المجلس الرئاسي في ليبيا يقطع الطرق أمام المبادرة الأممية

المنفي يدعو إلى الاحتكام إلى رأي الشعب عبر استفتاء لحل القضايا الخلافية والوصول إلى إجراء انتخابات عامة في البلاد.
السبت 2025/03/29
المنفي يدعو للاحتكام إلى الاستفتاء

قطع المجلس الرئاسي الليبي الطريق أمام مخرجات لجنة العشرين الاستشارية المشكلة من قبل بعثة الأمم المتحدة، وقال رئيسه محمد المنفي إنها غير ملزمة للأطراف السياسية في البلاد.

ودعا المنفي خلال لقاء مع صحافيين مساء الخميس، إلى الاحتكام إلى رأي الشعب عبر استفتاء لحل القضايا الخلافية والوصول إلى إجراء انتخابات عامة في البلاد، لافتا إلى أن الدور الأممي مهم وتأسيسي من ناحية مساهمته ومساعدته على الدفع بالحلول السياسية، مشيرا إلى أن اللجنة الاستشارية التي أطلقتها البعثة الأممية للعمل على تقديم تصورات لحل القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية هي لجنة غير ملزمة للأطراف الليبية والاستفتاء الشعبي أحد البدائل المهمة ليتم إجراء انتخابات عامة في البلاد.

وسعى المنفي لاستبعاد أي دور للمجلس الرئاسي في الصراع الدائر في البلاد بين مختلف الأطراف، مردفا أنه “غير ملزم بالحديث عن كل القضايا، والصمت كان الخيار الأفضل للتواصل مع الجميع، ولذا انتهجنا هذا النهج كأفضل سياسية.”

وفي ما يتعلق بملف توحيد المؤسسة العسكرية رأى المنفي أن هذا الهدف لم يتحقق إلا في حال وجود رئيس منتخب قادر على حسم قضايا توحيد المؤسسة العسكرية وإجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة عن مختلف مناطق البلاد، وأكد أن توحيد السياسات المالية في البلاد “يحتاج توافق جميع الأطراف عبر لجنة موحدة تضمن عدالة التوزيع، وقيادة هذه اللجنة هي مسؤولية المجلس الرئاسي بالتنسيق مع المصرف المركزي.”

في منتصف مارس الجاري اعتبر محمد المنفي أن من أوليات المجلس الرئاسي معالجة أسباب نشوب أي مواجهات مسلحة

وربط المنفي حلّ أغلب الملفات العالقة بتنظيم الانتخابات الرئاسية التي طال انتظارها، ولكن دون تأكيد على طبيعة الآلية التي يمكن تحقيق الإجماع حولها.

وكان المنفي، دعا في ديسمبر الماضي، إلى إجراء انتخابات وطنية في العام 2025 وفق قوانين لجنة القوانين الانتخابية “6+6” المشكلة من مجلسي النواب والدولة، وذلك بعد حسم المواد الخلافية ، وقال إن “التجربة الناجحة للانتخابات البلدية تحفزنا لإجراء انتخابات وطنية العام 2025 وفق قوانين لجنة 6+6 بعد حسم المواد الخلافية، وذلك بمنح صلاحيات أوسع للجنة العسكرية 5+5 ومديريات الأمن، وبإشراف قضائي كامل ورقابة دولية،” مؤكدا دعمه جهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لكسر الجمود السياسي، وتفعيل حوار بين المؤسسات الليبية كـ”معيار واضح ووحيد يضمن الملكية الوطنية للحوار.”

وفي منتصف مارس الجاري حذر المنفي من تزايد المخاطر التي تمس استقرار البلاد، وأن من أوليات مجلسه معالجة أسباب نشوب أي مناوشات أو مواجهات مسلحة من خلال البحث عن أفكار من شأنها توحيد المؤسسة العسكرية وخضوعها لسلطة مدنية، وأكد خلال حديث له في مأدبة إفطار أقامها لعدد من رؤساء المؤسسات الأمنية والعسكريين والسفارة الأجانب لدى ليبيا، أن المجلس الرئاسي يترقب نتائج اجتماعات اللجنة الاستشارية حول القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية على ألا تكون “استنساخاً وتكراراً لأفكار وتجارب سابقة غير واقعة.”

وحاول المنفي طرح رؤية مختلفة للحل، قال إنها تنطلق من الاحتكام إلى إرادة الشعب الليبي من خلال استفتاء تديره هيئة محايدة، فيما كان عضو المجلس الرئاسي عرض مبادرة وقال إنه تقدم بها رفقة عدد من الشركاء السياسيين تحت مسمى “مبادرة الحل السياسي: الحوافز والضمانات،” وهي تهدف إلى تجاوز أزمة الثقة بين الأطراف السياسية، وتبديد المخاوف من استئثار أي طرف بالسلطة، وهي العقبة الأساسية التي تحول دون نجاح الانتخابات.

وتقوم مبادرة اللافي على إدراج انتخاب المجلس الرئاسي ضمن القاعدة الدستورية التي تنظم الانتخابات، بحيث يتنافس المرشحون ضمن قوائم رئاسية، مع تحديد واضح للصلاحيات المشتركة بين أعضاء المجلس، والصلاحيات الممنوحة للرئيس، مشيرا إلى أنه بهذه الآلية، تتحقق الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية، مما يعزز قدرة مؤسسة الرئاسة على استعادة سيادة الدولة الليبية.

المنفي ربط حلّ أغلب الملفات العالقة بتنظيم الانتخابات الرئاسية التي طال انتظارها، ولكن دون تأكيد على طبيعة الآلية التي يمكن تحقيق الإجماع حولها

وفي أوائل مارس الجاري، عرض عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني رؤيته حول “اعتماد نظام المحافظات لضمان توزيع الميزانيات بشكل مباشر على المناطق، ما يسهل متابعة المشاريع ويخفف العبء عن الحكومة المركزية التي ستتفرغ لدورها السيادي،” وتحدث عن “ضرورة العمل بنظام الأقاليم الثلاثة بمجالس تشريعية مستقلة،” مشيرا إلى أن “المركزية أرهقت العاصمة طرابلس وأسهمت في الانسداد السياسي،” داعيا إلى العودة لنظام المحافظات المعمول به قبل عام 1969، ومعتبرا أن ذلك قد يسهم في الحد من النزاعات على السلطة.

وتعددت مبادرات المجلس الرئاسي في مواجهة جهود الأمم المتحدة والتي تجسدت مؤخرا في تشكيل لجنة استشارية لتقديم مقترحات لحل القضايا الخلافية العالقة من أجل تمكين إجراء الانتخابات استنادا على المرجعيات والقوانين الليبية القائمة، وذلك في إطار المبادرة السياسية متعددة المسارات التي قدمتها ستيفاني خوري أمام مجلس الأمن في 16 ديسمبر 2024.

وأوضحت البعثة الأممية السياسية في ليبيا أن اللجنة الاستشارية ليست هيئة لاتخاذ القرارات أو ملتقى للحوار، بل ستعمل تحت سقف زمني محدد ويتوقع منها إنجاز مهامها خلال فترة قصيرة. وستُقدم مخرجاتها إلى البعثة للبناء عليها في المرحلة اللاحقة من العملية السياسية، لتعمل البعثة بعد ذلك على تيسير التواصل والتفاعل بين اللجنة والمؤسسات المعنية، لاسيما إن اللجنة الاستشارية تعد “جزءا لا يتجزأ من جهود الأمم المتحدة لدعم مساعي ليبيا كي تتجاوز الانسداد السياسي المستعصي والتشظي،” من أجل تحقيق تقدم نحو إجراء انتخابات وطنية باعتبارها السبيل لتجديد شرعية المؤسسات الليبية.

وبحسب أوساط ليبية، فإن رئيسة البعثة حنّا تيتيه تقوم هذه الأيام بعرض مخرجات اللجنة الاستشارية على عدد من السفراء الأجانب، ومسؤولين من دول الجوار، وقال البعثة في بيان، إن تيتيه قدمت لعدد من السفراء الذي اجتمعت بهم في تونس بدعوة من سفارة سويسرا، إحاطة حول العملية السياسية، مع التركيز على اجتماعات اللجنة الاستشارية، مؤكدة على أهمية الحفاظ على الوحدة بين جميع الدول الأعضاء لدعم جهود البعثة في تجاوز الانسداد السياسي.

ويرى متابعون للشأن الليبي أن هناك مخاوف جدية من تصادم الصلاحيات والمبادرات بين المجلس الرئاسي المدفوع بقوة نفوذ الميليشيات وسلطات حكومة الوحدة المنتهية ولايتها، وبين البعثة الأممية التي تسعى إلى تحقيق قرار إلزامي من مجلس الأمن بما يضمن ضغط المجتمع الدولي لتنفيذ مخرجات اللجنة الاستشارية.

4