المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية لـ"العرب": مصر تلعب دورا إقليميا مهما في المنطقة

الأزمة الأوكرانية ستحل بالوسائل الدبلوماسية وليس العسكرية.
الجمعة 2022/11/11
زيارة يترقبها الجميع وأولهم القاهرة

تتجه أنظار السياسيين ووسائل الإعلام نحو الزيارة المنتظرة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى مصر وحضوره في مؤتمر المناخ، والتي تعالت معها التوقعات حول الملفات الهامة التي سيبحثها الرئيس الأميركي مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، حول هذه الملفات وحول دلالة خصم جزء من المساعدات الأميركية لمصر، واتهام واشنطن بدعم التظاهرات في القاهرة وموقف واشنطن من الحرب على أوكرانيا وعلاقتها بالصين، يجيبنا سامويل وربيرغ المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية، في حوار خاص بـ”العرب”.

شرم الشيخ (مصر) – تُلقي زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمصر على هامش مؤتمر المناخ بشرم الشيخ الجمعة بظلالها على طبيعة الملفات المتوقع أن يناقشها مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، خاصة مع اختيار توقيت مجيئه ليتزامن مع دعوات للتظاهر أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين ضد النظام المصري.

وقال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية سامويل وربيرغ في حوار مع “العرب” إن “واشنطن تهتم دائما بالحوار مع كل دول العالم، وبينها مصر بالطبع، وناقشت باستفاضة الملفات المرتبطة بحقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي وحق التجمهر والتظاهر وحرية الصحافة، قبل مؤتمر قمة المناخ “كوب 27″ وسوف يستمر بعده”.

وأضاف أن هذه القضايا يتوقع أنه سيتم التطرق إليها في لقاء الرئيسين جو بايدن وعبدالفتاح السيسي في شرم الشيخ، وضمن الاجتماعات بين المسؤولين الأميركيين ونظرائهم المصريين.

وحول التكهّنات بشأن تزامن وصول بادين مع دعوات للتظاهر في مصر وما إذا كانت تمثل دعما غير مباشر لجماعة الإخوان والاحتجاجات، قال وربيرغ الموجود حاليا في شرم الشيخ “ليس لديّ معلومات في هذا الصدد”.

بايدن وملف الحريات

ملف الحريات يفرض نفسه في «كوب 27»
ملف الحريات يفرض نفسه في "كوب 27"

أردف المتحدث الإقليمي في تصريحه لـ”العرب” أن “الإدارة الأميركية ترى الحوار مع مصر مليئا بالملفات، بينها حقوق الإنسان وحرية التجمع، وتدعم حق أيّ شعب في التعبير عن رأيه، وسمعنا من الرئيس بايدن في بداية توليه منصبه أهمية الحفاظ على حقوق الإنسان واحترام القيم، وأنه لا يعتبر هذه القضايا هامشية، بل هي بنية أساسية مهمة لتطوير العلاقات الدولية”.

وحظي مؤتمر المناخ في شرم الشيخ الذي بدأ في السادس من نوفمبر الجاري وينتهي في الثامن عشر منه باهتمام كبير من قبل وسائل إعلام دولية بملف حقوق الإنسان في مصر، وطفت على السطح قضية الناشط السياسي علاء عبدالفتاح، وتطرق إليها بعض المسؤولين الكبار في أوروبا خلال لقاءاتهم مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

وربما يدخل الرئيس بايدن على خط هذه القضية الشائكة التي تمسكت فيها القاهرة بموقفها، وقالت إن علاء محبوس على ذمة قضايا جنائية وليست سياسية أو تتعلق بحرية الرأي، وهذا من الأمور الداخلية التي تخضع للقانون وبعيدة عن الضغوط.

وأوضح وربيرغ أن لقاء الرئيسين السيسي وبايدن لن يكون قاصرا على القضايا المتعلقة بتغيرات المناخ، حيث سيجري طرح الكثير من الملفات المهمة في مجالات مختلفة ذات اهتمام مشترك بين البلدين، في مقدّمتها تحقيق الاستقرار والازدهار في الإقليم وتهدئة الصراعات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأكد لـ”العرب” أن القاهرة تلعب دورا جوهريا في تهدئة الأوضاع في المنطقة، كما حدث في غزة، ولها دور رئيسي في ليبيا المجاورة لها، والتي باتت في حاجة إلى عقد الانتخابات وتمريرها بنجاح مع وضع قاعدة دستورية لها.

واشنطن ستناقش مع القاهرة الملفات المرتبطة بحقوق الإنسان وحرية التعبير وحق التجمهر والتظاهر وحرية الصحافة

وقامت الإدارة الأميركية مؤخرا باقتطاع جزء من المعونة المخصصة للمساعدات العسكرية لمصر والتي تقدّر بـ225 مليون دولار، وبدت الخطوة كعلامة على توتر العلاقات بين البلدين.

وحول هذه الخطوة، قال وربيرغ لـ”العرب” إن “لدينا قوانين تخص المساعدات المقدمة لمصر، فهي تأتي من الشعب الأميركي، وتستعمل الحكومة جزءا من الضرائب والتمويل في تقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية ودفاعية لبعض الدول، وتلعب السلطة التشريعية دورا مهما في كيفية تقديمها”.

وتابع “هناك بعض القوانين مرتبطة بهذا الصدد، تعطي لأعضاء الكونغرس إمكانية رفع أصواتهم والاعتراض، وبعضهم ساورتهم الشكوك فيما يتعلق بالحالة الخاصة بملف حقوق الإنسان وبعض الملفات الأخرى في مصر”.

وشدد على أن الإدارة الأميركية لا تعبر عن الاهتمام بالنسبة إلى حقوق الإنسان فقط عبر التمويل، فهناك إمكانية لإبداء ذلك من خلال التواصل المباشر بين المسؤولين على مستويات مختلفة في واشنطن والقاهرة.

وحول مدى التنسيق بين الإدارتين المصرية والأميركية في الوقت الراهن قال وربيرغ “كان وما زال هناك تنسيق ومناقشة حول موضوعات كثيرة، في عهد الإدارة الحالية أو الإدارات السابقة، فالتعاون مستمر على مدار أربعين عاما”.

ومع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في إيران، اتهم مسؤولون في طهران واشنطن بتأجيج المظاهرات وافتعال أزمات داخلية لطهران ومحاولة زعزعة الاستقرار من خلال دعم المحتجين، رد وربيرغ بالقول “الولايات المتحدة تدعم الشعب الإيراني، وإذا أراد القيام بالتظاهرات فنحن ندعمه في هذا الحق، وإذا أراد الاستفادة من اقتصاد بلاده الذي يسيطر عليه الحرس الثوري ندعمه أيضا، فالشعب الإيراني من حقه التمتع بكافة حقوقه السياسية والإنسانية”.

بين الصين وروسيا

وربيرغ لمراسلة "العرب": زيارة بايدن لن تقتصر على ملفات التغير المناخي
وربيرغ لمراسلة "العرب": زيارة بايدن لن تقتصر على ملفات التغير المناخي

في سياق انعقاد مؤتمر المناخ، كشف المتحدث الإقليمي الأميركي لـ”العرب” عن ضرورة وجود تنسيق بين بلاده والصين بشأن تغير المناخ، باعتبار أن البلدين من أكبر الاقتصاديات في العالم، وأكثر الدول التي تنتج منها انبعاثات كربونية، ما يفرض التنسيق معا.

وأشار إلى توصل البلدين في مؤتمر المناخ السابق في غلاسكو إلى بعض الاتفاقيات، وكانت هناك بيانات مشتركة حول معالجة الانبعاثات الحرارية، وجرى التفاهم حول مجموعة من الخطوات للحد من ذلك، لكن لأسباب غير متعلقة بتغيّر المناخ توقفت الحكومة الصينية عن التنسيق، وسنحثها على العودة إليه، لأن غياب التعاون يشكل عقابا أو ضررا للولايات المتحدة، ولغالبية الدول النامية والفقيرة، وهذا شيء محزن للغاية لأن تأثيرات التغير المناخي تلقي بظلالها السلبية على الجميع.

وعن العلاقات السياسية مع بكين التي ترى واشنطن أنها تهدد مصالحها في تايوان وتحاول ضرب نفوذها في مناطق أخرى أكد المتحدث الأميركي لـ”العرب” أنه تمت مناقشة هذه القضية جيدا، و “من جانب الإدارة الأميركية لا يوجد تغيير حقيقي في السياسة تجاه تايوان، حيث لا ندعم استقلالها، وندعم سياسة الصين الواحدة”.

وعبر وربيرغ عن استغرابه بسبب الضجة والخطابات القوية من الصين بسبب زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وبعض أعضاء الكونغرس الأميركي مؤخرا إلى تايوان قائلا “شيء غريب للغاية، فمنذ سنوات هناك زيارات متعددة وكثيرة من أعضاء من الكونغرس والمسؤولين الأميركيين والآخرين إلى تايوان، والسؤال الذي نطرحه على بكين لماذا اختارت في هذا الوقت عمل هذه الضجة حول الزيارة؟”.

غياب التعاون مع بكين يشكل ضررا لأن تأثيرات التغير المناخي السلبية تطال الجميع

وأضاف أن سياسة واشنطن لم تتغير، وسمعنا من الرئيس بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن أن هذه الإدارة ترى أن الحكومة الصينية تمثل أكبر التحديات أمامنا في هذا القرن الجديد، ودائما سوف تكون لدينا علاقات تنافسية مع الصين، لكن أحيانا تجمعنا علاقات تعاونية، خاصة في المجالات المرتبطة بالتغيّرات المناخية.

وحول توقع أن تشهد العلاقات الثنائية تواصلا واسعا على هامش مؤتمر المناخ، أوضح لـ”العرب” أنه لا يمكنه التكهن بأية نتيجة “بيد أننا مستعدّون للتواصل مع بكين، ودون شك أمامنا تحديات من قبل الجانب الصيني لأن كل المبادئ الأساسية الدولية التي تتفق عليها الدول منذ نحو ثمانين سنة يمكن أن تقوم الحكومة الصينية بتغييرها، حيث تمارس أنشطة اقتصادية قسرية ولا تحترم حقوق الإنسان بالنسبة إلى الملايين من المسلمين الإيغور، وقمع الناشطين الديمقراطيين في هونغ كونغ”.

وفي سياق الحديث عن مستقبل العلاقات الأميركية – الروسية المتأججة مع اندلاع الأزمة الأوكرانية، قال “من الصعب الحديث عن مستقبل العلاقات مع روسيا أثناء اندلاع الحرب، ورغم المحاولات الدبلوماسية والجهود التي بذلناها لشهور قبل الحرب، ففي نهاية المطاف اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شنها على الشعب الأوكراني، وتجاهل التحركات التي سعت نحو حل هذه المشكلة”.

وألمح في حواره مع “العرب” إلى أن نهاية الحرب سوف تكون عبر الآليات الدبلوماسية وليس من خلال الآلة العسكرية، وطالما استمر الرئيس بوتين في حربه ضد الأوكرانيين سوف نستمر مع حلفائنا بأوروبا وحلف شمال الأطلسي في تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية والإنسانية للشعب الأوكراني وحكومته.

ولم ينكر أن بلاده تجمعها مع روسيا ملفات حيوية، بينها قضايا خفض التسليح النووي، والتنسيق حول مكافحة الإرهاب، لكن حاليا التركيز منصب على إنهاء الحرب على أوكرانيا، مستبعدا عقد لقاء قريب بين الرئيسين بايدن وبوتين، لافتا إلى أنه “حتى الآن لا نرى دلائل على عقد اجتماع بينهما، أو حتى بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الروسي سيرجى لافروف، ولا توجد دلائل على أن ذلك يؤدي إلى نتيجة إيجابية”.

مناخ

7