القطاع الصناعي يتحدى جرأة جونسون في تنفيذ بريكست

تكشف أحدث المؤشرات عن تزايد حجم المخاوف، التي تكبل النشاط الصناعي البريطاني مع اقتراب مخاض البريكست من حافة الهاوية، وهو ما يعتبره محللون تحديا كبيرا لجرأة رئيس الوزراء بوريس جونسون بعد فوزه بالانتخابات العامة المبكرة بشكل ساحق في إبعاد شبح الركود عن القطاع مهما كانت صيغة الطلاق المرتقب.
لندن - أظهر مسح لنشاط قطاع الصناعة البريطاني الثلاثاء أن عمليات التصنيع سجلت أكبر انكماش منذ عشر سنوات نتيجة الضبابية المستمرة حول الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
وسجل الإنتاج الصناعي أسوأ أداء شهري بداية هذا الشهر ليزيد من فرص انكماش الاقتصاد ككل في الربع الأخير من العام الجاري.
ويرى محللون أن الأرقام المخيبة للآمال ربما تعكس بعض القلق خلال الفترة، التي سبقت الانتخابات العامة، التي أجريت في الأسبوع الماضي.
وانخفض الإنتاج بأسرع وتيرة منذ سبتمبر 2009 خلال الأشهر الثلاثة السابقة لفوز رئيس الوزراء بوريس جونسون في الانتخابات، ما يبرز التحدي الذي يواجهه لدعم الاقتصاد.
وجاء الفوز الحاسم لجونسون ليبدد المخاوف مؤقتا رغم وجود مجموعة من علامات الاستفهام حول علاقة بريطانيا المستقبلية بالاتحاد الأوروبي.
وإذا تسبب هذا في تقويض النمو، فقد يؤثر على خطط جونسون لزيادة الإنفاق والسيطرة على العجز المالي في الموازنة.
وذكرت شركة آي.أتش.أس ماركت المتخصصة في مجال أبحاث السوق وتوفير المعلومات والتحليلات، أن مؤشر كل نشاط الشركات انخفض إلى أدنى مستوى له منذ استفتاء عام 2016.
ويقيس المؤشر الإنتاج الصناعي، الذي تراجع أكثر من المتوقع إلى 47.7 نقطة، أقل من مستوى 50 نقطة التي تشير إلى تراجع الإنتاج.
وتشير أي قراءة دون 50 نقطة إلى أن نشاط التصنيع في حالة انكماش وأن مسؤولي الشركات يقلّصون نشاطهم.
ونزل مقياس اتحاد الصناعة البريطاني للإنتاج الصناعي على مدى ثلاثة أشهر حتى ديسمبر الحالي إلى مستوى سالب 16 من مستوى سالب 9 في نوفمبر وهي أقل قراءة منذ سبتمبر 2009.
وغطى المسح الذي شمل 289 مصنعا قبل تحقيق جونسون فوزا ساحقا في الانتخابات التي جرت الخميس الماضي.
وتراجع تدفق الأعمال الجديدة وهبط سجل الطلبيات الشهرية للاتحاد إلى سالب 28 من سالب 26.
وقالت آنا ليتش نائبة كبير الاقتصاديين في الاتحاد “مع إعلان المصنعين تراجع الإنتاج بوتيرة لم يشهدها منذ الأزمة المالية إلى جانب تراجع الطلبيات لشهر آخر، ثمة أهمية كبيرة لإعادة بناء ثقة الشركات في هذا القطاع”.
واستمر صعود الجنيه الإسترليني في الوقت الذي ينظر فيه المتداولون إلى البيانات القاتمة لطريقة انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الـ31 من يناير المقبل.
ونسبت وكالة بلومبرغ لكبير الاقتصاديين في شركة آي.أتش.أس ماركت كريس ويليامسون، قوله إن “حالة عدم اليقين المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تصاعدت في الفترة التي سبقت الانتخابات العامة.. الشركات تأمل في أن تجلب الانتخابات الوضوح”.
وستساعد أيّ حالة من اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية في إنفاق المستهلكين والاستثمار في عام 2020، بينما ستزيد الخطط المالية للحكومة من الدعم.
وأفاد مسح أجراه اقتصاديون قبل الانتخابات، بأنه من المتوقع أن يتباطأ النمو في بريطانيا العام المقبل إلى1 بالمئة من 1.3 بالمئة متوقعة في السابق.
وفي وقت سابق هذا الشهر، انخفض مؤشر مديري المشتريات إلى أدنى مستوى في 4 أشهر، بينما شهد قطاع الخدمات، وهو المساهم الأكبر في الاقتصاد، أكبر تراجع له منذ 9 أشهر.
ورغم تلك النظرة السلبية، قال مارك كارني محافظ بنك إنكلترا المركزي الثلاثاء إن “احتمالات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق تراجعت بعد الانتخابات”.
وذكر كارني للصحافيين بعد إصدار تقرير الاستقرار المالي في بريطانيا أن السيناريو الأسوأ هو الخروج المضطرب دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي ولكن احتمالات هذا السيناريو تراجعت بسبب نتيجة الانتخابات ونوايا الحكومة الجديدة.
ولكنه استطرد بالقول إن “السيناريو نفسه والمخاطر التي نحمي النظام منها نتيجة له ولم تتغير لكنه فقط أصبح أقل احتمالا”.
وأضاف “ما يتوقعه الناس منا هو أن نواصل التأكد من استعداد النظام المالي لمواجهة أيّ سيناريوهات”.
يأتي ذلك فيما أشار التقرير إلى أن البنوك الكبرى في البلاد تتمتع بقوة تمكنها من مواجهة أيّ ركود حاد للاقتصاد البريطاني أو العالمي.