المجلس الرئاسي يضطر إلى القبول بالحوار لحلّ أزمة المركزي في ليبيا

المنفي يدعو رئيس البرلمان لإعادة النظر في إيقاف العمل بالاتفاق السياسي من جانب واحد.
الجمعة 2024/08/30
أزمة غذت دائرة الصراع في ليبيا

عكس موقف رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، القاضي بالموافقة على دعوة البعثة الأممية للمشاركة في حوار وطني لمعالجة أزمة المصرف المركزي في ليبيا، مؤشرا على التوجه نحو حلحلة الأزمة، وسط ضغط خارجي وتجاذبات سياسية بين مكونات المشهد في البلاد.

طرابلس - تتجه أزمة مصرف ليبيا المركزي إلى الحلحلة تحت ضغط المجتمع الدولي ونتيجة اتساع دائرة الصراع بين الفرقاء بما ينذر بالعودة بالبلاد إلى مربع العنف ودائرة الانقسام المالي بالإضافة إلى استمرار غلق عدد مهم من الحقول النفطية في مناطق نفوذ الجيش الوطني والحكومة المنبثقة عن مجلس النواب.

وأعلن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، أنه وافق على دعوة البعثة الأممية للمشاركة في حوار وطني لمعالجة مسألة المصرف المركزي؛ وذلك وفقا للمادة الرابعة بالفقرتين 5 و7 من خارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي، وانتقال الاختصاص إلى المؤسسات المشكلة للملتقى.

وأعرب المنفي على حسابه بموقع “إكس”، عن ترحيبه ببيان مجلس الأمن بشأن الوضع في ليبيا، داعيا رئيس مجلس النواب لإعادة النظر فيما وصفه بقراره بإيقاف العمل بالاتفاق السياسي من جانب واحد، ومعالجة الآثار المترتبة على ذلك.

كما دعا رئيس المجلس الرئاسي إلى اللجوء إلى خيار استشارة الشعب بشأن المواد الخلافية بالقوانين الانتخابية، واعتبر ذلك بمثابة وسيلة للوصول إلى توافق وطني، بهدف إجراء انتخابات عامة قبل 17 فبراير 2025، معلنا تأييده مواصلة العمل على ما جرى إنجازه من قبل لجنة العسكرية المشتركة “6+6”.

وجاء الموقف الجديد من المنفي بعد تعبير أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم إزاء التطورات والتوترات الأخيرة في ليبيا، ودعوتهم الأطراف الفاعلة والمؤسسات الليبية إلى الامتناع بشكل عاجل عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب من شأنها أن تزيد من التوترات وتقوض الثقة وتعزز الانقسامات المؤسسية والخلافات بين الليبيين. 

الموقف الجديد لمحمد المنفي جاء بعد تعبير أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم إزاء التطورات والتوترات الأخيرة في ليبيا

ودعا أعضاء مجلس الأمن جميع القادة والمؤسسات السياسية والاقتصادية والأمنية الليبية إلى تهدئة التوترات والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها أو اتخاذ أية تدابير اقتصادية تهدف إلى ممارسة الضغط، والتوصل إلى حل توافقي للأزمة الحالية فيما يتعلق بالمصرف المركزي.

وحث الأعضاء الأطراف الليبية على تجنب أية أعمال عسكرية من شأنها تعريض الاستقرار الهش في ليبيا وأمن المدنيين وكذلك اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 2020 للخطر، مؤكدين على أهمية المساءلة. 

وذكر أعضاء مجلس الأمن جميع القادة السياسيين والمؤسسات السياسية بالتزاماتهم وتعهداتهم بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما قرار مجلس الأمن رقم 2702 للعام 2023، والبناء على الاتفاق السياسي الليبي وخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي، والبناء على القوانين الانتخابية المحدثة التي اتفقت عليها لجنة 6+6. 

وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن دعمهم الكامل لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لمواصلة تنفيذ ولايتها، بما في ذلك ما تقوم به من عمل لتهدئة التوترات والحفاظ على الاستقرار وتعزيز الثقة بين الأطراف الرئيسية. وأكدوا دعمهم للأمين العام في تعيين ممثل خاص جديد لليبيا وضرورة القيام بذلك في أقرب وقت ممكن. 

وشدد الأعضاء على أهمية ضمان المشاركة الكاملة والمتساوية والفعالة والهادفة والآمنة للمرأة، مع إشراك ممثلي الشباب والمجتمع المدني، في جميع الأنشطة وصنع القرار فيما يتعلق بالتحول الديمقراطي، وحددوا التعبير عن دعمهم القوي لسيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية.

وفي الأثناء، قالت مصادر ليبية إن القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا ستيفاني خوري أعدت مقترحا بتشكيل فريق من أربعة أطراف وهي مجلس النواب ومجلس الدولة وحكومة الوحدة والقيادة لاختيار مجلس إدارة للمصرف المركزي ومحافظ ونائب للمحافظ، على أن يعود المحافظ الصديق الكبير لممارسة مهامه، ويتم إلغاء قرار المجلس الرئاسي ويستمر عمل الإدارة الحالية بقيادة المحافظ الكبير، ونائبه مرعي البرعصي، إلى حين التوافق مع حرية الاختيار للمحافظ ونائب المحافظ إذا تم التوافق على ذلك.

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أعربت عن عميق أسفها لما آلت إليها الأوضاع في ليبيا جراء القرارات أحادية الجانب، واعتبرت أن الإصرار على هذه القرارات أو مواصلة اتخاذ المزيد منها ستكون له كلفة باهظة على الشعب الليبي، وسيعرض البلاد لخطر الانهيار المالي والاقتصادي.

وانطلاقا مما تضمنته ولايتها المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2702 لسنة 2023، وخاصة فيما يتعلق بمنع النزاعات، قالت البعثة إنها تعتزم عقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزي للتوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وعلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة. 

رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي يوافق على دعوة البعثة الأممية للمشاركة في حوار وطني لمعالجة مسألة المصرف المركزي
رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي يوافق على دعوة البعثة الأممية للمشاركة في حوار وطني لمعالجة مسألة المصرف المركزي

ودعت البعثة إلى عدد من الخطوات الملحة من بينها تعليق العمل بكل القرارات الأحادية المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي، والرفع الفوري للقوة القاهرة عن حقول النفط والكف عن إقحام مصدر الدخل الرئيسي للبلاد في الصراعات السياسية، ووقف التصعيد والإحجام عن استعمال القوة لتحقيق مآرب سياسية أو منافع فئوية، وضمان سلامة موظفي المصرف المركزي، وحمايتهم من التهديد والاعتقال التعسفي، مع التشديد على أن حل هذه الأزمة المستجدة يعتبر ضرورة ملحة لتهيئة الظروف المواتية لعملية سياسية شاملة، برعاية الأمم المتحدة ودعم المجتمع الدولي، يكون الهدف منها وضع ليبيا مجددا على سكة الانتخابات الوطنية، بما في ذلك من خلال التوافق على حكومة موحدة، لإنهاء أزمة تآكل شرعية المؤسسات وانقسامها.

وفي خطوة أولى أعربت واشنطن ولندن وباريس عن دعمها الكامل لموقف البعثة الأممية، فيما حاول رئيس المجلس الرئاسي التنصل من أي التزام نحو المجتمع الدولي عندما عبر عن تفهمه لقلق البعثة الأممية “بسبب التباس التوصيف لقراراتنا وتداخل الاختصاصات”، مؤكدا أن “المجلس الرئاسي مجتمعا اتخذ قراراً عزز سيادة القانون وحقق قرار اختيار ممثلي الشعب لمحافظ يتمتع بالنزاهة والكفاءة، مرفقا بقرار آخر بتشكيل مجلس إدارة للمرة الأولى منذ سنوات طويلة”.

ويرى المراقبون، أن المنفي اضطر أمس الخميس للقبول بمبادة البعثة الأممية بعد اطلاعه على البيان الصادر عن مجلس الأمن، وتلقيه رسائل مضمونة الوصول، تفيد بإمكانية تسليط عقوبات على الأطراف التي قد تحاول عرقلة المبادرة.

وفي الأثناء، اعتبرت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية أن محاولة السيطرة على مصرف ليبيا المركزي تحولت إلى مهزلة، حيث ترفض الإدارة التي انتزعت منها السيطرة، منح القيادة الجديدة المدعومة من إحدى الحكومتين المتنافستين في البلاد “كلمات المرور اللازمة للتحكم في عمليات المصرف”.

وقال نائب محافظ مصرف ليبيا المكلف من قبل المجلس الرئاسي، عبد الفتاح غفار،: “سأقول لكم شيئا واحدا: أعطوا الناس كلمات المرور” ، وأضاف في بيان متلفز : “نريد كلمات المرور حتى نتمكن من الإفراج عن الرواتب، وحماية أصولنا واستثماراتنا في الخارج”.

الوضع تحت السيطرة
الوضع تحت السيطرة

إلى ذلك، رأى عبدالحكيم بعيو، المترشح لرئاسة الحكومة الجديدة أن نظام  “سويفت” سيقبل تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي، إذا تم انتخابه من قبل البرلمان، مشيرا إلى أن أي محاولات لتجاوز هذه العملية لن تحظى بقبول المجتمع الدولي.

وفي موقف لافت، تقدم محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، بطلب إلى رئاسة البرلمان، لإصدار الأوامر بتجهيز مقرات المصرف المركزي بمدينتي البيضاء وبنغازي تمهيدا لنقل المصرف المركزي إلى مقره في بنغازي.

كما تقدم الكبير، بشكوى للنائب العام ضد رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي وكل من تسفر التحقيقات عن مشاركته لهم بالتحريض والاتفاق على إصدار قرار تعيين الشكري والتعدي على مصرف ليبيا المركزي وموظفيه.

وتشير أوساط مطلعة إلى أن الكبير استند إلى موقف مجلس النواب الرافض بقوة لخطوة المجلس الرئاسي بتعيين محافظ ومجلس إدارة جديدين لمصرف ليبيا المركزي.

وأكد عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي، أن رئيس المجلس عقيلة صالح سيدعو الى جلسة عامة للتشاور حول مجلس الإدارة الجديد للمصرف المركزي. وأضاف أنه “يجب أن يكون هناك مجلس إدارة متكامل للمصرف المركزي وهذا ما سيتم الاتفاق عليه مع رئيس مجلس النواب لتتم كل المعاملات الخاصة والقرارات المنوطة بـ المصرف المركزي بشكل صحيح وسلس”، مشيرا إلى أن “اعتذار محمد الشكري، وبيان بعثة الأمم المتحدة وتراجع رئيس المجلس الرئاسي عن القرار وتوجيهه رسالة لمجلسي النواب والدولة بالإسراع في ملف المناصب السيادية كل هذا يوضح أن اختيار المناصب السيادية من حق مجلس النواب”، مردفا أن “تغيير الصديق الكبير، لابد أن يتم بشكل صحيح عن طريق تعيين مجلس إدارة جديد ومساءلة الكبير عن كل شاردة وواردة خلال فترة توليه لمنصب المحافظ التي امتدت لمدة 12 عاماً متتالية”.

4