المعارضة الكويتية تسوّي خلافاتها مع الحكومة وتختصم في ما بينها

الكويت – يُعد البرلمان الكويتي في جلسة افتتاح دورة الانعقاد الثانية الثلاثاء استقبالا حافلا لأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح، في إشارة إلى حصول إجماع على الترحيب ببيان العفو المتوقع أن يدلي به في الجلسة.
وبينما تعكس الجلسة المنتظرة أجواء مصالحات عامة في البلاد دفعت العديد من النواب الحاليين والسابقين إلى الإعلان عن تفاؤلهم ببناء كويت جديدة، فإن شروخا من نوع آخر بدأت تظهر في صفوف المعارضة نفسها؛ وذلك في إطار التسابق على تولي المسؤوليات في اللجان الفرعية للبرلمان، لاسيما اللجنة المالية واللجنة التشريعية ولجنة الأولويات التي تلعب دورا مهما في قيادة عمل البرلمان.
وأصدر تسعة من النواب السابقين بيانا أعلنوا فيه عن تقديرهم للعفو الخاص الذي سيصدره أمير البلاد، ولـ”توصيات لجنة الحوار الوطني”، ولكنهم دعوا إلى ألّا يتجاوز تطبيق العفو أول جلسة للمجلس تلي جلسة الافتتاح.
ودعا النواب السابقون في بيانهم إلى “التعامل مع جلسة الافتتاح بما يليق بحضور الأمير وعدم تفويت فرصة المشاركة في لجان المجلس؛ لأهميتها البالغة في أعمال المجلس وتشريعاته القادمة”.
العفو العام فرصة لبدء صفحة جديدة بين السلطة والمعارضة، لكن الخلافات داخل صفوف المعارضة قد تثير مشاكل جديدة
وطالب البيان، الذي صدر بتوقيعات مسلم البراك وجمعان الحربش ومبارك الوعلان وسالم النملان وخالد الطاحوس ومشعل الذايدي وناصر الرداس ومحمد البليهيس وعبدالعزيز جارالله، باحترام السقف الزمني للتنفيذ قائلين “إن تطبيق توصيات الحوار الوطني هو الكفيل بتخفيف حدة الخلاف السياسي السائد والمستمر، وهو أمر مرتبط بالسقف الزمني لكل مرحلة من المراحل التي تم الاتفاق عليها وأجمعت عليها جميع الأطراف التي شاركت فيه”.
ووضع اجتماع دعا إليه أمير الكويت في “قصر بيان”، ضم رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ورئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة التمييز المستشار أحمد مساعد العجيل، اللمسات الأخيرة على ضوابط وشروط تفعيل العفو العام.
وكان وزير الداخلية الكويتي الشيخ ثامر العلي شكل الاثنين الماضي لجنة لوضع تلك الضوابط برئاسة المحامي العام بالنيابة العامة المستشار محمد الدعيج، قبل أن يتم رفعها إلى اجتماع رؤساء السلطات الثلاث.
وقالت الحكومة الكويتية في بيان إن الحوار الوطني يأتي “بغية مناقشة سبل تحقيق المزيد من الاستقرار السياسي وتهيئة الأجواء لتعزيز التعاون بين السلطتين وفقاً للثوابت الدستورية مع تأكيد ما نصت عليه المادة 50 من الدستور على قيام نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها”.
وتأمل الحكومة أن يثمر حل هذا الخلاف تعاونا نيابيّا من أجل تمرير بعض القوانين المهمة لدعم اقتصاد البلاد المتعثر، وفي مقدمتها قانون الدين العام الذي سيمكّن الحكومة من اقتراض أكثر من 60 مليار دولار على مدى 30 عاما لتمويل بعض المشاريع المعطلة.

وفيما دعا النائب عبيد الوسمي في تغريدة إلى عدم السماح لـ”قلة” بأن تفسد بناء الكويت الجديدة، قال النائب مهلهل المضف إن الكويت بحاجة إلى أبنائها في الداخل والخارج.
ويقول المراقبون إن العفو العام حتى وإن كان يوفر الأسباب لبدء صفحة جديدة في العلاقات بين الحكم والمعارضة، فإن الخلافات داخل صفوف المعارضة بشأن بعض التفاصيل والإجراءات لا يزال بوسعها أن تثير مشكلات جديدة. كما أن ملاحقة قضايا الفساد مازالت ذات طبيعة متفجرة، وذلك بعد أن اتفق عدد من النواب على أن يتولى النائب الوسمي والنائب عبدالله الطريجي تشكيل لجنة للتحقيق في الشبهات المالية وانحراف السلوك النيابي لبعض النواب الحاليين والسابقين.
ونشأت شروخ جديدة بين أعضاء كتلة الـ31 المعارضين، وخصوصا بين النواب التسعة الذين لم يوقعوا على بيان العفو عن عدد من النواب السابقين والنشطاء السياسيين وبين عدد من النواب الذين تجادلوا مع مقرر الكتلة النائب السابق الدكتور بدر الداهوم لدعمه مطالبة بعض النواب بصعود رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح منصة الاستجواب، وذلك وسط مؤشرات على أن الشيخ الصباح سوف يعمد إلى سحب طلب تأجيل الاستجواب وقبول صعوده المنصة في جلسة سرية.
وتنقسم كتلة نواب المعارضة إلى مجموعات تتنافس على انتخابات اللجان البرلمانية ومناصب مكتب المجلس، ومن بينها مجموعة تضم 17 نائبا سارعت إلى التنسيق مع الحكومة وتسعى للحصول على رئاسة عدد من اللجان الفرعية. وهو ما اعتبره آخرون ركضا وراء الامتيازات والسعي لعزل النواب الذين فضلوا التريث إلى حين اتضاح الرؤية بعد جلسة الافتتاح بخصوص العفو.