المعارضة المغربية تبحث عن انتصار رمزي في الانتخابات الجزئية بفاس

حظيت الانتخابات الجزئية في مدينة فاس باهتمام كبير من قبل القوى السياسية، ولاسيما أحزاب المعارضة التي نزلت بثقلها، فيما بدا الهدف من ذلك البحث عن انتصار رمزي على التحالف الحكومي.
الرباط- شهدت الانتخابات الجزئية التي أجريت في مدينة فاس، الثلاثاء منافسة قوية بين القوى السياسية على الرغم من كونها لا تحمل أي تأثيرات على التركيبة البرلمانية الحالية، حيث يملك التحالف الحكومي أغلبية مريحة.
وجرت الانتخابات على مقعد برلماني بدائرة فاس الجنوبية، بعد شغور منصب النائب عبدالقادر البوصيري عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على خلفية قرار من المحكمة الدستورية قضى بتجريده من صفته العضوية بمجلس النواب إثر متابعة قضائية في قضايا فساد.
ويرى مراقبون أن اهتمام القوى السياسية ولاسيما المعارضة بالاستحقاق الانتخابي الجزئي يعود إلى رغبتها في تحقيق انتصار رمزي، وأيضا هي فرصة لقياس المزاج العام، قبيل استحقاقات انتخابية أكبر.
ونزلت قيادات وازنة من كل الأحزاب مثل رئيس العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران، وقيادة الاتحاد الاشتراكي وقيادات الصف الأول لحزب التجمع الوطني للأحرار لتأطير لقاءات تواصلية ومهرجانات خطابية دعماً لمرشحهم، في مواجهة مرشح أحزاب الأغلبية (التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال)، دعمها خالد العجلي (عن حزب التجمع الوطني للأحرار).
وكان حزب التجمع الوطني للأحرار نظم الاثنين بملعب ليراك في فاس، مهرجان خطابيا حاشدا، أطره عضوا المكتب السياسي محمد أوجار والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، وسط حضور ممثلين عن أحزاب الأغلبية بالمدينة وذلك لدعم مرشح الحزب.
وشهد المهرجان تفاعلا من سكان الدائرة، حيث العجلي بمساندة شعبية في هذه الدائرة، للظفر بالمقعد البرلماني رغم المنافسة القوية من باقي الأحزاب السياسية.
ويقول متابعون إن حزب العدالة والتنمية كان الأكثر اهتماما بهذه الانتخابات الجزئية لاختبار شعبيته بعد هزيمته في استحقاقات سبتمبر 2021، حيث نزل بنكيران بنفسه للدائرة الانتخابية في مهرجان خطابي للتواصل مع الجمهور في اطار الحملة الانتخابية الداعمة لمرشحه محمد خيي.
وكانت الحكومة (ووزرائها) هدفا لبنكيران متهما إياها بالضعف والفشل ومحاولة تعليق “عجزها” على الولايتين اللتين قاد فيهما حزبه الحكومة.
وبعدما تجنب حزب العدالة والتنمية الترشح في الانتخابات الجزئية بكل من آسفي وسيدي قاسم خوفا من تصويت عقابي للساكنة، دعم مرشحه بفاس، الذي دعا في كلمته بالمهرجان الخطابي للحملة الانتخابية، سكان المدينة إلى التصويت له، لمحاربة “المخدرات والفساد والرشوة”، قائلا إن “الجميع يشهد لمُرشَّحينا بنظافة اليد والكفاءة والنزاهة والاستقامة والقدرة على الإنجاز”، وفق تعبيره.
وسعى الاتحاد الاشتراكي إلى استعادة المقعد الذي فقده بدعم المرشح ياسر جوهر، الذي قال في تجمع خطابي إنه يتشرف بالثقة التي وضعتها فيه قيادة الحزب “متعهدا بأن يكون عند حسن ظن ساكنة فاس، وأن يترافع بجدية ومسؤولية عن قضايا المدينة.
وبدا واضحا من خلال حملة الدعاية التي سبقت الانتخابات الجزئية بفاس أن لهذا الاستحقاق أهمية كبيرة بالنسبة لكل أحزاب المعارضة والأغلبية، فهي تعد مؤشرا سياسيا حول توجهات الناخب المغربي وثقته في الأحزاب الموجودة ومزاجه الانتخابي في الاستحقاقات المقبلة خصوصا بعدما بلغت الأغلبية الحكومية نصف ولايتها .
وقلل شقران أمام، القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي، من أهمية الانتخابات الجزئية في فاس وكذا الدوائر الانتخابية السابقة.
واعتبر أمام في تصريح لـ”العرب”، أن “الاستحقاق لا يحمل بعدا سياسيا كبيرا لا من حيث رهانات الأحزاب ولا من حيث سير الحملة الانتخابية وطبيعة الخطاب المصاحب لها، مستدلا على ذلك بالقول إنها لا تشكل حدثا حتى في الدوائر الانتخابية المعنية، وهو ما يجسده العزوف المسجل في الإقبال على صناديق الاقتراع.
وشدد القيادي في الاتحاد الاشتراكي أن الأحزاب تتحمل كامل المسؤولية في العزوف إذ من المفترض أن يكون الأمر اختبارا للأغلبية في مواجهة المعارضة والعكس صحيح.
من جهته قال رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، إنه لا تأثير لنتائج الانتخابات الجزئية في فاس على التحالف الحكومي من الناحية العددية، لكونه يملك أغلبية مريحة في البرلمان بغرفتيه.
في المقابل يرى لزرق أن الاستحقاق الجزئي في فاس له دلالات كبرى من الناحية السياسية لكون نتائجها تحمل رسائل مهمة بالنسبة للأغلبية
الحكومية وخاصة حزب التجمع الوطني للأحرار، حيث يمكن اعتبار النتيجة بمثابة استفتاء على الثقة في الحكومة.
الانتخابات جرت على مقعد برلماني بدائرة فاس الجنوبية، بعد شغور منصب النائب عبدالقادر البوصيري عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
وفي وقت دخلت أحزاب المعارضة مشتتة ما سيؤثر على حظوظها مع الناخب بمدينة فاس، دعا بيان مشترك لأحزاب الأغلبية، أهالي دائرة فاس الجنوبية للمشاركة بكثافة في هذا الاستحقاق الانتخابي. كما دعا جميع الفرقاء السياسيين والأحزاب المشاركة في الانتخابات الجزئية إلى التحلي بروح المسؤولية واحترام كل الضوابط القانونية والأخلاقية للانتخابات ودعم مرشح حزب “التجمع الوطني للأحرار” خالد العجلي والتصويت لصالحه.
ولفت رشيد لزرق، في تصريحه لـ”العرب”، انه نظرا للمنافسة القوية بين أحزاب الاغلبية مقابل حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي بشكل خاص التي تهدف إلى تعزيز رصيدها النيابي بمقعد إضافي رغم الفجوة بين الطرفين، فإن النتائج ستكرس نتائج انتخابات 8 سبتمبر 2021 من خلال ترتيب الفائزين لفائدة تحالف الأغلبية، وأن الغاية من عودة بنكيران لم تتحقق بكونه آلة انتخابية.
وحول ما اذا كانت هذه الانتخابات مؤشرا للمزاج العام حيث أن المغرب في نصف الولاية الحكومية واقتراب الاستحقاقات الانتخابية مع تشرذم أحزاب المعارضة، أكد السياسي شقران أمام لـ”العرب”، أن الانتخابات الجزئية تظل محكومة بترشيحات قائمة على الاشخاص دون البرامج والمواقف من حصيلة العمل الحكومي، وحتى طبيعة الخطاب الذي ساد في الحملة، خاصة من قبل بعض قيادات الأحزاب كان يتسم بالتهجم واستهداف الآخر بما لا يسمح بصناعة رأي عام يختار هذا الاتجاه أو ذاك .