المعارضة المصرية تتحرك لكسر حصار غزة

القاهرة - ذهبت المعارضة المصرية باتجاه اتخاذ مواقف حادة تعبر عن النبض الشعبي الرافض للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأطلقت نداءات بينها ما يستهدف الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار، ومطالبة القاهرة بمراجعة سياساتها حيال تل أبيب.
وأطلق عدد من نواب البرلمان المصري من المحسوبين على المعارضة، السبت، دعوات لتشكيل وفد من الشخصيات العامة لكسر الحصار المفروض على غزة، والذهاب إلى معبر رفح والدخول إلى القطاع بمشاركة ممثلين من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثية الدولية، وقالوا إن خطواتهم تستهدف "إيقاف نزيف الدم وتوفير الغذاء والماء والاحتياجات الضرورية للقطاع الطبي".
وأوقفت مصر، الأحد، خروج الأجانب من مزدوجي الجنسية بعد قيام إسرائيل بمنع دخول سيارات الإسعاف التي تحمل جرحى فلسطينيين إلى سيناء للعلاج، واشترطت القاهرة لعبور الأجانب من معبر رفح عبور الجرحى أيضا. وقاد تحركات المعارضة المصرية تكتل "25-30" الذي يضم عددا من نواب البرلمان الحاليين والسابقين ينتمون إلى أحزاب وتيارات معارضة، واستطاع التكتل جذب شخصيات عامة مؤيدة لكسر الحصار والتنسيق مع الحكومة للذهاب إلى غزة.
وبدت مطالب المعارضة صعبة التنفيذ، لأن دخول غزة ليس ممكنا طالما استمرت الحرب، ولن تسمح القاهرة به، حيث تدرك تبعاته الأمنية حال استهداف المشاركين في الوفد من جانب إسرائيل. كما أن التظاهر أو الاعتصام أمام معبر رفح يشي بأن القاهرة هي من تغلقه، وتبدو المعارضة كمن يمارس ضغطاً عليها لفتحه، في حين أن جهات مصرية عديدة أكدت مراراً أنها لم تغلق المعبر وأن التعنت يأتي من الجانب الإسرائيلي.
وقال البرلماني السابق وأحد أعضاء تكتل "25 - 30" هيثم الحريري إن "الشخصيات العامة لها دور مهم في دعم خطوات الحكومة المصرية، وأن الأيام الأولى من الحرب كانت شاهدة على بعض التظاهرات الرافضة لتهجير الفلسطينيين والمطالبة بوقف إطلاق النار، لكن مع زيادة أعداد الضحايا وتعنت إسرائيل في إدخال المساعدات والسماح بإدخال القليل منها وجدنا أن الحاجة تقتضي كسر هذا الحصار”.
وأضاف الحريري في تصريح لـ"العرب" أن التكتل بدأ التواصل مع السلطات المصرية للحصول على الموافقات الخاصة بالوصول إلى معبر رفح ثم الدخول إلى قطاع غزة، و”طالبنا أن يكون دخول القطاع على مسؤوليتنا الكاملة، والهدف عدم ترك الفرصة للاحتلال ليستمر في جرائمه وسط استسلام دولي”. وتضمنت الدعوة استضافة شخصيات عامة من دول عربية مختلفة للتوافد قرب معبر رفح وإرسال إشارات تؤكد أن النخب العربية تدعم المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
وأشار إلى أن المعارضة لن تتخذ أي مواقف دون التنسيق مع الحكومة، وهناك تقدير كبير لحجم الضغوط التي تتعرض لها الدولة، وأن دور المعارضة مساندتها والتأكيد أن الشعب المصري بكافة طوائفه واتجاهاته السياسية يرفض مخطط انتزاع الأراضي المصرية في سيناء لأسباب استيطانية بمظلة إنسانية، وأن دعم المقاومة في غزة لا ينفصل عن دعم السلطة المصرية. وتوقع الحريري أن يكون تجاوب الحكومة مع مبادرة المعارضة محدودا.
وأكد القيادي اليساري كمال أبوعيطة الذي انضم إلى مبادرة “وفد كسر الحصار” أن المعارضة لديها حزمة طلبات تعمل عليها، بينها التحرك نحو فتح معبر رفح إلى جانب فتح مقار الأحزاب لاستقبال التبرعات الداعمة لأهالي القطاع، واللجوء إلى القضاء الإداري للحصول على حكم يقضي بإلغاء معاهدة كامب ديفيد ومن المتوقع أن يصدر الحكم بالقبول أو الرفض الاثنين، فضلا عن المطالبة بإلغاء اتفاقية الكويز بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة.
وذكر في تصريح لـ”العرب” أن هناك تحركات لا يمكن أن تقوم بها المعارضة دون التنسيق مع الحكومة، وهناك آمال معقودة للموافقة على الذهاب قرب الحدود مع غزة. ويردد مسؤولون في القاهرة دوما أن المعبر مفتوح ولم يتم إغلاقه، وأن توقفه عن العمل بسبب إغلاقه من الجانب الفلسطيني وتعرضه لقصف من الطيران الإسرائيلي.
وأكد مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق اللواء محمد نورالدين أن المرحلة الحالية “لا تسمح باتخاذ مواقف يغلب عليها جانب الشعارات الرنانة دون أن يكون بإمكانها إحداث صدى إيجابي في الواقع”.
وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن مصر لم تُجل المواطنين الحاصلين على الجنسية الأميركية في غزة، وقد تترتب على ذلك تأثيرات سلبية على مستقبل علاقاتها مع الولايات المتحدة وهي ليست بحاجة إلى تحركات قد تزيد من التوتر عند معبر رفح أو قد تسبب حرجا للقاهرة، حال تم استهداف الوفد داخل غزة، حيث ستكون الدولة مطالبة بالرد، وبالتالي يتعقد المشهد على نحو أكبر.
وطالب نورالدين المعارضة بأن تنشط في الداخل من خلال تنظيم وقفات احتجاجية ومظاهرات بعيداً عن الحدود الملتهبة، وفي هذه الحالة تكون الضغوط على الاحتلال وداعميه وليس على الحكومة المصرية التي تعمل على تسهيل دخول المساعدات والسعي لوقف إطلاق النار.