القاهرة تنجح في توحيد موقف شرق ليبيا من مبادرة باتيلي

نجح الاجتماع الذي عقد بين الزعامات الأساسية للمنطقة الشرقية، برعاية مصرية في القاهرة السبت، في توحيد موقف شرق ليبيا من مبادرة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي.
والتقى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي لبحث الأزمة الليبية، وأعلنوا ترحيبهم بالمشاركة في جولة الحوار الذي دعت إليه بعثة الأمم المتحدة في ليبيا “دون إقصاء لأي طرف مع مراعاة تحفظات ومطالب المجتمعين والأخذ بها” .
وأكد صالح وحفتر والمنفي على أهمية الجهود التي تقودها بعثة الأمم المتحدة “وأهمية دعم الحل الليبي – الليبي المتوازن بما يحقق تطلعات وآمال الشعب الليبي لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة”، ودعوها إلى ضرورة إيجاد أرضية مشتركة تضمن نجاح الحوار.
ولم يأت الاجتماع بجديد غير إدراج موقف المنفي مع مواقف البرلمان والقيادة العامة للجيش. وسبق للبرلمان أن اشترط للمشاركة في الطاولة الخماسية التي اقترحها باتيلي إشراك الحكومة الموازية التابعة له في الحوار، وهو الموقف نفسه الذي لوحت به قيادة الجيش.
الاجتماع عقد بحضور رئيس المخابرات المصرية في ظل جهود القاهرة لتقريب المسافات بين قادة المنطقة الشرقية
وانعقد الاجتماع بحضور رئيس المخابرات المصرية عباس كامل في ظل جهود القاهرة لتقريب المسافات بين القادة الليبيين المنحدرين من المنطقة الشرقية المتاخمة للحدود مع مصر، ومثّل فرصة مهمة لمناقشة تفاصيل المبادرة الأممية، والمواقف الدولية منها، ومستجدات الأحداث في الداخل الليبي، ولاسيما المتعلق منها بمشروع المصالحة الوطنية.
ويضغط هذا الاتفاق الثلاثي على باتيلي ويحرج البعثة الأممية التي ستجد نفسها مضطرة إما إلى إلغاء المبادرة أو إشراك حكومة غير معترف بها دوليا في محادثات ترعاها الأمم المتحدة.
وكشف عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي أن مواقف المجلس يتم التعبير عنها في بيانات رسمية صادرة عنه مجتمعا، في انتقاد واضح لموقف المنفي الصادر بعد اجتماعه مع صالح وحفتر.
وقال اللافي عبر منصة إكس “بصفتي أحد أعضاء المجلس الرئاسي، أود أن أوضح أنه لا علم لي باللقاء الذي عقد اليوم (السبت) في جمهورية مصر العربية، وما رشح عنه بعد ذلك، إلا من خلال القنوات الإعلامية، وعليه فإن مواقف المجلس الرئاسي يتم التعبير عنها في بيانات رسمية صادرة عنه مجتمعًا، حسب نصوص اتفاق جنيف، وما دون ذلك فيعبر عمن شارك من أعضاء المجلس بمفرده، وعمن يمثله داخل المجلس”.
وبحسب هذا الموقف فإن المنفي سافر إلى القاهرة للاجتماع برئيس مجلس النواب والقائد العام للجيش في خطوة فردية داخل المجلس الرئاسي دون التنسيق مع العضوين عن المنطقة الغربية عبدالله اللافي والمنطقة الجنوبية موسى الكوني.
وفي السياق ذاته أكدت أوساط مطلعة في طرابلس أن المنفي اقترح على المبعوث الأممي عبدالله باتيلي أن يقوم المجلس الرئاسي بالمساهمة في جمع الفرقاء وأن يكون شريكا للبعثة في إدارة المبادرة انطلاقا من أنه لا يعتبر نفسه جزءا من الصراع السياسي في البلاد وإنما مؤسسة سيادية تعمل على الجمع بين مختلف الأطراف المتصارعة تحت سقف مشروع المصالحة الوطنية.
ومن جانبه لا يزال مجلس النواب متمسكا بدعوة رئيس الحكومة المنبثقة عنه أسامة حماد في حالة تمسك البعثة بدعوة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، وهو موقف قد يصبح أكثر تشددا بعد ما راج عن فشل زيارة صالح إلى أنقرة، والتي اجتمع خلالها بالرئيس رجب طيب أردوغان لإقناع القيادة التركية بضرورة تشكيل حكومة جديدة بدلا من حكومة الدبيبة.
وجاء موقف “الشعوب الأصيلة” ليعمق مأزق باتيلي ويزيد من مراكمة الضغوط على مبادرته. وأعلن ممثلو “الشعوب الأصيلة” عن رفضهم لأية مخرجات لمبادرة باتيلي إن لم يتم تشريكهم فيها.
وقال المشاركون في الاجتماع الذي انعقد بمدينة نالوت السبت، بحضور قيادات من الأمازيغ والتوارق والتبو، إنهم يدعون المبعوث الأممي إلى تشريك ممثلين عن “الشعوب الأصيلة” بما يحول دون تعميق الثغرات السياسية في أي مشروع للحل السياسي بالبلاد.
وعلمت “العرب” أن من أسباب انسحاب فريق سيف الإسلام القذافي من مشروع المصالحة الوطنية عدم دعوة ممثلين عنه للمبادرة الأممية التي تم اختصار أهدافها في الجمع بين الخماسي المتصارع على السلطة.
والخميس الماضي أعلن الفريق السياسي للنظام السابق انسحابه من المشاركة في مشروع المصالحة الوطنية، احتجاجا على استمرار سجن رموز النظام السابق منذ عام 2011 دون محاكمة.
واتهم الفريق الذي يتكون من ممثلي المرشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي، المجلس الرئاسي بعدم الجدية تجاه عملية المصالحة من خلال عدم معالجة ملف إطلاق سراح رموز النظام السابق، واعتبر أن “من العبث الاستمرار في هذا المشروع… لأنّ روح الانتقام لا تزال سائدة مع استمرار معاملة بعض الليبيين على أنهم عبيد ومواطنون من الدرجة الثانية”، مشددا على أن العدالة ينبغي ألا تكون لطرف على حساب طرف آخر.