المؤتمر الانتخابي لحركة نداء تونس يسقط في مربع التجاذبات

تونس - تهدّد التطورات التي تعصف بحركة نداء تونس التي يُديرها حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الباجي قائد السبسي، عقد المؤتمر الانتخابي الأول الذي يُفترض أن يتمّ في السادس من أبريل المُقبل، لتكون مُخرجاته مُقدمة لإعادة ترميم صفوف هذه الحركة استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة.
وتتالت وسط تلك المساحة زوابع سياسية استهدفت ملء الفراغ التنظيمي بإشارات مُتناقضة فرضتها حسابات شخصية تدفع نحو الهروب إلى الأمام من مواجهة استحقاقات المرحلة.
وكان آخر تلك الزوابع تعمّد القيادة الحالية برئاسة السبسي الابن، التدخل في عمل لجنة إعداد المؤتمر برئاسة رضا شرف الدين، والضغط عليها لإقرار صيغة تجعل من المؤتمر القادم على مقاس السبسي الابن، والمجموعة الموالية له.
وكشفت مصادر مُقربة من هذه اللجنة لـ”العرب” أن تلك الضغوط وصلت إلى حد الطلب منها اعتماد صيغة اقترحها السبسي الابن، تقوم على التخلي عن تنظيم مؤتمرات محلية وجهوية تسبق المؤتمر الانتخابي، والاكتفاء باعتماد المنسقين الجهويين، وثلاثة أعضاء من كل تنسيقية تتم تزكيتهم من القيادة، كأعضاء في المؤتمر، ما يعني إفراغه من محتواه، والحيلولة دون إفراز قيادة جديدة مُنتخبة.
ويبدو أن هذا الاقتراح هو الذي دفع لجنة إعداد المؤتمر إلى الخروج عن صمتها، والتنديد بمُحاولات التدخل في عملها، وصولا إلى اتهام القيادة الحالية للحركة بالسعي إلى فرض مقاربة لمُخرجات افتراضية للمؤتمر تحمل في ثناياها عوامل فشلها.
واتهمت لجنة إعداد المؤتمر الانتخابي الأول لحركة نداء تونس، في بيان وزعته في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، القيادة الحالية بعرقلة عملها، حيث “ظلت دوما تعمل على إضعاف دور اللجنة وتعتبرها مجرد لجنة تقنية”.
وأعربت في بيانها عن “الانشغال العميق للتعثرات الكبيرة التي يعيشها مسار إعداد المؤتمر”، حيث تبين لها “عدم احترام بنود خارطة الطريق المتفق عليها سابقا”، إلى جانب مُعاينة “عدة عراقيل وضعت على طريق أعمالها، منها غياب التشارك، وفقدان التعامل الإيجابي من طرف قيادة الحزب”.
ولم تتردد في تحميل كل الأطراف وبالأساس القيادة الحالية للحركة “مسؤولية كل ما سيحصل من نواقص لإعداد المؤتمر”.
ويرى مراقبون أن ما يُميز بيان لجنة إعداد المؤتمر هذه المرة، هو توقيته وما يعكسه من تعدد الاحتمالات في علاقة بالظروف الموضوعية المُحيطة بعقد المؤتمر، لجهة فهم ما يُريده السبسي الابن ودور المجموعة المُقربة منه، وخاصة رجل الأعمال عبدالرؤوف الخماسي.
لكن الخماسي أعرب عن استغرابه من بيان لجنة إعداد المؤتمر، وسعى إلى خلط الأوراق من خلال الإشارة إلى وجود مجموعة وصفها بـ”المُنشقة” داخل هذه اللجنة، كما شكك في كفاءة البعض من أعضائها.
وأكد على أن الهيئة السياسية للحركة، التي يرأسها السبسي الابن، “هي الهيكل الوحيد المعني بإيجاد الحل، وأنه ليس من دور لجنة الإعداد للمؤتمر المكلفة من طرف الهيئة اتخاذ أي قرار”.
ويزيد هذا التأكيد في اتساع مساحة المأزق الضاغط الذي تردت فيه حركة نداء تونس، حتى أضحى التعويل على مُخرجات جديدة للمؤتمر القادم، محكوما بقرار سياسي يتجاوز القيادة الحالية التي أصبحت جزءا من المأزق وليس الحل.
وبحسب رضا بالحاج، الذي سبق أن جمدت القيادة الحالية لنداء تونس عضويته كمُنسق عام لها، بسبب ما وصفته بـ”التدخل في عمل لجنة إعداد المؤتمر”، فإن بيان اللجنة يؤكد صحة موقف حراك “لمّ الشمل” الذي بدأه عدد كبير من أعضاء المكتب التنفيذي الموسع في مُحاولة لإخراج الحركة من مأزقها.
وقال بالحاج لـ”العرب” إن ما ورد في البيان المذكور “يعكس تفاقم الأزمة الراهنة، وهو تأكيد جديد على أنه لا مفر من إبعاد القيادة الحالية التي ارتجت كثيرا على وقع تصرفاتها وممارساتها السياسية بأسبابها ودوافعها المخفية وكذلك أيضا المُعلنة التي جعلت حركة نداء تونس تتجه نحو السقوط المدوي”.
وبدأ صدى هذا الرأي يتردد بقوة باعتبار أن القراءة المتأنية لما يجري لا تُلغي الحديث عن فرصة قد تكون ما زالت سانحة أمام هذه الحركة لتجاوز كل ما اعترضها من أزمات.
لكن، تلك الفرصة تبقى محكومة بعدة عوامل أبرها تجاوب الرئيس الباجي قائد السبسي بصفته الرئيس المؤسس والشرفي لحركة نداء تونس، مع الدعوات التي تُطالبه بالتدخل، إلى جانب انتزاع الأوهام التي تُراود نجله السبسي الابن، لاسيما في هذا الوقت الذي يضغط باتجاه حسم الكثير من المسائل التي كانت سببا في تآكل وتصدع حركة نداء تونس.