة المصرية سلاح الضغوط السياسية في وجه الحكومة أخيرا، في محاولة لزيادة غلتها من حالة الانفتاح الجزئي انتظارا لانطلاق الحوار الوطني، حيث توافق 12 حزبا وبعض الشخصيات العامة على مجموعة من المطالب السياسية والحقوقية والاقتصادية لتنفيذها كمخرجات للحوار بما يمنحها مساحة حركة يمكن من خلالها استعادة زخمها الغائب في الشارع.

ورغم تقديم أحزاب الموالاة والمعارضة لرؤيتها الخاصة بشأن انطلاق الحوار الوطني، إلا أن الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم في عضويتها عددا من الأحزاب اليسارية واليمينية وشخصيات بارزة، نظمت مؤتمرا صحافيا قبل أيام أعلنت فيه ما أسمته بـ”مشروع الإصلاح الشامل”، واعتبرته مرشدا لخطابها العام.

وبدا المشروع الذي تضمن جملة من الأهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية أشبه بتجديد لخطاب المعارضة المتناثر بين أطراف مختلفة. وحاولت من خلاله إرسال إشارات مفادها أن هناك توافقا حول مطالب سماها البعض “اشتراطات” للمشاركة في الحوار وإنجاحه دون توضيح الأسباب التي دفعت لتأخر الإعلان عنها لما بعد الاتفاق على المحاور الرئيسية للحوار بينها وبين الحكومة.

وتضمن المشروع إلغاء القوانين والمحاكم الاستثنائية، وتطبيق القوانين العادية لمواجهة كافة أشكال الجرائم في المجتمع، وتعديل قوانين الأحزاب السياسية ومباشرة الحقوق السياسية وحرية تشكيل الأحزاب بالأخطار وممارسة عملها والقيام بدورها.

جمال أسعد: الحديث عن اتحاد المعارضة موجه للاستهلاك الإعلامي
جمال أسعد: الحديث عن اتحاد المعارضة موجه للاستهلاك الإعلامي

وطالبت الحركة على المستوى الاقتصادي بإقرار حزمة من السياسات لرفع القدرات الإنتاجية في مجالي الزراعة والصناعة “من أجل تحقيق السيادة على الغذاء والاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية وضخ الاستثمارات اللازمة لتطوير القطاع الصناعي، ووقف خصخصة الصناعات الإستراتيجية، وإجراء مراجعة عاجلة لكل المشروعات القومية الجاري تنفيذها لإعادة ترتيب أولوياتها في ضوء جدواها الاقتصادية”.

ويمكن النظر إلى البند الأبرز في المشروع والذي تمثل في الإفراج عن كافة معتقلي الرأي والمحبوسين احتياطيا، حيث تحدث الرئيس الشرفي لحزب تيار الكرامة حمدين صباحي عن عدم مشاركة الحركة في الحوار إذا لم تفرج الحكومة عن 1074 مسجونا سياسيا تقدمت الحركة بأسمائهم من قبل، لافتا إلى أنه تم حتى الآن الإفراج عن 950 شخصا، معتبرا أن الإفراج عن الجميع شرط للمشاركة.

وجاء تصعيد لهجة أحزاب المعارضة بعد أن وجدت نفسها في مأزق أمام أنصارها، فالحكومة لم تستجب لما أسمته في السابق “مطلوبات وضمانات” الانفتاح السياسي والمشاركة في الحوار، وغير قادرة على التأثير بالشكل الكافي في تسيير دفة الأوضاع الداخلية لضعفها وعدم قدرتها على استخدام وسائل الضغط.

وتحاول الحركة المدنية التي تواجه انتقادات عديدة إنقاذ صورتها، إذ ترى أن التطورات على مستوى الانفتاح على دول داعمة لتنظيم الإخوان تشي بمساحة واسعة من الحركة لم تجد استغلالها، والتطورات قد تتجاوزها لتظل كما هي كتيار ضعيف يستجدي سياسيا للحصول على مكانة في هياكل الحكم المختلفة.

ويقول مراقبون إن الأحزاب المشاركة في الحركة المدنية الديمقراطية تجاوزت التباين في المواقف الأيديولوجية والتوافق حول مشروع عام للإصلاح السياسي والاقتصادي والحقوقي، وما تحقق إنجاز يسهم في إثراء الحياة السياسية المصرية.

ويضيف المراقبون أن المؤتمر الأخير تضمن الإعلان عن مشروع يستهدف مخاطبة الشارع والتأكيد على أن هناك قوة لديها رؤية إصلاحية مغايرة عن التي تتحدث عنها الحكومة، وأن تغطية المؤتمر من جانب بعض وسائل الإعلام المحلية كانت أفضل هذه المرة، ما يشير إلى أن هناك تطورا ظاهرا على مستوى الحريات العامة.

وبات توحد قوى المعارضة مطلوبا في الوقت الحالي، لأن الخلافات حول مشاكل هيكلية في غير صالحها، خاصة أن الجميع متفق على ضرورة إيجاد حل للخلافات عبر أطر مشتركة، والإفراج عن المحبوسين ركيزة جرى البناء عليها.

ومازال الحديث عن وجود خلافات بينية داخل الحركة المدنية مستمرا حتى بعد الإعلان عن مشروع الإصلاح، لأن الأحزاب لم تتوافق بعد على ما إذا كان الإفراج عن المحبوسين شرطا رئيسيا قبل المشاركة في الجلسات العلنية في الحوار أم أنه مطلب يسهم في إنجاحه لكنه لا يمنع المعارضة من المشاركة في حال لم تتم الاستجابة له.

وأوضح رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران في كلمته بالمؤتمر أن “الحركة جزء من الدولة ونظامها السياسي، ووضع المعارضة السياسية في مواجهة الدولة مغالطة كبيرة لا بد من تصحيحها، ونحن ننتهج في عملنا في الحركة المدنية أساليب علمية وسياسية وقانونية”.

◙ هناك قناعة لدى الدوائر السياسية بأن دور المعارضة غائب للأحزاب المشاركة في الحركة المدنية وتسبب غياب الأفكار التي يقوم عليها كل حزب في نوع من الضبابية

وهناك قناعة وسط دوائر سياسية بأن دور المعارضة غائب للأحزاب المشاركة في الحركة المدنية، وتسبب غياب الأفكار التي يقوم عليها كل حزب في ضبابية أثناء النقاشات التي تدور بينها، وسوف تواجه صعوبات حينما تخوض مفاوضات مع الحكومة وتبقى ضغوطها غير مؤثرة لفتح المجال العام وتحقيق مكاسب سياسية.

وأوضح المحلل السياسي جمال أسعد أن الحديث عن اتحاد المعارضة وممارستها ضغوطا ضد النظام يتجاهل الوقائع التاريخية العديدة التي عقدت فيها الأحزاب مؤتمرات للتوافق حول رؤى واحدة دون أن تتمكن من استكمال مسيرتها وإنزالها لأرض الواقع، وفي كل مرة تم التوافق على مجموعة مبادئ كان يطويها النسيان لتذهب بها في عقد سلسلة أخرى من الحوارات للتوافق حول أهداف جديدة، وبالتالي فهي تدور في دوائر مفرغة دون تطور سياسي ملموس.

وأشار في تصريح لـ"العرب" إلى أن الحركة المدنية ذاتها توحدت على برنامج سياسي أعلنت عنه من قبل، لكنها انقسمت بعد ذلك ولم تنجح في التسويق له بالشكل المطلوب، والسؤال الذي لا تجيب عليه الأحزاب دائما هو: هل هناك رؤية لتوافق سياسي ونضالي لتحقيق هذا البرنامج أم أنه اجتماع يدخل ضمن المئات من المؤتمرات المماثلة وتحضرها نفس الأسماء ودائما ما تكون للاستهلاك الإعلامي؟

وتابع “إذا أرادت أحزاب المعارضة أن تخرج بمشروع قوي وقابل للتنفيذ لا بد أن تكون له هوية واضحة وليس مجرد برامج مشابهة ومستنسخة ولا علاقة لها بالواقع”، مشيرا إلى أن الساحة السياسية التي يتواجد بها أكثر من مئة حزب لم تنتج عنها بصمات تخاطب الشارع وتقنعه بجديتها في الإصلاح.

2