المحتوى العلمي والتثقيفي بقالب ترفيهي يجذب اهتمام العرب

أثبت برنامج "الدحيح" الذي يقدمه صانع المحتوى أحمد الغندور أن المحتوى العلمي التثقيفي ليس بعيدا عن اهتمام الجمهور العربي طالما يقدم محتوى علميا متميزا بقالب عصري يحترم عقل الشباب المثقف، ويساهم في تعزيز المحتوى العربي على الإنترنت الذي لا يتخطى الواحد في المئة من إجمالي المتوفر على الشبكة العالمية.
دبي - بات المحتوى الإبداعي في إطار تثقيفي ترفيهي مرح يتصدر قوائم المحتوى الرقمي الأكثر مشاهدة في المنطقة العربية، حيث استطاع صانع المحتوى العربي المعروف أحمد الغندور الشهير باسم “الدحّيح” الحصول على أكثر من مليون و400 ألف مشاهدة لحلقته الأولى في الموسم الجديد في غضون أقل من 24 ساعة، وهو رقم قياسي بالنسبة إلى هذا النوع من المحتوى.
وأعلنت أكاديمية الإعلام الجديد عن تعاونها مع الغندور لإنتاج موسم جديد من المحتوى الإبداعي لبرنامجه الذي يتابعه الملايين وخاصة من فئة الشباب، وإنجاز حلقتين أسبوعيا وعرضهما عبر منصاتها على يوتيوب وفيسبوك ابتداء من السبت الماضي. وتطرح حلقات الموسم الجديد من “الدحيح” مفاهيم علمية وحقائق تاريخية ونظريات فلسفية وأدبية بأسلوب ترفيهي مرح يمتع المشاهد ويوصل المعلومات والأفكار بطريقة ذكية مبسّطة.
ويقدم الغندور، الذي يتابع دراسة الماجستير بعد حصوله على البكالوريوس في العلوم التطبيقية، الحلقات وفق مبدأ تبسيط العلوم أو ما يعرف بمفهوم العلوم للعموم.
وحملت الحلقة الأولى من “الدحيح” عنوان الملل وتحدث عن عدة مواضيع مثل عدم الشعور بالألم وذكر أشهر المساجين في العالم، وحرص الغندور على تقديم حلقة تتناسب مع موقع يوتيوب حيث لم تتجاوز مدة الحلقة 15 دقيقة فقط، على عكس مدة الحلقة في برنامج “متحف الدحيح” والتي تجاوزت الساعة.
ويعتبر الغندور ملهما للكثير من الشباب العربي بفضل ما ينتجه، لتعزيز المحتوى العربي على شبكة الإنترنت الذي يقارب واحدا في المئة من إجمالي المتوفر على الشبكة العالمية، فيما يمثّل مستهلكو المحتوى في المنطقة العربية 5 في المئة من المتابعين حول العالم.
ويحفز البرنامج مبادرات التعليم بالترفيه الذي يقدم المتعة والفائدة أيضا، في ظل قلة المحتوى التعليمي الترفيهي نسبيا في العالم العربي، مقابل وفرة المحتوى الترفيهي كليا.
وتهدف الأكاديمية من إنتاج الموسم الجديد من “الدحيح” إلى تسليط الضوء على النماذج العربية المبدعة متعددة المواهب مثل الغندور الذي يشكل قدوة للعديد من صنّاع المحتوى الناشئين والصاعدين في مختلف أرجاء العالم العربي، بفضل استمراريته وانتظامه وغزارة وجودة إنتاجه من المحتوى النوعي.
1.4 مليون مشاهدة حققتها الحلقة الأولى في الموسم الجديد من الدحيح في أقل من 24 ساعة
وأصبح الغندور أحد أكثر صناع المحتوى العربي متابعة بفضل أسلوبه المميز في تبسيط الأفكار وتقديمها بشكل سلس. وسجلت حلقات برنامجه الذي أطلقه عام 2014 على منصة يوتيوب أكثر من مليار مشاهدة من مختلف أنحاء العالم، فيما يتابع حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من 4.5 مليون شخص.
وكان “مركز الشباب العربي” أدرج خلال فعالية “روّاد الشباب العربي” التي عقدها ضمن أعمال “القمة العالمية للحكومات” بدبي عام 2018 اسم الغندور في قائمة الروّاد التي تحتفي بالشباب العربي ممن حققوا إنجازات إيجابية ومؤثرة في المجتمعات العربية.
وبدأ الباحث وصانع المحتوى المصري الغندور برنامجه “الدحيح” منفردا على قناته الخاصة عبر يوتيوب في 2014، ثم عبر منصة AJ+ في مايو 2017. وتوقف في يونيو الماضي بعد 3 سنوات من إنتاج العشرات من الفيديوهات التي تبسط المعرفة العلمية وتشتبك مع مفاهيم معقدة، محرزة نجاحا كبيرا سواء في عدد المشاهدات على منصة يوتيوب أو في المناقشات الثرية حول محتوى البرنامج.
وقال الغندور في تصريحات سابقة لصحيفة “الوطن” المصرية إن فكرة البرنامج جاءت بعد اشتراكه في مسابقة بالقنصلية البريطانية، وأعجب الحاضرون بطريقة شرحه طالبين منه صناعة فيديوهات علمية.
وعالج البرنامج مواضيع من مجالات معرفية متنوعة، من فيزياء الفضاء والرياضيات والكيمياء إلى الفلسفة والتاريخ والأدب والقانون. ومن بين تلك الحلقات تناول الحروب والعنف تناولا مباشرا وأخرى قاربتْ هاتين الظاهرتين مقارَبة غير مباشرة.
وخلال 3 سنوات حتى يونيو 2020 حقق برنامجه نحو 474 مليون مشاهدة على يوتيوب وحده.
والملفت للنظر في تجربة الدحيح، بالأخص في ما يتعلق بالحلقات المعنية بالعنف والحروب والقانون الإنساني، هو قدرته على تقديم هذه الموضوعات الشائكة بلغة بسيطة تناسب الشباب وتثير أسئلة بشأن الطبيعة البشرية، وطبيعة الحرب، ومستقبل الأسلحة والخطر الذي تمثله الأسلحة النووية، وأهمية اتفاقيات جنيف والقيود المفروضة على العمليات العسكرية. وهي موضوعات ربما لا يصادفها المراهقون والشباب في أغلب قاعات الدرس والمناهج في الوطن العربي، ولا في كثير من الأفلام الوثائقية التقليدية التي تميل إلى السرد التاريخي دون إثارة أسئلة وعقد مقارنات تستفز العقل.
وعلى سبيل المثال من بين الحلقات التي عالجتْ الحرب والعنف بدأ بحلقة “أنت جامد”. وقدم رؤية تاريخية شديدة الإيجاز للوجود الإنساني في فقرات معدودة، والرحلة التي خاضها البشر لتحقيق تقدم مذهل وتغيير شكل الحياة على سطح الأرض وبناء حضارات وابتكار اختراعات مذهلة في المجالات كافة.
ثم يصدم المشاهد بحديثه عن الوجه الآخر لتاريخ البشرية، تاريخ الإبادة الجماعية والحروب والأسلحة الفتاكة، في تمهيد يكشف تأرجح الإنسان بين خضوعه للقوى التي تحركه: قوى الخلق والتقدم وقوى التدمير والإفناء.
وفي حلقة “عنفوان إنسان” مقارنة بين أرقام ونسب ضحايا الحروب. ويُطرح سؤال: هل زادت الحروب في الزمن المعاصر عن الماضي أم قلّت؟ هل القرون الحديثة قرون حرب أم سلام؟ هذه الأسئلة ومحاولات الإجابة عنها قد تغير وجهة نظر المشاهد تجاه الطبيعة البشرية حسب إدراكه لها.
ورغم أن فيديوهات برنامج “الدحيح” تتميز بقصر مدتها، فهي لا تتجاوز عشر دقائق وسطيا، بمواضيع مختلفة علمية وتاريخية ومجتمعية وغيرها، إلا أن من أبرز الحلقات التي أثارت ردود فعل كبيرة، كانت الحلقة المئة من البرنامج، التي جاءت تحت عنوان “الحرب العالمية الثانية” والتي بلغت مدتها 45 دقيقة.
وعبر الكثير من المتابعين عن سعادتهم بالحلقة، خاصة أنهم تفاجأوا بمدتها في نهايتها.