المعارضة المصرية تدشن هيكلا شبابيا لتنشيط دورها السياسي

استيعاب نشطاء بارزين في الحركة المدنية استعدادا للانتخابات النيابية.
الاثنين 2025/04/14
حاجة سياسية إلى الانفتاح على الشباب

تحاول المعارضة المصرية إنعاش دورها السياسي المتراجع عبر استيعاب كوادر شبابية من الوجوه الجديدة، وأيضا من نشطاء برزوا خلال ثورة يناير، استعدادا لاستحقاقات مهمة في مقدمتها الانتخابات النيابية.

القاهرة - اتخذت المعارضة المصرية خطوة مماثلة لتلك التي أقدمت عليها جهات حكومية، من خلال تدشين هيكل سياسي للشباب، وقررت أخيرا تدشين أمانة للشباب داخل الحركة المدنية الديمقراطية، لجذب فئات شبابية لديها توجهات معارضة في وعاء يمكن أن يساهم في عملية تنفيس سياسي مطلوبة من الحكومة والمعارضة.

وقالت الحركة المدنية الديمقراطية، وتضم أحزابا وشخصيات معارضة، إن “أمانة الشباب منصة مفتوحة لكل شاب مؤمن بدوره في بناء المستقبل، بغض النظر عن خلفيته الحزبية أو الفكرية، طالما أن الهدف المشترك هو رفعة هذا الوطن”.

ودعت الحركة الشباب المصري إلى الانضمام إليها، واعتبرتها “انطلاقة جديدة لدعم المشاركة السياسية الفاعلة، والسعي نحو تمكين الشباب بما يليق بتطلعاته وطموحاته في بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة”.

ويضم الهيكل الجديد وجوها مستقلة، إلى جانب ناشطين بزغوا أثناء ثورة يناير قبل 14 عاما، بينهم مؤسس حركة “شباب 6 أبريل” أحمد ماهر، وإسراء عبدالفتاح، وأسماء محفوظ، وشباب انضموا إلى تنسيقية شباب الأحزاب القريبة من دوائر حكومية، مثل كريم عبدالعاطي وأسامة بديع، وعدد من شباب الأحزاب ممن نشطوا سياسيا خلال الفترة الماضية، بينهم وليد العماري ونسمة الخطيب.

وتشير التركيبة الحالية إلى وجود رغبة في الانفتاح على آراء سياسية مختلفة تمنح الثقة في الانضمام إلى الأمانة الجديدة، ويخدم ذلك المعارضة والسلطة معا، فالحركة المدنية تبحث عن تنشيط دورها بعد أن تأثرت بفعل خلافات نشبت داخلها منذ انتخابات الرئاسة الماضية، وعدم تحقيق نجاحات تدعمها في الانتخابات البرلمانية قبل نهاية العام الجاري، حال قررت المشاركة، وقد يشكل ضخ دماء جديدة في بنيتها السياسية داعما لتحقيق تواصل مع الشارع.

وليد العماري: تأهيل كوادر شبابية لتحمل راية العمل السياسي مستقبلا
وليد العماري: تأهيل كوادر شبابية لتحمل راية العمل السياسي مستقبلا

وتستفيد السلطة من هذا الهيكل، وتضمن وجود وعاء يضم سياسيين شبابا لديهم رؤى مختلفة عن تلك التي تعبّر عنها أحزاب قريبة منها، ما يدعم سد جزء من الفراغ الراهن في الحياة السياسية، ويمكن التفاعل مع أي حراك لهذه الأمانة، لأنها في إطار تنظيمي معلن، في وقت تواجه الدولة تحديات خارجية مركبة.

وقال المتحدث باسم الحركة، عضو مؤسسي أمانة الشباب وليد العماري إن الهدف الرئيسي هو التواصل مع جيل الشباب ممن لديهم اهتمامات سياسية وليس لهم نشاط حزبي سابق، عبر الحركة المدنية، وستعمل الأمانة على إعداد برامج لتدريب الكوادر الشبابية وتجهيزهم للعمل السياسي، ما يفتح الطريق للرجوع إلى الشارع والتفاعل مع المواطنين.

وأضاف العماري في تصريح لـ”العرب” أن الأمانة لديها رؤية بعيدة المدى تتعلق بتأهيل الكوادر الشباب كي تحمل راية العمل السياسي في المستقبل، وهي خطوة في سياق أكبر يتضمن الانفتاح على أمانات أخرى داخل الحركة المدنية لتطوير الأداء، ومن ينضمون إلى أمانة الشباب ستكون لهم أنشطة داخل الأمانات الأخرى لتعزيز وصقل مهاراتهم السياسية.

وذكر أن التركيبة الراهنة للأمانة تهدف إلى جمع مواقف مختلفة في وعاء واحد، يؤكد أن مصر لن يحكمها تيار واحد، وأن التنوع السياسي في الحركة المدنية سوف ينعكس على المنضمين من الشباب إلى الأمانة الجديدة، والتركيز سيتم على تقديم حلول بديلة، وليس معارضة مجردة للحكومة، وطرح سياسات يقتنع بها الشباب ويتفاعل معها.

وتصطدم المؤسسات الشبابية التي يتم تدشينها في مصر بالبيئة السياسية المحيطة بها، ومحاولات إعادة إنتاج منظمة الشباب التي نشطت في ستينات القرن الماضي لم تتحقق على أرض الواقع، رغم أن هناك وجوها شبابية جديدة انخرطت في العمل العام، لكن بقيت مقيدة في حركتها، وتفاعلها محدود، ولم تستطع إقناع الجمهور بجدية دورها، وجرى التعامل معها بفتور، لأنها تعمل تحت رعاية السلطة.

ويتوقف الحكم على قدرة الشباب المعارض على لعب دور سياسي مهم على المساحة التي يمكنه التحرك من خلالها، وحال وجد مجالا واسعا قد يسد فراغا تم توظيفه بشكل سلبي، وهناك ترقب شعبي لكيفية التعامل مع التحديات الخارجية الصعبة.

كما أن هندسة مشهد انتخابات البرلمان المقبل سوف تكون حاكمة بشأن نية الحكومة فتح المجال العام أمام هؤلاء للقيام بدور كبير أم سيواجه الشباب تضييقا، مثلما حصل في تجارب أخرى كانت قريبة من الحركة المدنية.

جميلة إسماعيل: الهيكل الوليد يحافظ على بقاء الحركة المدنية على قيد الحياة
جميلة إسماعيل: الهيكل الوليد يحافظ على بقاء الحركة المدنية على قيد الحياة

وأوضح العماري في حديثه لـ”العرب” أن الهدف الرئيسي من الأمانة الجديدة ليس خوض الانتخابات البرلمانية فقط، معتبرا الخطوة استحقاقا في طريق طويل يسعى الشباب من خلاله إلى خلق جيل من المعارضين لديه قدرة على تقديم تصورات بديلة لتلك التي طرحتها الحكومة.

ومن الملاحظ أن هناك حاجة إلى استيعاب ناشطين جرى حبسهم على ذمة قضايا رأي والتعامل معهم بقسوة سياسية، داخل تنظيم يساهم في إعادة دمجهم في الحياة العامة.
ويفسر ضم شخصيات مثل أحمد ماهر وأسماء محفوظ وإسراء عبدالفتاح، بأنه يمكن إيجاد منافذ لشباب يملكون رغبة في العمل العام ضمن إطار تنظيمي معتدل.

وقالت عضو مجلس أمناء الحركة المدنية رئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل إن أمانة الشباب حلم مؤجل تحقق أخيرا، وهي توجه نحو انخراط الخبرات الشبابية في الحوار السياسي داخل الحركة لإضفاء المزيد من الحيوية، وتنشيط الجهود المبذولة للدفاع عن الحق في التغيير بالطرق السياسية.

وأشارت إسماعيل في تصريحات لـ”العرب” إلى أن الهيكل الوليد يحافظ على بقاء تحالف الحركة المدنية على قيد الحياة، ويتجاوز ذلك لتعزيز القدرة على التواصل مع قطاعات مختلفة في المجتمع.

وأوضحت أن خروج الهيكل إلى النور يدفع نحو ترقب رؤية شخصيات قد تصبح لاعبين فاعلين في ميادين السياسة بمصر، ومع أن هناك من يرفضون الخروج عن الصف، لا بد أن يدرك الجميع صعوبة وجود مستقبل جيد بلا تعاون أو مساحات عمل مشتركة، لأن الاستقرار لن يتحقق في غياب المواطنة الكاملة، والأمانة تفتح ذراعيها لاستقبال شباب وفتيات يتوقون للانخراط في العمل السياسي الحقيقي.

2