الفقر يدفع المهاجرات الإثيوبيات لامتهان أقدم مهنة في التاريخ

الجنس وسيلة العاملات الإثيوبيات لدفع المال للمهربين لنقلهن إلى الخليج أو أوروبا بحثا عن حياة أفضل.
الجمعة 2021/03/05
ضحايا الخصاصة

أديس أبابا - كانت الحياة صعبة بالنسبة إلى يميسراش، بصفتها إثيوبية تعمل خادمة في دبي. ولكن عندما ضرب الوباء، وجدت نفسها مُجبرة على العودة إلى المنزل والعمل في قطاع الجنس. وساءت الأمور كثيرا.

وقالت يميسراش، وهي تخفي وجهها المصاب بالكدمات خلف نظارات داكنة، إنها تعرضت للضرب المبرح في الليلة السابقة على يد زبون رفض أن يدفع لها ثم أصبح عنيفا.

وقالت الفتاة التي تبلغ من العمر 28 عاما، والتي تعمل في أكبر منطقة أضواء حمراء في العاصمة الإثيوبية “أريد فقط أن أترك هذه المهنة القذرة… إنها تضر أكثر مما تنفع. أنا أبقى في المهنة لأنه ليست لدي بدائل أخرى”.

وحذرت جمعيات خيرية محلية من أن أكثر من 15 ألف مهاجرة عادت إلى إثيوبيا منذ أبريل 2020، مستشهدة ببيانات الأمم المتحدة، وأصبحت بعضهن مثل يميسراش، عاملات في الجنس، مما يعرضهن لخطر العنف أو الاتجار.

وقد ساعدت الحكومة والجمعيات الخيرية المهاجرين، الذين رُحّل بعضهم وغادر بعضهم طوعا بعد أن فقدوا وظائفهم، على العودة إلى ديارهم في القرى والبلدات النائية عبر الدولة الشاسعة الواقعة في القرن الأفريقي.

لكن العديد من العائدين اختاروا البقاء في أديس أبابا، لأنّهم يخجلون من العودة خاليي الوفاض للعائلات التي اقترضوا منها في بعض الأحيان والتي باع بعضها ممتلكات لتمويل رحلات المهاجرين، لأنهم عادة ما يرسلون إلى أوطانهم جزءا من أجورهم.

وتشير التقديرات إلى أن عشرات الآلاف من الإثيوبيين يسافرون بشكل غير قانوني إلى دول الخليج الغنية بالنفط في كل عام بحثا عن عمل بأجر أفضل. وينتهي الأمر بالعديد منهم بالوقوع في الاستغلال فتعمل النساء خادمات والرجال في حضائر البناء.

وقال سولومون هاجوس، وهو مدير برنامج في جمعية خيرية محلية تساعد العاملات بالجنس، إن كوفيد – 19 ربما دفع المزيد من المهاجرين العائدين إلى تجارة الجنس على الرغم من عدم وجود بيانات رسمية تؤكد ذلك.

نساء ليس لديهن بديل لإعالة أنفسهن عند عودتهن غير العمل بالجنس
نساء ليس لديهن بديل لإعالة أنفسهن عند عودتهن غير العمل بالجنس

وأضاف أن قيود الإغلاق صعّبت على النشطاء الاتصال بعاملات الجنس، ويخشون من أن يجذب السماسرة أو المُتاجِرون بعض المهاجرين السابقين المفلسين إلى الخارج، حيث ذكر أن “العائدين سيحاولون العودة بأي وسيلة ممكنة إلى الشرق الأوسط”.

وتقع منطقة الضوء الأحمر غير الرسمية في العاصمة بالقرب من أكبر سوق في المدينة وتستأجر المئات من النساء غرفا صغيرة في الحي مقابل 300 بير إثيوبي (7.48 دولار) في اليوم، ويكسبن 50 بيرا إثيوبيا مقابل ممارسة الجنس.

وقالت ينينش تيلاهون، وهي عاملة مهاجرة سابقة تدير صالون تجميل بالقرب من مكان عمل يميسراش، إنها لاحظت زيادة في عدد العاملات في الجنس منذ انتشار الوباء. وأخبرها الكثيرون أنهنّ كنّ يعملن في الخارج.

وتابعت حديثها وهي تصفّف شعر إحدى العاملات بالجنس “لقد زاد عددهن. لم تتبق غرف للإيجار. معظم النساء يقفن على طريق الأسفلت. في هذه الفترة، تغلق الدول العربية أبوابها… هؤلاء النساء ليس لديهن بديل لإعالة أنفسهن عند عودتهن غير العمل بالجنس”.

ويبقى العمل بالجنس منتشرا على نطاق واسع في إثيوبيا، ووفقا لبيانات حكومية، يقدر أن 210 آلاف امرأة تعمل في هذا المجال. وتستخدمه البعض منهن وسيلة لتوفير ما يكفي لدفع المال للمهربين لنقلهن إلى الخليج أو أوروبا بحثا عن حياة أفضل.

ورغم أن الدعارة غير قانونية في إثيوبيا، قالت أربع عاملات في الجنس إنهن كثيرا ما يتعرضن للمضايقة والضرب والسرقة من الزبائن ويحتقرهن الكثيرون.

وقالت امرأتان إنهما شعرتا بأن الدولة تخلت عنهما بعد عودتهما إلى وطنهما العام الماضي، على الرغم من وعود بالدعم، وأوقفت معظم الجمعيات الخيرية أنشطتها مع بداية الوباء وتركتهما بمفردهما.

وقال متحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إنه لا يمكنه التعليق إلا على المهاجرين الشرعيين وليس المهاجرين غير النظاميين.

وبالنسبة إلى إكرام، التي تعمل في قطاع الجنس في أديس أبابا منذ ترحيلها من اليمن قبل سنة، لا يزال الوطن حلما بعيد المنال.

وقالت الفتاة البالغة من العمر 25 عاما “لا أعرف متى سأعود لأن والدي أنفق الكثير من المال عليّ. يؤلمك عندما تستثمر عائلتك الكثير فيك وتتوقع بعض العائدات، لكنك تعود خالي الوفاض. لا يمكنك حتى البقاء على قيد الحياة بمفردك، ناهيك عن دعم العائلة… لهذا السبب ينتهي بنا المطاف هنا”.

 
5