الكوبيون يقايضون السلع على منصات التواصل الاجتماعي

الأزمة المزمنة لنقص السلع تتفاقم في كوبا بسبب جائحة كورونا، وتفتقر المتاجر للمواد الغذائية ومواد البقالة وغيرها من السلع التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية.
الثلاثاء 2020/10/27
شح السلع يثير القلق

هافانا – هل يعلم أحد منكم مكانا يمكن منه شراء الزبادي؟ هذا السؤال تطرحه امرأة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يقدم لها أحد المساعدة على الفور، ولكن مشاركا آخر بالموقع اكتشف وجود كميات من الأسمنت والقرميد بمتجر في العاصمة الكوبية هافانا، وكتب يقول “سارعوا بالذهاب لأن الطابور الواقف أمام المتجر طويل جدا”.

ويسأل مشارك آخر “من يريد مبادلة ورق التواليت بالشامبو؟”.

وتتفاقم الأزمة المزمنة لنقص السلع في كوبا بسبب جائحة كورونا، وتفتقر المتاجر للمواد الغذائية ومواد البقالة وغيرها من السلع التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية، وفي حالة حصولها على البعض منها يبدأ السكان في الوقوف في طوابير أمامها.

والانتظار في طوابير هو جزء من الحياة اليومية في كوبا، وتزايدت هذه الظاهرة الآن أكثر من أي وقت مضى، غير أنه مع إتاحة الفرصة للمزيد والمزيد من السكان للدخول إلى شبكة الإنترنت، تزايدت أمامهم الفرص للحصول على احتياجاتهم من السلع، والبحث عن إمكانات للمساومة على المواقع الإلكترونية، مما يمثل استكمالا للاقتصاد المخطط بهذه الدولة.

وينضم البعض إلى المجموعات الحوارية على منصات التواصل الاجتماعي، مثل الواتساب، أو تليغرام من أجل العثور على الأماكن التي يمكن أن تكون فيها احتياجاتهم من السلع متاحة، كما ينظمون من خلالها عمليات مقايضة وتبادلا للسلع، أو عروضا لبيع أشياء يحاول الأفراد أن يحصلوا عليها.

وكتبت امرأة على مجموعة مشتركة على تطبيق تليغرام تسمى “داندي هاي”، ويعني اسم المجموعة “أين يوجد ذلك؟”، تقول “سيكون هناك غدا سائل تنظيف بمتجر دانوبيو، وبدأ الناس يتقاطرون عليه ليقفوا صفوفا انتظارا لبدء عملية الشراء”، وانضم لهذه المجموعة الحوارية 7800 عضو، ويمكن وصف المجموعة بهذه الكلمات “شارك بما تجده وساعد الآخرين”.

وأتيحت شبكة الإنترنت على الهواتف المحمولة في كوبا منذ أواخر عام 2018، واشترك فيها حتى الآن أكثر من أربعة ملايين كوبي، وذلك وفقا لما نشرته صحيفة جرانما الحزبية، ومع ذلك يعد تصفح الإنترنت عملية مكلفة، حيث تتراوح الأسعار بين خمسة دولارات نظير 400 ميجابايت إلى 20 دولارا نظير 2.5 جيجابايت.

ويبلغ متوسط الأجور في كوبا 35 دولارا في الشهر فقط.

ورغم ذلك أصبحت المجموعات الحوارية الإلكترونية مثل “ميركاديللو هابانيرو”، التي تعني سوق هافانا الصغير، أو “لو كوي كويران” التي تعني ما تريده، تلقى إقبالا بشكل متزايد بين الكوبيين والأجانب على حد سواء.

أهم شيء أن هذه المجموعات توفر الوقت، حيث أن الأفراد يمضون غالبا عدة ساعات في طوابير الانتظار أمام المتاجر، ليجدوا بعد أن يصلوا إلى البائعين أن السلع المطلوبة نفدت، ومن هنا فإن خدمات التطبيقات الإلكترونية تمكنهم من تنظيم مهامهم الشرائية بشكل أكثر كفاءة.

خدمة التطبيقات الإلكترونية تمكن من تنظيم المهام الشرائية بأكثر كفاءة
خدمة التطبيقات الإلكترونية تمكن من تنظيم المهام الشرائية بأكثر كفاءة

وكتب شخص على مجموعة حوارية يقول “أبحث عن كيلو من البن، وسأقدم مقابل الحصول عليه خمس لترات من اللبن”، وكتب مستخدم آخر “أريد أكياسا للقمامة ويمكنني أن أقدم الجعة في مقابلها”.

وتقول كلوديا سانتاندر التي تدير العديد من مجموعات التواصل الاجتماعي، “إننا عدنا إلى الماضي وإلى الشكل الأصلي للتجارة وتبادل السلع، حيث يقول المستخدمون ما الذي يبحثون عنه وما الذي يمكن أن يقدمونه مقابل الحصول عليه، ثم يتفاوضون لإتمام العملية التجارية، دون استخدام أي نقود فيها”.

وفي البداية كانت سانتاندر تتبادل فقط المعلومات مع صديقاتها الفتيات حول أماكن بيع السلع، ثم أسست خمس مجموعات حوارية تضم كل منها 240 عضوا.

وضربت جائحة كورونا كوبا بشدة، وأصابت قطاع السياحة بالشلل والذي يعد ثاني أهم مورد للنقد الأجنبي، بعد إرسال الأطباء والممرضات إلى الخارج، ويعني ذلك أن الموارد المالية تراجعت لدى الحكومة في هافانا بحيث أثرت سلبا على قدرتها على استيراد السلع.

كما أن إعادة تشديد العقوبات الأميركية على كوبا، إلى جانب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها فنزويلا وهي دولة حليفة لها، أدى إلى تفاقم الوضع.

غير أن البعض وجد في نقص السلع الناتج عن هذه الأوضاع فرصا للحصول على مكاسب، حيث كانت المنتجات التي تدعمها الدولة تختفي من المتاجر، لتعاود الظهور في السوق السوداء وتباع بأسعار تقترب من الضعف أو من ثلاثة أمثال سعرها الأصلي.

وتطارد الشرطة الأشخاص المتورطين في هذه الأنشطة المشبوهة، وذلك وفقا لما تذكره وسائل الإعلام المحلية، على الرغم من وسائل الإعلام الكوبية التي تديرها الدولة لا تتوسع في تغطية أخبار الجريمة.

وكتب المشرف على مجموعة حوارية على تطبيق تليغرام يقول “حذرتني السلطات من قيامي بأنشطة غير قانونية، قائلة إن أصل السلع التي بحوزتي غير واضح، وأن الأسعار التي أطرحها غالية جدا، ونصحتني السلطات بأن أغلق المجموعة، ولكنها في النهاية لم تجبرني على ذلك”.

ولا يزال أعضاء المجموعة مشغولين بعمليات المقايضة؛ مبادلة الحفاظات بالبصل، وسائل تنظيف الصحون بالبن، واللبن بالبراغي.

20