القضاء الليبي يحقق في مصير النائب إبراهيم الدرسي عشية الذكرى الأولى لاختطافه

تحل الجمعة القادمة الذكرى الأولى لاختطاف عضو مجلس النواب الليبي إبراهيم الدرسي الذي لا يزال مصيره غامضا في ظل وجود ترجيحات بتصفيته كما حدث مع شخصيات أخرى تعرضت للاختطاف والاغتيال في شرق ليبيا مثل النائب سهام سرقيوة ووزير الدفاع الأسبق مهدي البرغثي.
ووجه القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، الجهات ذات العلاقة بضرورة التعاون الكامل مع النائب العام الصديق الصور في تحقيقاته حول واقعة اختفاء النائب إبراهيم الدرسي.
وجاء ذلك في بيان مقتضب نشرته، الاثنين، شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة على صفحتها في موقع فيسبوك.
وتزامن ذلك مع وصول الصديق الصور إلى مدينة بنغازي على رأس لجنة لمباشرة التحقيقات في حادث خطف النائب الدرسي.
وتم استقبال الصور ومرافقيه من قبل رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد الذي وعد بتوفير الدعم اللازم والظروف الملائمة لفريق التحقيق ما يتيح له إتمام المهام المنوطة بعهدته.
وفي الخامس من مايو الجاري، خاطب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وزير الداخلية في حكومة البرلمان عصام أبوزريبة والنائب العام الصديق الصور لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن التحقيق في مقاطع الفيديو المنتشرة للنائب المختطف إبراهيم الدرسي، مشيرا إلى مقاطع مصورة منتشرة للنائب الدرسي الذي لا يزال مصيره مجهولاً حتى الآن.
وقالت وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب، إن النائب الدرسي مختطف من قبل "جهة إجرامية مجهولة تتبع عصابة منظمة ولا تزال محل ملاحقة وتحقيق دقيق من الجهات المعنية"، بينما انتقدت حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها ما أظهره الفيديو من احتجاز ومظاهر مهينة وصادمة، معتبرة "ما جرى جريمة تستدعي تحقيقا دوليا عاجلا."
وحاول جهاز الأمن الداخلي التابع للحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة الفريق أسامة الدرسي، التشكيك في صحة الصور ومقاطع الفيديو التي جرى تداولها لإبراهيم الدرسي، معتبرا إياها "مفبركة بالكامل بواسطة الذكاء الصناعي"، مؤكدا "استمرار جهود البحث عن النائب المخطوف."
وكان النائب الدرسي قد اختفي في 16 مايو 2024 عقب حضوره الاحتفالية التي شهدتها مدينة بنغازي لإحياء ذكرى انطلاق عملية الكرامة، بحسب زملائه الذين حضروا الاحتفال، وما زال مختفيا حتى الآن وأعلنت السلطات المعنية في شرق ليبيا استمرار البحث عن النائب.
وفي أوائل مايو الجاري، نشر موقع 'أفريك آسيا' الفرنسي مقاطع مصورة وصفها بالمسرّبة وظهر فيها الدرسي في وضعية مهينة وهو معتقل ويرتدي ملابسه الداخلية، مع تقييده بسلسلة حول عنقه. وذكر الموقع أن الصور تعود إلى عملية توقيف للنائب، فيما نشر المقطع المصور صحافي غربي شهير وأشار إلى أنه يعود إلى ستة أيام في أعقاب اختطافه.
وقالت مصادر مطلعة لـ'العرب'، إن هناك شبه يقين بأن الدرسي قد تعرض للقتل بعد أيام قليلة من تصوير المقاطع المسرّبة والتي يقول مسربوها إن تصويرها تم بعد ستة أيام من اختطافه وأن مصيره كان كمصير زميلته سهام سرقيوة التي تعرضت للاختطاف في يوليو 2019 بسبب انتقادها لهجوم قوات حفتر على العاصمة طرابلس.
وتابعت المصادر أن هناك مقاطع فيديو أخرى لم يتم نشرها وهي تصور لحظة إطلاق النار على الدرسي، مشيرة إلى أن عمليات الاستهداف لمعارضي سلطة العسكر في شرق ليبيا يتم تصويرها بالكامل لتوثيقها لدى الأطراف المعنية، وهو ما حدث في حالتي الدرسي وسرقيوة.
وأعربت بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد لدى ليبيا عن بالغ قلقها واستيائها إزاء الصور ومقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي يُعتقد أنها تُظهر النائب في مجلس النواب الليبي إبراهيم الدرسي محتجزا في ظروف غير إنسانية وذلك بعد قرابة عام من اختفائه.
وفي بيان مشترك، أعربت البعثات الأوروبية عن تضامنها مع عائلة الدرسي ومجتمعه، مؤكدةً أنها بانتظار نتائج التقييمات الفنية التي تُجرى للتحقق من صحة المواد المصورة، داعية الجهات الليبية المعنية إلى التحقيق العاجل والمستقل في القضية وتحديد مكان النائب الدرسي وضمان عودته الآمنة إلى عائلته ومحاسبة المسؤولين عن اختفائه وسوء معاملته.
وشدّدت على رفضها القاطع لاستخدام الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري المنتشرين في ليبيا، واصفةً إياهما بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، المخالفة للقانون الدولي وللقوانين الليبية، داعية السلطات الليبية إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين دون إجراءات قانونية وإلى إجراء تحقيقات شاملة وشفافة في جميع حالات الاختفاء القسري بما في ذلك قضية النائبة سهام سرقيوة، مشيرة إلى أن العدالة ستأخذ مجراها في نهاية المطاف وأن جميع المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان سيحاسبون.
وشكك مراقبون محليون في قدرة مكتب النائب العام على الكشف عن كل الحقائق المتصلة باختطاف و"اغتيال" الدرسي، لاسيما عندما يتعلق الأمر بوصول صلة بين تلك الجريمة وشخصيات محسوبة على مراكز القرار العسكري بالقيادة العامة، لكن دون استبعاد خطة بديلة قد يتم اعتمادها بتحميل عناصر مسلحة المسؤولية بعد أن توصف بالمنفلتة والخارجة عن القانون وربما يصل الأمر إلى تصفيتها كما حدث مع الرائد محمود الورفلي الذي اغتيل ببنغازي في مارس 2021 بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه بتهمة ارتكابه لجرائم حرب.