المؤسسات الإعلامية تئن ولا من مجيب

الأزمة الصحية العالمية أجبرت الصحف على أن تواجه أزمتها منفردة.
الخميس 2020/11/19
الشبكات الكبرى لم تسلم من الأزمة

ليون -  انضمت شبكة “يورونيوز” الإخبارية الدولية إلى قافلة المؤسسات الإعلامية التي اضطرت إلى اتخاذ إجراءات تقشف وعمليات تسريح موظفين بسبب تداعيات وباء كوفيد – 19، ويؤكد عاملون في القطاع أن الأزمة بدأت منذ سنوات عديدة وساهم الوباء بتسريعها، بينما تركت المؤسسات تواجه مصيرها دون دعم خصوصا في العالم العربي.

وأرغمت الأزمة الصحية “يورونيوز” التي تتخذ مقرا في فرنسا، على إعادة هيكلة نفسها مع احتمال تسريح موظفين، وعرض رئيس مجلس إدارة الشبكة الأوروبية مايكل بيترز الثلاثاء على النقابات خطة لإعادة نشر العاملين ستؤدي إلى تسريح حوالي خمسين موظفا من أصل 900.

ورأى بيترز أنه من الصعب إعطاء أرقام أكثر دقة لعدد الوظائف التي سيتم إلغاؤها، لأنه سيتحتم اقتراح تعديلات في عقد العمل على الموظفين الذين سيكون بإمكانهم الرفض.

ومنذ مارس الماضي حذر خبراء إعلام من ضربة قاسية تتلقاها المؤسسات الصحافية بسبب تراجع الإعلانات جراء تباطؤ الاقتصاد وانخفاض في عائدات الاشتراكات.

وهو ما أكدته بعد أشهر، دراسة حديثة للمركز الدولي للصحافيين ومركز تاو للصحافة الرقمية في جامعة كولومبيا الأميركية، خلصت إلى أنّ 17 في المئة من غرف الأخبار حول العالم شهدت انخفاضا في الإيرادات بأكثر من 75 في المئة خلال تفشي كوفيد – 19، وقالت البروفيسورة إميلي بيل المديرة المؤسسة لمركز تاو “أعتقد أننا نشهد انهيارا في سوق الإعلانات”.

وتسبب هذا الانهيار في توقف العشرات من الصحف في الولايات المتحدة وبريطانيا، وبالمثل تواجه المؤسسات الصحافية العربية التي نجحت بالصمود حتى الآن، واقعا صعبا وهي تحاول العودة مجددا للإصدار الورقي بعد توقفها المؤقت بسبب إجراءات الحظر الصحي المرتبطة بالوباء، واكتفت العديد من الصحف بالإصدار الإلكتروني وتخفيض أعداد العاملين لديها لاحتواء الأزمة الاقتصادية والعودة مجددا.

صحف عربية تواجه أزمتها منفردة رغم أنها عملت كمكبرات صوت للأنظمة العربية، ومع ذلك بقاؤها ضمانة للتعددية

ويقول متابعون إن الصحف العربية تواجه أزمتها منفردة رغم أن الكثير منها عملت كمكبرات صوت للأنظمة العربية، ومع ذلك يكتسب بقاؤها أهمية كبيرة كنوع من الضمانة لتعددية الأصوات والمنابر والتنوع واختلاف الرؤى السياسية في المشهد الإعلامي العربي.

كما تعتبر الصحف ساحة لمناقشة الثقافة المحلية والأدب والتاريخ، لذلك تستحق الدعم والمساهمة في منع انهيارها سواء من الحكومات أو المنظمات والهيئات المعنية بالصحافة والمعلنين.

وأضافوا أن الصحف الورقية في العصر الرقمي تتكبد نفقات إضافية في سعيها لمواكبة التقنيات الحديثة التي أصبحت مسألة أساسية لا غنى عنها في النسخ الإلكترونية للصحف من أجل جذب جيل الشباب على المنصات الاجتماعية.

وأوضح رئيس يورونيوز استنادا إلى اتصالاته مع نظرائه في الشبكات الإخبارية الدولية الأخرى، أن القطاع برمته عانى منذ بدء تفشي وباء كوفيد – 19 من تراجع عائداته من الإعلانات بنسبة تراوحت بين 35 و50 في المئة، لكن الواقع أن الوباء سرع توجها كان موجودا بالأساس، وقال بيترز “اليوم لم تعد العلامات التجارية ترغب في أن يقترن اسمها بالإعلام الذي بات يقتصر على البؤس، إذ ينقل الحروب والأوبئة والفساد…”.

وسبق أن قامت شبكة يورونيوز الدولية، ومقرها في مدينة ليون بوسط شرق فرنسا، بعملية مماثلة عام 2017، حين تخلت عن الإرسال المتعدد لتعرض 12 قناة لغوية لكل منها خطّها التحريريّ الخاص، ملغية في سياق هذه العملية تسعين وظيفة.

لكن إن كانت الشبكة عانت من تراجع عائداتها الإعلانية بالرغم من عدد متابعيها الذي “لم يكن يوما بالحجم الذي هو عليه اليوم”، فهي عجزت عن خفض كلفتها بمقدار مواز، ولم تحصل كذلك على مساعدات عامة.

وقال بيترز “علينا أن نواصل استثمار العشرات من الملايين في إنتاج المواد الإخبارية التي لم تعد مربحة، مع الاستثمار في الوقت نفسه في المحتويات الجديدة التي يمكن أن تدر أموالا”.

ونظرا إلى حجم الشركة البالغة عائداتها 80 مليون يورو، فإن هذا الحل يحتم عليها إعادة نشر موظفيها وخفض تكاليفها ومواصلة منح اسمها لشبكات.

وبعدما خسرت يورونيوز في الربيع دعم شريكتها ومساهمتها القوية شبكة “إن.بي.سي” الأميركية، أعادت نقل إنتاج فرعها الأفريقي “أفريكا نيوز” إلى فرنسا لتحقيق مدخرات.

18