المجتمع المدني ينتفض ضد قانون تجنيس زوجات الكويتيين

الكويت - أثارت تعديلات توصلت إليها لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية والحكومة مؤخرا بشأن قانون الجنسية، جدلا واسعا في الكويت، لما تضمنته من إخلالات بمبدأي العدالة والمساواة التي ينص عليها الدستور، لاسيما في علاقة بتجاهل معاناة الكويتيات المتزوجات بأجانب وأبنائهن.
وطالبت ست عشرة جمعية ومنظمة مدنية الحكومة ومجلس الأمة بضرورة التمسك بالثوابت الدستورية والتي تهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة بين جميع فئات المجتمع وإيجاد الحلول المستدامة التي تساهم في حفظ النسيج الاجتماعي وتحقق المواطنة العادلة.
وقالت الجمعيات والمنظمات، في بيان “ببالغ الدهشة والاستياء تابعنا ما يتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا على لسان العديد من المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين عن وجود شبه توافق حكومي – نيابي في اجتماع لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية بشأن موضوع تجنيس زوجات الكويتيين”.
16 منظّمة وجمعية تعلن رفضها للاقتراحات المتعلقة بتجنيس زوجات الكويتيين
وأكدت رفضها التام لهذه الاقتراحات والتي تخالف بشكل صارخ مبدأي العدالة والمساواة ومنظومة القيم الوطنية، مستغربة السبب الحقيقي لتجاهل المشرع معالجة أوضاع الزوجة الكويتية من زوج أجنبي والتي ما زالت تضطر لتجديد إقامة أبنائها في بلدها وتدفع الرسوم مقابل ذلك.
وكان أعضاء لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية وممثلو وزارة الداخلية، توصلوا الأسبوع الماضي إلى توافقات بشأن مشروعي قانونين يهمان إقامة الأجانب وتجنيس زوجات الكويتيين.وأقر الطرفان بأحقية حصول الزوجة الأجنبية على الجنسية، بعد مرور ثمانية عشر عاما على زواجها، حتى وإن لم يكن لديها أبناء، معتبرين أن تحديد هذه المدة ضروري حيث تكون قد اندمجت في ثقافة المجتمع الكويتي وكسبت عاداته وتقاليده، وخلال هذه الفترة تُعامل معاملة المرأة الكويتية وتمنح جوازا للسفر ويتم توظيفها مع إمكانية أن يجنس الزوج الكويتي أكثر من زوجة.
وتوصلت اللجنة أيضا إلى اتفاق مع ممثلي الحكومة بتقصير مدة منح الجنسية للمرأة الخليجية، وتمييزها عن الجنسيات الأخرى، وعزوا ذلك إلى أن اندماج الخليجية بثقافة المجتمع الكويتي وكسب عاداته وتقاليده متحقق.
ويرى نشطاء حقوقيون أن ردود فعل المجتمع المدني في الكويت حيال التعديلات أمر مفهوم لما تضمنته تلك التعديلات من تمييز بحق المرأة الكويتية المتزوجة بأجنبي والتي تواجه الكثير من المعاناة جراء عملية التفرقة، من ذلك حرمان أبنائها من حق الجنسية، وهم يعاملون مثل أي وافد أجنبي بمجرد بلوغهم الحادية والعشرين، ولا يملكون الحق في امتلاك أي عقار أو ممتلكات تعود لوالدتهم.
ويشير النشطاء إلى أن التعديلات التي من المتوقع أن يصادق عليها مجلس الأمة قريبا، هي انعكاس للعقلية الذكورية المهيمنة داخل الإمارة، والتي تظهر في كل مرة المرأة الكويتية على أنها “مواطن من درجة ثانية”.
أعداد الكويتيات المتزوجات من أجانب تبلغ نحو عشرين ألفا، بحسب إحصاءات رسمية، فيما ليست هناك أرقام رسمية بعدد الأبناء
وتبلغ أعداد الكويتيات المتزوجات من أجانب نحو عشرين ألفا، بحسب إحصاءات رسمية، فيما ليست هناك أرقام رسمية بعدد الأبناء.
وتم خلال الفترة الماضية تداول حديث كثير عن مشاريع قوانين يجري الإعداد لها لتحسين وضع الكويتيات المتزوجات بأجانب، من بينها منح أبنائهن حق الإقامة الدائمة وتمكينهم من حقوقهم المدنية الكاملة، لكنها إلى اليوم حبيسة أدراج معديها.
ولا تنحصر عملية التمييز في منح الجنسية على أبناء الكويتيات المتزوجات بأجانب، فهناك قضية البدون المتفاعلة منذ عقود والتي تماطل السلطة الكويتية بشقيها التنفيذي والتشريعي في إيجاد حلول لها.
ويعيش في الكويت نحو 140 ألفا من البدون، أو ما يطلق عليهم بغير محددي الهوية، وتعود قضيتهم إلى نشأة الدولة الحديثة في الكويت في الستينات من القرن الماضي، حيث لم يتقدم الكثيرون من “أهل البادية” بطلب للحصول على الجنسية، إما لأنهم كانوا أميين وإما لأنهم لا يستطيعون تقديم وثائق، وإما لأنهم لم يعرفوا مدى أهمية المواطنة.
وترفض السلطة الكويتية الاعتراف بهم، أو منحهم أبسط الحقوق الأساسية، ويقول نشطاء إنه كان الأولى التركيز على حل قضيتهم، منتقدين سياسة التمييز والانتقائية، التي دأبت عليها السلطة في التعاطي مع قضايا المجتمع الكويتي.