القاهرة تستهدف مكاسب مالية أكبر من تطوير مسارات جذب السياح

الحكومة تعول على نجاح قمة المناخ وتطويعها لتنمية القطاع.
السبت 2022/09/17
لا تتردد في زيارة "أم الدنيا"!

أظهرت مصر اهتماما مفاجئا بتحفيز السياحة وتوجيهها لتحقيق عوائد اقتصادية ضمن خطواتها للتعامل مع أزمة تراجع العملة الصعبة وحاجتها للحفاظ على سعر ثابت للجنيه، ما دفعها إلى تعزيز خطتها لتطوير مسارات جذب القطاع، مستفيدة من استضافة مؤتمر يسبق قمة المناخ المرتقبة.

القاهرة – تعهد رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي أثناء لقائه مؤخرا بعدد من المستثمرين في مجال السياحة في منتجع شرم الشيخ بتذليل العقبات التي من شأنها أن تعرقل التوسع في الإنشاءات السياحية، وتوفير البيئة المؤاتية لنجاح قمة المناخ.

وجاء ذلك على هامش قمة مؤتمر الدول الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيير المناخ “كوب 27″، والتي من المقرر أن تستضيفها مصر في نوفمبر المقبل.

وتعددت اللقاءات التي عقدتها وزارة السياحة مع غرف شركات السياحة، للوصول إلى خطة واضحة لتوظيف الحدث العالمي في زيادة معدلات جذب السياح.

وتسعى الوزارة إلى إعادة بناء الثقة بينها وبين مستثمرين تركزت مطالبهم حول ضرورة استمرار تسهيلات سداد الضرائب وتكاليف الخدمات منذ انتشار كورونا.

سامي سليمان: الحكومة تقوم بحملة ترويج مستفيدة من قمة المناخ

وتعمل القاهرة على تحقيق عوائد تصل إلى نحو 30 مليار دولار سنويا عبر قطاع السياحة خلال السنوات المقبلة، بدلا من 12 مليار دولار العام الحالي، مع تراجع معدلات جذب الزوار التي بلغت 11 مليون سائح مع انتهاء إجراءات الإغلاق.

وبخلاف دول عديدة استفادت من الأزمة الأوكرانية وتأزم العلاقات بين روسيا والغرب وبحث السياح الأوروبيين عن وجهات منخفضة التكاليف جراء الأزمة الاقتصادية العالمية، تعرضت مصر لبعض الخسائر لاعتمادها على السوق الأوكرانية.

وعلاوة على استمرار مشكلات عودة السياحة الروسية إلى سابق عهدها منذ سقوط الطائرة الروسية فوق صحراء سيناء قبل سبع سنوات، واتجاه السياحة الأوروبية إلى أسواق منافسة في المنطقة، نجحت دولها في وضع خطط لجذب السياح عقب جائحة كورونا.

وذكرت بيانات البنك المركزي المصري أن إيرادات السياحة في العام الماضي جاءت أقل بنسبة 32 في المئة عمّا تحقق في عام 2019، أي قبل جائحة كورونا.

وقال رئيس جمعية مستثمري طابا ونويبع بجنوب سيناء سامي سليمان إن “خطة جذب السياحة التي وضعتها الحكومة للموسم الشتوي المقبل مبنية على قمة المناخ، إذ تستهدف الحفاظ على معدلات إشغال مرتفعة في الربع الأول من العام القادم”.

وأوضح لـ”العرب” أن الحكومة تريد استغلال إمكانات تم توفيرها لنجاح القمة، والعمل على تسويق زيادة معدلات الإقبال للتأكيد على قدرة المنتجع على استقبال المزيد من السياح في فترات زمنية وجيزة، والتعريف بأدوات الانتقال الداخلية بين المدن السياحية المصرية.

وأشار سليمان إلى أن العديد من المستثمرين طالبوا رئيس الحكومة بضرورة اعتماد الروبل في التعامل لاستقطاب السياحة الروسية مجددا، والاستفادة من منع دخولهم دول الاتحاد الأوروبي الموسم الشتوي القادم.

وهذا الأمر قد يحقق مردودا إيجابيا سريعا مع تخفيف الضغط على عملات اليورور والدولار والإسترليني.

كما شدد سليمان على أن السياحة المصرية قادرة على تجاوز عوائد 30 مليار دولار إذا وضعت خطة محكمة أشرفت عليها وزارة السياحة والجهات المعنية في مجالات مختلفة، تستهدف إزالة العواقب التي تعترض نمو القطاع في كل منطقة سياحية على حدة.

باسم حلقة: ثمة مساع لتنمية السياحة وتعزيز الاحتياطي النقدي

وفضلا عن ذلك، عدم التعامل بمبدأ تجميع المشكلات والتعامل معها ككتلة واحدة، حيث تؤدي إلى وقوع أضرار على المستثمرين في مناطق عدة، ما ينعكس سلبا على جودة الخدمة السياحية.

وتدرك الحكومة أن قدرتها على استضافة ما يقرب من 40 ألف زائر في منتجع شرم الشيخ الواقع على البحر الأحمر خلال فترة انعقاد قمة “كوب 27″، التي تمتد أسبوعين، وتقديم خدمات سياحية وترفيهية للوفود التي تأتي من بقاع عديدة حول العالم، تمثل فرصة يصعب تكرارها للترويج للمعالم السياحية.

وأشار مدبولي في تصريحات إعلامية في وقت سابق إلى أن عدد الراغبين بالمشاركة في قمة المناخ يساوي تقريبا ضعف أعداد المشاركين في قمتي المناخ العامين السابقين، واستيعاب الأعداد الكبيرة يعتبر تحديا، يعكس قدرة مصر على استضافة وتنظيم فعاليات مهمة.

ودشنت القاهرة حزمة من المشاريع هدفت منها إلى تحويل منتجع شرم الشيخ إلى مدينة خضراء مستدامة، تعبّر عن أهداف الدورة الحالية من قمة المناخ.

وقد تم تطوير مطار شرم الشيخ وتحويل المدينة إلى مدينة ذكية عبر تشغيل منظومة تاكسي، ترتبط بنظام تتبع متصل بوحدة مركزية تخدم المدينة بالكامل، لسرعة التدخل إذا واجه السياح مشكلات في أثناء تواجدهم بالمدنية.

ويتم تنفيذ خدمة الدراجات التشاركية كأول مدينة تطبق هذه المنظومة، ومن خلالها يمكن للسائحين الاستفادة منها عبر استخدام مسارات محددة لهذا الغرض في المدينة، مقابل الدفع ببطاقة الائتمان.

كما يمكن للسائح تركها في أي مكان ليستفيد منها سائح آخر، لأن المنظومة مزودة بنظام تتبع إلكتروني، بجانب مضاعفة المسطحات المتاحة، دائمة أو مؤقتة، ويمكن الاستغناء عنها بعد المؤتمر.

30

مليار دولار تستهدف القاهرة جنيها سنويا بدل عوائد بقيمة 12 مليار دولار حاليا

وتعاقدت مصر مع شركة أم.سي كانن الأميركية لتولي تنفيذ الحملة الترويجية للسياحة موسم الشتاء المقبل، على أن تنطلق الحملة في الربع الأخير من العام الجاري تزامنا مع عدة احتفالات تعتزم مصر إطلاقها في هذه الفترة.

وأبرز تلك المناسبات ذكرى مرور قرنين على فك رموز الكتابة المصرية القديمة من خلال حجر رشيد، ونشأة علم المصريات، والاحتفال بمرور قرن على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.

وأكد نقيب السياح المصريين باسم حلقة أن اتجاه الحكومة نحو سياحة المؤتمرات أسهم في تطوير قدراتها على استضافة قمة المناخ، والتي ستكون بمثابة دعم سياحي للمدنية ومن العناصر الجاذبة لسياحة المؤتمرات.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن القمة “سوف تظل عالقة في أذهان الزوار ضمن عمليات العصف لاختيار وجهتهم السياحية مستقبلا”.

ولفت إلى أن اجتماع مدبولي مع المستثمرين قبل أيام دلالة مهمة على أن الدولة معنية بقطاع السياحة، وتسعى لتنميته للقيام بدور مساند للاقتصاد المحلي وتعزيز الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي.

وذكر حلقة أن خطة الحكومة تتضمن تطوير قطاع الطيران عبر تحديث المطارات وزيادة عدد الخطوط الجوية، والاهتمام بالرحلات منخفضة التكاليف لتتماشى مع الظروف الاقتصادية واستغلال الموقع الجغرافي المميز.

وتبدو الغاية من ذلك إقامة مواسم متلاحقة تستمر على مدار العام عبر تطوير شواطئ البحر الأحمر والبحر المتوسط، لجذب السائحين والاستفادة من إقامة منتجعات سياحية جديدة في مدينة العلمين في شمال غرب البلاد.

ي

وبدأت القاهرة خطوة مختلفة لتنشيط حركة السياحة الوافدة بتنفيذ منظومة الطيران منخفض التكاليف باسم “إير سفنكس”، التابعة للشركة القابضة لمصر للطيران الحكومية، وتعد مشغلا وطنيا للطيران.

ومن المتوقع أن تتولى إير سفنكس تيسير رحلات داخلية وخارجية بنظام “الشارتر”، وتستهدف توفير تذاكر بأسعار تنافسية للمواطنين والأجانب.

ويقصد برحلات الشارتر قيام شركة طيران ما بتسيير رحلات جوية بعيدا عن الجداول الاعتيادية، ويكون ذلك بترتيب واستعدادات مع عميل خاص.

وأقدمت الحكومة على تسهيل الحصول على التأشيرات إلكترونيا وتطوير البنية التحتية من طرق وكباري ومرافق ومحطات كهرباء، بما يخدم تطوير السياحة بين المدن السياحية.

كما تم تدشين مطار في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، وتطوير مطار سانت كاترين بجنوب سيناء، وهو ما يعزز من فرص تقديم رحلات منخفضة التكاليف تتناسب مع التوجهات الحالية نحو جذب السياحة.

11