الكويت تسجّل أكبر انخفاض سنوي في الوظائف

سياسة التوطين تحافظ على العمالة المحلية وتقلّص فرص الوافدين.
الثلاثاء 2021/02/23
نعود إلى الوطن بعد فقدان الأمل

قوّضت تداعيات كورونا توطين الوظائف في القطاع الخاص في الكويت مقابل استقرار نسبي في القطاع العام. وترجّح التوقعات تراجع المزيد من الوظائف بفعل التغييرات المقترحة على قانون الإقامة، مما سيزيد من تقليص العمالة الوافدة في ظل مواصلة تطبيق سياسات توطين الوظائف واضطرار الشركات إلى تسريح موظفيها نتيجة ضعف الاقتصاد.

الكويت – لم تحقق سياسة التوطين التي اعتمدتها الكويت القضاء على البطالة نظرا للمد المعاكس لجائحة كورونا على أداء التوطين في القطاع الخاص بفعل ضعف الاقتصاد واضطرار الشركات إلى تسريح الموظفين فضلا عن تسريح العمالة الوافدة لتعويضها بالمحلية في وقت لا يزال فيه دور القطاع الخاص ضعيفا لأسباب هيكلية وبفعل آثار كورونا.

وانخفض عدد الوظائف في الكويت خلال 2020 بنسبة 4.2 في المئة، لتسجل أكبر تراجع سنوي من حوالي 30 عاما وسط تداعيات فايروس كورونا المستجد.

وحسب تقرير لبنك الكويت الوطني (أكبر بنك بالبلاد) الإثنين، انعكس التراجع على نمو نشاط التوظيف بين المواطنين الكويتيين بوتيرة متواضعة وانخفاض شديد في وظائف العمالة الوافدة.

وأشار التقرير إلى تراجع نمو معدلات توظيف المواطنين الكويتيين من 2.4 في المئة في 2019 إلى 2.1 في المئة في 2020، في ظل تداعيات الجائحة التي أثرت بشدة على التوظيف بالقطاع الخاص الذي انخفض بنسبة 1.2 في المئة.

وتابع التقرير “كان أداء القطاع العام جيدا بنمو 2.7 في المئة مقارنة بالقطاع الخاص”، في ما يعزى إلى حد ما إلى جهود الكويت في التوطين.

وتعيش الكويت إحدى أسوأ أزماتها الاقتصادية بسبب تأثيرات فايروس كورونا وانخفاض أسعار النفط المصدر الرئيس لأكثر من 90 في المئة من الإيرادات الحكومية.

ورصد التقرير تراجع عدد السكان في الكويت في 2020 بأعلى وتيرة منذ ما يقارب 30 عاماً بنسبة بلغت 5.2 في المئة إثر الانخفاض الملحوظ في أعداد الوافدين بنحو 130 ألف وافد.

توقعات بتواصل رحيل العمالة الوافدة بسبب تغييرات قانون الإقامة وتسريح الموظفين

وأوضح التقرير أن أكثر من ثلث سكان الكويت تقل أعمارهم عن 15 سنة، مما يسلط الضوء على أهمية الإسراع في وتيرة خلق فرص العمل لتلك الشريحة العريضة من المجتمع.

وانخفض توظيف الوافدين بنسبة 5.2 في المئة في 2020 بعد زيادة بنسبة 5.4 في المئة في العام السابق. وحسب التقرير كانت وظائف العمالة المنزلية أقل تأثراً نظراً لانخفاضها بنسبة 1.5 في المئة فقط في 2020.

وسمحت الحكومة الكويتية ببدء عودة العمالة المنزلية إلى البلاد بمجرد استئناف الرحلات الجوية في أغسطس الماضي بعد توقف دام قرابة 5 أشهر.

وأظهر التقرير أنه عند استثناء العمالة المنزلية فقد انخفضت أعداد العمالة الوافدة بنسبة 6.7 في المئة نتيجة للتراجع الحاد في أنشطة توظيف القطاع الخاص بنسبة 7 في المئة.

وتوقع التقرير استمرار وتيرة رحيل العمالة الوافدة خلال الفترة المقبلة على خلفية التغييرات المقترحة على قانون الإقامة ومواصلة تطبيق سياسات توطين الوظائف واضطرار الشركات إلى تسريح موظفيها في ظل ضعف الاقتصاد.

وحسب بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية (حكومية) انخفض عدد سكان الكويت بنسبة 2.2 في المئة خلال العام الماضي إلى 4.68 مليون نسمة، وسط ارتفاع أعداد المواطنين بنسبة 2 في المئة وانخفاض كبير للوافدين بنسبة 4 في المئة.

وسُجّلت في الكويت خلال يناير الماضي زيادة ملحوظة في عدد العمّال الأجانب المغادرين للبلد في ظاهرة مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية والمالية الناتجة عن جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط وتأثيرات ذلك على أنشطة الشركات والمؤسسّات ومدى طلبها على الأيدي العاملة.

Thumbnail

وتظهر أرقام رسمية إلغاء ما معدّله 300 إذن عمل يوميا، ما يعني بحسب ما أوردته صحيفة الرأي المحلّية خروج 12 وافدا من سوق الشغل الكويتي كل ساعة.

وسرّعت السلطات الكويتية خلال الأشهر الأخيرة من إجراءاتها للتخلّص من عشرات الآلاف من الوافدين الذين أصبحوا فائضين عن الحاجة بفعل نقص الطلب على اليد العاملة الأجنبية.

وعرفت الكويت خلال سنوات الوفرة المالية تدفّقا كبيرا للوافدين الذين أصبحوا يشكّلون الغالبية العظمى من القوّة العاملة في مختلف القطاعات في ظلّ عزوف المواطنين عن الاشتغال خصوصا بالمهن المرهقة وقليلة الدخل، بينما الدولة توفر لهم أغلب حاجاتهم بالمجان.

وتسعى الكويت من خلال معالجتها لملف الوافدين إلى هدف أبعد مدى يتمثّل في تعديل التركيبة السكانية المختلة بفعل كثرة عدد الأجانب قياسا بعدد المواطنين. وتمّ للغرض إقرار قانون جديد يقضي بضبط نسب العمالة الوافدة ووضع حدّ أقصى لها بالتناسب مع عدد المواطنين.

وإضافة إلى ذلك شدّدت السلطات الكويتية من إجراءاتها ضد المقيمين في البلاد بشكل غير قانوني في ظاهرة يعتبرها كويتيون مجرّد حماس ظرفي أثاره الظرف المالي والصحّي، مؤكّدين أنّ التحكّم بالملف يظل رهين مشغّلي اليد العاملة السائبة ومستوى الطلب على هذا النوع من العمّال، بدليل ما يجري في الوقت الحالي من مضاربات على خدم المنازل الذين أدى ارتفاع الطلب عليهم إلى ممارسات غير قانونية.

ويواجه الاقتصاد الكويتي حسب خبراء اختلالات كثيرة تسببت في ارتباك سوق الشغل نظرا إلى سوء التصرف في الإنفاق العام طيلة عقود حيث يمثل الموظفون في القطاع العام عبئا كبيرا.

وتتحمّل الدولة الكويتية أعباء كبيرة بسبب سخاء التقديمات الاجتماعية، وهي ظاهرة تعود إلى سنوات الوفرة المالية التي عرفتها البلاد بسبب ارتفاع أسعار النفط، وهو وضع يصعب تغييره اليوم بسرعة دون أن يتسبّب في صدمة اجتماعية بعد أن اعتاد الكويتيون على مستوى عال من الرفاهية.

4.5 في المئة نسبة تراجع الوظائف بسبب نمو توظيف المواطنين وانخفاض العمالة الوافدة

ويرى خبراء أن ترشيد الإنفاق أصبح ضرورة ملحة وأن الأزمة الحالية تمثل فرصة أخيرة لتجاوز عقبات تنفيذ الإصلاحات التي طال تأجيلها والبدء بتنويع الموارد والتخلص من الطابع الريعي للاقتصاد لتخفيف مخاطر تقلبات أسعار النفط.

ويقول الخبراء إن الحكومة الكويتية أمام استحقاق حتمي لتسريع الإصلاحات وخفض الإنفاق، وأن الأزمة ستساعدها في تجاوز الرفض البرلماني والشعبي لخطط التقشف.

ويشيرون إلى أن الكويت تأخرت في وضع القوانين الكفيلة بتسريع ونجاعة الإصلاح إضافة إلى ضرورة تعديل وتطوير القوانين القديمة بما يتلاءم مع الوضع العالمي الاقتصادي. وتهيمن على الاقتصاد الكويتي القوانين التقليدية، حيث تسيطر الدولة على جميع القطاعات المنتجة وتجد صعوبة في تقليص الإنفاق بسبب الرفض السياسي والشعبي لأي تقليص للإعانات والدعم الحكومي في وقت لا يزال فيه دور القطاع الخاص محدودا في تخفيف الأعباء عن الدولة.

واعتبر اقتصاديون أن تلك الأوضاع طاردة لرأس المال المحلي والأجنبي، مما يعرقل تنويع الموارد المالية وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، حيث ينحصر دوره في مساحة ضيقة من المجالات الصناعية البسيطة.

ولم تتخلّص الكويت حتى في رؤيتها 2035 التي أعلنتها منذ سنوات من اعتمادها على عوائد النفط في تمويل الوظائف الحكومية، حيث يعمل أكثر من 75 في المئة من المواطنين الكويتيين في القطاع العام، إضافة إلى الإعانات الحكومية الباذخة لقائمة طويلة من الخدمات والسلع.

11