القاهرة تنتظر التمويل الأوروبي بعد الإيفاء بتعهداتها بشأن اللاجئين

مصر تطالب المفوضة الأوروبية بتفعيل مخرجات مؤتمر الاستثمار المصري – الأوروبي لتحسين الوضع الاقتصادي في ظل مخاوف من توظيف الظروف المعيشية لتأليب الشارع.
الخميس 2024/12/19
الخارجية المصرية تطالب بالإسراع في تنفيذ حزمة تمويل أوروبية لها بقيمة 7.4 مليار يورو

القاهرة- تسعى وزارة الخارجية المصرية إلى تسريع وتيرة التعاون الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي بعد أن أقرت قانون اللجوء مؤخرا، والذي يتيح للاجئين الحصول على امتيازات عقب تقنين تواجدهم على الأراضي المصرية، بما يقلص فرص هجرة هؤلاء إلى دول أوروبا، ويجعل هناك فرصة مواتية لتفعيل الاتفاقيات الموقعة بين القاهرة والاتحاد الأوروبي بعد رفع مستوى العلاقات بينهما مطلع العام الجاري.

وطالب وزير الخارجية بدر عبدالعاطي في اتصال هاتفي مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط، دبرافكا سويسا بتفعيل مخرجات مؤتمر الاستثمار المصري – الأوروبي المنعقد في يونيو الماضي وشهد التوقيع على 29 اتفاقية.

وتطالب مصر بالإسراع في تنفيذ حزمة تمويل أوروبية لها بقيمة 7.4 مليار يورو، مقترنة بمسار تطوير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، تتضمن صرف الشريحة الأولى بقيمة مليار يورو واعتماد البرلمان الأوروبي للشريحة الثانية بقيمة 4 مليارات يورو.

رخا أحمد حسن: الحزم التمويلية من المفترض أن تذهب إلى مشروعات الاقتصاد
رخا أحمد حسن: الحزم التمويلية من المفترض أن تذهب إلى مشروعات الاقتصاد

ومن المفترض أن تتلقى القاهرة الحزمة الأولى قبل نهاية العام الجاري، وعولت على بدء تنفيذ الاستثمارات المشتركة في توقيت مبكر بما يساهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية، ومساعدتها في الالتزام بوعودها نحو تقليص عمليات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا التي أخذت منحى تصاعديا عبر التسلل من ليبيا إلى أوروبا.

ووافق مجلس النواب المصري على قانون قدم من الحكومة بشأن لجوء الأجانب، وهو أول تشريع داخلي ينظم شؤون اللاجئين وطالبي اللجوء ويتضمن إنشاء لجنة حكومية لشؤون اللاجئين، تكون هي الجهة المختصة بكافة شؤونهم.

وأثير نقاش في مصر حول إذا كان إقرار القانون يرتبط بالاتفاقيات الاقتصادية التي وقعتها مصر مع دول الاتحاد الأوروبي، وكان ذلك محل اعتراض من جانب بعض أعضاء البرلمان مؤخرا، وسط جدل حول إذا كان التعايش مع اللاجئين يمكن أن يكون إيجابيا بالنسبة للدولة المصرية على المدى البعيد أم لا.

ويرى مراقبون أن تصريحات وزير الخارجية تشير إلى أن القاهرة تسير على طريق إحداث إصلاحات من شأنها أن تقف حائط صد أمام تأثر الدول الأوروبية سلبا بالتوترات في الشرق الأوسط، وأن تطوير العلاقات وتحجيم الهجرة يعززان موقع مصر في التركيبة السياسية الجديدة بأوروبا، حيث تتعامل أحزابها اليمينية مع إجراءات تضييق الخناق على الهجرة بجدية، ولا تمانع تنفيذ الحزم التمويلية المتفق عليها.

وتسعى القاهرة لتحسين الوضع الاقتصادي في ظل أوضاع مضطربة إقليميا ومخاوف من توظيف الظروف المعيشية لتأليب المواطنين ضد السلطة في مصر، كما أن تكاليف معيشة اللاجئين بحاجة إلى دعم كي تتمكن الحكومة من توفير الخدمات المناسبة لهم.

◄ من المفترض أن تتلقى القاهرة الحزمة الأولى قبل نهاية العام الجاري، وعولت على بدء تنفيذ الاستثمارات المشتركة لتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية

وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن إن طبيعة الاتفاقيات التي تركز على الاستثمارات تتطلب إجراء دراسات مبدئية للمناخ الاقتصادي في مصر، والتشاور مع رجال الأعمال، والتعرف على القوانين المنظمة لعمل المشروعات الاستثمارية، وسهولة الحصول على مدخلات الإنتاج، وهو ما قد يكون سببا في تأخير تفعيل الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن دول الاتحاد الأوروبي ترى أن اللاجئين يعانون مشكلات، وبدأت القاهرة في علاجها عبر قانون اللجوء، لكن تبقى الأزمة المرتبطة بأرقام اللاجئين وتكاليف إقامتهم غير المعروفة بالتحديد في مصر، والحكومة بحاجة إلى فترة تتراوح بين عامين وثلاث سنوات كي تصل إلى أرقام حقيقية، إذ إن الأرقام المسجلة في مفوضية اللاجئين ضئيلة للغاية مقارنة بالعدد الموجود فعلا.

وشدد على أن الحزم التمويلية من المفترض أن تذهب إلى مشروعات تخدم الاقتصاد وجزءا منها للتعليم والصحة وإجراءات منع الهجرة غير الشرعية، ولدى الاتحاد الأوروبي رغبة في معرفة أعداد المقيمين والزوار واللاجئين من دول مختلفة بما يشجع على المضي قدما في تقديم الدعم.

وهناك ملاحظة أوروبية رئيسية، تتمثل في أن ليبيا باتت منفذا للمهاجرين المصريين غير الشرعيين إلى أوروبا وتتزايد المطالب بالسيطرة على الحدود بين البلدين.

وترى الحكومة المصرية أنها تتحمل مسؤولية من يخرجون فقط من أراضيها إلى أوروبا بشكل غير شرعي، والتحكم في أعداد المهاجرين عبر ليبيا يبدو مستحيلا، لأن العديد من الشباب المصري ممن يخرجون بعقود عمل في ليبيا يمكثون فترة قبل أن تستقطبهم مافيا الهجرة غير الشرعية لتوصيلهم إلى أوروبا.

أيمن عقيل: الدول الأوروبية تخشى من أي توترات سلبية ترتد عليها سريعا
أيمن عقيل: الدول الأوروبية تخشى من أي توترات سلبية ترتد عليها سريعا

وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى تصاعد أعداد المهاجرين غير الشرعيين من مصر إلى أوروبا، ففي عام 2021 بلغت ما يقرب من 9 آلاف مصري، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية تضاعف العدد في العام التالي ووصل إلى نحو 22 ألف مصري، ثم انخفض إلى 13639 في العام الماضي.

وأعاد وزير الخارجية المصري التذكير بالاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع افتراضي عقده مع المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات وتناول سبل دعم العلاقات بين الجانبين، في ظل تفاقم الأزمات التي تشهدها المنطقة، لافتا إلى تزايد الأعباء الناجمة عنها.

وأكد رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان أيمن عقيل أن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي تمضي في طريقها، وإن كانت هناك اعتراضات على بعض بنود قانون اللجوء وأوضاع حقوق الإنسان في مصر.

وذكر لـ”العرب” أن اجتماعات مسؤولين حكوميين مع بعثات المجلس الدولي لحقوق الإنسان كانت شاهدة على تراجع الاهتمام بالقضايا الحقوقية لصالح الحديث عن تأمين الأوضاع الداخلية وقضايا اللاجئين والتعامل مع مشكلات الهجرة غير الشرعية.

وأوضح أن الدول الأوروبية تسعى إلى حماية مصالحها في مصر، وتخشى من أي توترات سلبية تصل ارتداداتها عليها سريعا، وهو ما توظفه القاهرة في المطالبة بتسريع تفعيل الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، وتدرك أن الانتقادات الموجهة إليها في الملف الحقوقي متوقعة، والأمر ذاته لقانون اللجوء الذي يطبق لأول مرة.

وتتضمن حزمة الاتحاد الأوروبي منحا وقروضا تفضيلية لمدة ثلاث سنوات لأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، وتعرف معظم الأموال (5 مليارات يورو) بالمساعدة المالية الكلية، التي ستدفع للبنك المركزي المصري مباشرة.

2