الكونغرس الأميركي يخطط لقهر "آلهة" وادي السيليكون

جلسة استماع ساخنة للمديرين التنفيذيين لفيسبوك وتويتر، مارك زوكربيرغ وجاك دورسي في مجلس الشيوخ الأميركي سلطت الضوء على كيفية إدارة الموقعين للنقاشات العامة المرتبطة بالانتخابات الأميركية التي يبدو أنها لم تعجب لا الجمهوريين ولا الديمقراطيين.
واشنطن- أعلن المديران التنفيذيان لفيسبوك وتويتر، مارك زوكربيرغ وجاك دورسي الثلاثاء موافقتهما على إعادة النظر في الإصلاح المتعلق بكيفية إدارة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، في إشارة إلى قبولهما شكلا من أشكال الوصاية الحكومية على الموقعين.
ومثل زوكربيرغ ودورسي الثلاثاء في جلسة استماع ثانية، أمام لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي، هي الثانية في أقل من شهر، حول دور شبكات التواصل الاجتماعي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة.
وكان من الواضح منذ البداية أن المشرعين عازمون على كبح جماح شبكتي التواصل الاجتماعي الشعبيتين، مع التهديد أكثر من مرة بقرب إلغاء المادة 230. وينص التشريع على أن هذه المنصات ليست مسؤولة بشكل عام عن الأشياء غير القانونية أو المسيئة التي ينشرها المستخدمون عليها.
وفيما دعا زوكربيرغ إلى وضع إطار تنظيمي جديد يمكن أن يشمل الإشراف على المحتوى، أكد أن “مقارنة ما يفعلونه بشركات الاتصالات أو الصحف ليس هو السبيل للنظر إلى ما هو في الأساس صناعة جديدة”. وقال دورسي من جانبه، إن موقعه سيركز على منح المستخدمين المزيد من الأدوات للتحكم في المحتوى الذي يطالعونه.
واستمرت الجلسة التي ترأسها السيناتور الجمهوري لندسي غراهام، من ولاية كارولاينا الجنوبية، الذي ساند الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب في مزاعمه حول تزوير الانتخابات، أكثر من 4 ساعات، ووجه خلالها أعضاء مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون 172 سؤالا لزوكربيرغ ودورسي. وركزت الأسئلة على كيفية إدارة الشركتين للمحتوى الذي ينشر عبر شبكاتهما الاجتماعية، فضلا عن الرقابة على الأصوات المحافظة. كما تطرقت الجلسة إلى جهود الشركتين في مكافحة التضليل والأخبار الزائفة، وإلى المخاوف من الاحتكار في السوق والإدمان لدى المستخدمين.
وهاجمت السيناتور عن الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي مارشا بلاكبيرن، المديرين التنفيذيين لفيسبوك وتويتر، مارك زوكربيرغ وجاك دورسي بسبب تصرفهما كأنهما “لا يقهران”، وتصرف موظفيهم “مثل آلهة وادي السيليكون التي لا تقهر”، مؤكدة أن الكونغرس سيتحرك ضدهما لمحاسبتهما.
وقالت بلاكبيرن لزوكربيرغ ودورسي إن الأميركيين لديهم “إحباطات كبيرة” من الشركتين. وشكت السيناتور من “ثقافة الإلغاء”، وتساءلت عن سبب تصنيف منشوراتها على فيسبوك حول تزوير الناخبين بعلامة تضليل انتخابي. وأقر زوكربيرغ بأنه من السيء حظر الأشخاص على أساس الانتماء السياسي.
وتساءل السيناتور الجمهوري تيد كروز عن سبب قيام تويتر “بوضع تحذيرات مزعومة على أي بيان تقريبا حول تزوير الانتخابات”.
وعندما شرح دورسي وجهة نظره حول ربط الناس بالنقاشات، صدّه كروز. وقال “لا، أنت لا تقوم بذلك. إنك تضع صفحة تقول إن تزوير الناخبين من أي نوع نادر للغاية في الولايات المتحدة. هذا لا يرتبط بنقاش أوسع. هذا يتخذ موقفا سياسيا متنازعا عليه”.
وأضاف كروز أن تويتر له الحق في اتخاذ مثل هذا الموقف، ولكن فقط إذا قبلت أن تكون ناشرا وتخليت عن الحماية التي توفرها المادة 230. واقترح الرئيس المنتخب جو بايدن “إلغاء” الحماية التي تتمتع بها حاليا مواقع تواصل اجتماعي بموجب تشريع يعرف بـ”المادة 230” لأنه يشجع على انتشار الأكاذيب.
ويرى الجمهوريون أن شركات التواصل الاجتماعي تتخذ قرارات تحريرية بشأن ما يجب إزالته أو تصنيفه أو تركه من دون تغيير. ويقولون إن هذا يجعلهم بمثابة ناشرين وليس مجرد موزعين للمعلومات، ونتيجة لذلك لا ينبغي أن يشملهم تشريع “المادة 230” في شكله الحالي، ويشعر الديمقراطيون بالقلق من أن فيسبوك وتويتر ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى لا تفعل ما يكفي لمكافحة انتشار المعلومات المضللة والأكاذيب الصريحة.
ورغم إقرار الرئيس التنفيذي لتويتر جاك دورسي بعدة أخطاء ارتكبها موقعه واعتراف الرئيس التنفيذي لفيسبوك مارك زوكربيرغ بأن موقعه كان بطيئا في إزالة منشورات تروج للعنف، فقد دافع رئيسا الشركتين عن جهودهما لمكافحة التضليل الانتخابي.
وقال دورسي إن شركته طبقت تصنيفات على أكثر من 300 ألف تغريدة في الأسبوعين التاليين للانتخابات الأميركية. وأشاد زوكربيرغ بفيسبوك لاتخاذها “خطوة غير مسبوقة” للترويج لمعلومات دقيقة عن التصويت في أعلى التغذية الإخبارية من المستخدمين.
ويذكر أنه في 28 أكتوبر الماضي، شارك زوكربيرغ ودورسي في جلسة استماع إلى جانب سوندار بيشاي رئيس غوغل، حول الحصانة القانونية التي تتمتع بها الأطراف المضيفة عبر الإنترنت بشأن محتويات ينشرها مستخدموها.
واشتكى بعض أعضاء مجلس الشيوخ خلال تلك الجلسة من أن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دور “الحكم للبت بالحقيقة” متحيزة ضد الجمهوريين. وكانت منصتا فيسبوك وتويتر وعدتا بحماية المحتوى من التدخلات الحكومية الأجنبية، ومن الدعوة إلى العنف أو التحريض عليه بعد صدور نتائج الانتخابات.
الأسئلة تركزت على كيفية إدارة الشركتين للمحتوى الذي ينشر عبر شبكاتهما الاجتماعية، فضلا عن الرقابة على الأصوات المحافظة
وحول كيفية التعاطي مع منشورات ترامب بعد مغادرته البيت الأبيض، قال دورسي إن تويتر لن تقدم استثناءات لترامب بعد مغادرته منصبه في يناير المقبل، علما أن الشركة تساهلت مع منشورات الرئيس الأميركي التي تخالف سياساتها، لكنها بدأت بتصنيفها والتحذير منها في مايو الماضي.
وأضاف دورسي إن تويتر سمح للقادة العالميين بمزيد من الحرية مع تغريداتهم حتى لو انتهكوا شروط خدمة الشركة. وأكد أن ترامب لن يتمتع بهذا الامتياز بمجرد تركه لمنصبه، مضيفا “إذا لم يعد الحساب فجأة لقائد عالمي، فإن هذه السياسة تختفي”.
وأكد زوكربيرغ إن فيسبوك لن تغير الكيفية التي تتعامل بها مع منشورات ترامب بعد مغادرته البيت الأبيض، مشيرا “منذ يوم الانتخابات، صنفت فيسبوك عددا من منشورات ترامب، ووجهت المستخدمين إلى معلومات دقيقة حول نتيجة الاقتراع، لكنها تتّبع إجمالا سياسة عدم التدخل”. وقال زوكربيرغ إن شركته “تعامل ترامب بنفس المعايير مثل أي مستخدم آخر”.