القراء الأجانب يتلهفون لقراءة الكتب العربية المترجمة رغم قلّتها

الترجمات من العربية إلى اللغات العالمية تشهد تطورا في ظل وجود مبادرات رسمية للترجمة وتوسع حضور الكتاب العربي في المجتمعات الغربية.
الاثنين 2021/03/08
الكتاب العربي له حضور عالمي

الشارقة- انتظمت مؤخرا آخر جلسات مبادرة “نادي الناشرين” التي أطلقتها “هيئة الشارقة للكتاب” في إطار جهودها لدعم قطاع النشر والارتقاء به، والتي أقيمت عن بُعد على منصة “الشارقة تقرأ” التابعة للهيئة تحت عنوان “السوق والطلب على الأعمال المترجمة العربية والإنجليزية”، وأكد المتدخلون خلالها على أن الجمهور الغربي يبدي اهتماماً متنامياً بالعالم العربي، ويبدو هذا الاهتمام جلياً في ازدياد الطلب على الأعمال المترجمة من اللغة العربية.

وشهدت الجلسة مشاركة كل من الكاتب والناشر والمترجم والموسيقي ميشيل مشبّك مؤسس دار “إنترلينك” للنشر في ولاية ماساتشوستس بالولايات المتحدة، وفاطمة عباس المترجمة والمستشارة الأدبية المختصة بالنشر الدولي.

ميشل مشبّك يسعى إلى نشر الكتب التي تعزز فهم واحترام الثقافات الأخرى

وأشار الناشر الأميركي ميشيل مشبّك مؤلف كتاب “كليمنجارو: رحلة مصورة إلى أعلى قمم القارة الأفريقية” إلى صغر سوق الأعمال المترجمة التي لا تتجاوز 3 في المئة من إجمالي الكتب في الولايات المتحدة، وأنه وعلى الرغم من ازدياد الكتب المترجمة من اللغة العربية إلى الإنجليزية إلا أن عددها لا يزال صغيراً.

ويسعى مشبّك إلى نشر الكتب التي تعزز فهم واحترام الثقافات الأخرى، وتحتل ترجمة الأدب العربي مكانة كبيرة في مشروعه حيث يعتبرها جزءاً لا يتجزأ من رسالته الرامية لتعريف القراء الأميركيين على العالم، وتقريب القراء من بعضهم من خلال الأدب.

وأشارت المترجمة فاطمة عباس إلى أن ندرة المترجمين المؤهلين من الناحية الكمية والنوعية ونقص الاستثمار في الترجمة هي أبرز التحديات التي تواجه دور النشر المعنية بالترجمة العربية.

وسلطت عباس التي شغلت سابقاً منصب رئيس قسم العلاقات الخارجية والترجمة في “دار نون للنشر والتوزيع” بالقاهرة الضوء على نقص الاستثمار في البنية التحتية لتلبية احتياجات صناعة الترجمة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ونقص برامج الترجمة المستدامة.

وقالت “أعاقت هذه العوامل تطوير صناعة الترجمة العربية إلا أن عدداً من المبادرات الرائدة مثل صندوق منحة الترجمة التابع لمعرض الشارقة الدولي للكتاب نجحت بالمساهمة في تغيير هذا الواقع من خلال سعيها لإزالة العقبات التي تواجه تطوير هذه الصناعة.. مؤكدة أن مواكبة التوجهات الجديدة مثل تلبية طلب الشباب على الكتب الصوتية والروايات المصورة يمكن أن يغير مجريات سوق الترجمة في منطقة الشرق الأوسط”.

وفي السنوات الأخيرة تطور حضور الكتاب العربي في المجتمعات الغربية، وهذا نابع من تطور الأدب العربي والدور الكبير الذي لعبه المهاجرون العرب في نشر الثقافة العربية إضافة إلى تطوير سبل نشر الأدب العربي من خلال الكثير من المبادرات الترجمية التي ساهمت في نشره وتوزيعه عالميا. فمثلا يجد قرّاء العربية في فرنسا سهولة كبيرة في الحصول على كل ما يريدونه من الكتب العربية أو عن العالم العربي. فثلث المكتبات العامة والبلدية (وعددها بالآلاف) تخصص قسماً لهذه الكتب، كما أن اللغة العربية أصبحت مادة اختيارية في الكثير من الثانويات والمعاهد التكميلية، وطلاب الآداب العربية يزداد عددهم بإطراد.

ومن مبادرات الترجمة نذكر مبادرة الجائزة العالمية للرواية العربية التي تقوم بترجمة الروايات الفائزة بها، وفي السنوات التسع الأخيرة ترجمت الكثير من الروايات العربية إلى الإنجليزية بالإضافة إلى عدّة لغات أخرى منها البوسنية والفرنسية والألمانية والنرويجية والإندونيسية، حتى أن بعض الروايات العربية نافست على جوائز عالمية مرموقة مثل البوكر في بريطانيا التي وصلت إلى قائمتها القصيرة رواية الكاتب العراقي أحمد السعداوي ”فرانكشتاين في بغداد”، والتي نالتها الكاتبة العمانية جوخة الحارثي من بعد عن النسخة الإنجليزية من روايتها “سيدات القمر”.

الاهتمام بالأدب العربي  جاء نتيجة لدعم ترجمته من قبل جوائز عربية عديدة إضافة إلى تطور سبل النشر
الاهتمام بالأدب العربي  جاء نتيجة لدعم ترجمته من قبل جوائز عربية عديدة إضافة إلى تطور سبل النشر

كما أطلقت جائزة الشيخ زايد للكتاب منحة الترجمة عام 2018 لتعزيز حضور الأدب العربي على المستوى العالمي، ودعم الكتّاب العرب لتمكينهم من نشر أعمالهم الفائزة بالجائزة بلغات أخرى، وتقدّم المنحة تمويلاً مالياً يصل حتى تسعة عشر ألف دولار أميركي لدور النشر العالمية التي تعمل على نشر الكتب باللغات الأجنبية.

 وآخر الروايات التي قدمتها الجائزة مترجمة رواية “اختبار الندم” للكاتب السوري خليل صويلح، ليرتفع عدد الترجمات التي صدرت بدعم من الجائزة إلى 9 ترجمات بلغات عالمية، منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والأوكرانية، وتعمل الجائزة خلال الأشهر القليلة القادمة على إطلاق المزيد من الترجمات لنخبة من الأعمال الفائزة والمرشحة في القائمة القصيرة في فرعي أدب الطفل والآداب.

وتبقى الترجمات من العربية إلى اللغات العالمية منقوصة، لكنها تتطور يوما بعد يوم في ظل وجود مبادرات رسمية للترجمة، علاوة على الجوائز الأدبية والتظاهرات الثقافية، مثل معارض الكتب الدولية، كل ذلك في ظل تنامي سوق الكتاب العربي، على الرغم من الصورة القاتمة التي تقدمها بعض الإحصائيات حول عزوف العربي عن القراءة.

15