الفرقاء الليبيون يستقبلون وفد الاتحاد الأفريقي بنفس المواقف المعرقلة للحل السياسي والمصالحة

خطاب ليبي مكرر تسيطر عليه نزعة البقاء في الحكم واحتكار مفاتيح الثروة.
السبت 2024/10/12
حفاوة الاستقبال لا تخفي فشل الزيارة

حاول الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي يرأس وفد الاتحاد الأفريقي، كسر الجمود الذي يسم جهود المصالحة الليبية بزيارة إلى طرابلس الجمعة، وهو ما يبدو مهمة صعبة في ظل عدم نضوج فرص تحقيق التسوية وتمسك جميع الأطراف بمصالحها.

شهدت العاصمة الليبية طرابلس، الجمعة، نشاطا سياسيا مكثفا بهدف تنشيط ملف المصالحة الوطنية وبحث العراقيل التي تحول دون المضي قدما في اتجاه حلحلة الصراع السياسي الذي لا يزال متواصلا منذ العام 2011.

وجاء هذا النشاط، في سياق الزيارة التي يؤديها إلى ليبيا وفد الاتحاد الأفريقي الذي يقوده الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بصفته رئيس الاتحاد، ويرافقه فيه رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي والممثل الخاص لرئيس الكونغو برازافيل، رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى المعنية بليبيا، وزير الخارجية، جان كلود جاكوسو.

وسيطرت ملفات المصالحة وتوحيد مؤسسات الدولة وتجاوز الأزمة السياسية وتنظيم الانتخابات على مباحثات الوفد الأفريقي الذي يرى المراقبون أنها جاءت بعد فشل الاتحاد في تنظيم مؤتمر المصالحة الذي كان مقررا تنظيمه في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا منتصف أكتوبر الجاري بمشاركة أبرز الفرقاء السياسيين والاجتماعيين والميدانيين في ليبيا.

ويشير المراقبون إلى أن الوفد الأفريقي استمع إلى نفس الخطاب المعتاد من الأطراف الليبية التي لم تنضج لديها فكرة المصالحة بعد، وتسيطر عليها فقط نزعة البقاء في الحكم واحتكار مقاليد السلطة ومفاتيح الثروة.

وانعقد اجتماع مشترك بين وفد الاتحاد الأفريقي ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ونائبه عبدالله اللافي المكلف بمصالح المصالحة الوطنية.

وقال المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي إن الاجتماع استعرض الخطوات التي اتخذت منذ انطلاق عملية المصالحة الوطنية بالشراكة مع الاتحاد الأفريقي وبدعم من المجتمع الدولي من خلال قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومخرجات مسار برلين، والتحديات التي تواجه إنجاز هذا الاستحقاق التاريخي، والسبل الكفيلة لتجاوزها.

الوفد الأفريقي استمع إلى نفس الخطاب المعتاد من الأطراف الليبية التي لم تنضج لديها فكرة المصالحة بعد

وأكد أعضاء الوفد الأفريقي أن الاجتماع يشكل استمراراً لالتزام الاتحاد الأفريقي بمسار المصالحة الوطنية وبوحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها في مواجهة التدخلات الخارجية، ويأتي تجسيدا لقرار الاتحاد الأفريقي في دورته المنعقدة في فبراير الماضي، ولنداء برازافيل الصادر عن قمة لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى المعنية بليبيا.

وفي ختام الاجتماع، أشاد المنفي بهذه الخطوة المتمثلة في الاجتماع بطرابلس وما تحمله من معان ورسائل تعبر عن التزام أفريقيا بمساعدة ليبيا في تجاوز هذه الظروف وعلى الانتماء المصيري لليبيا لقارة أفريقيا، مثمنا الدور الذي يقوم به الرئيس الكونغولي ومفوضية الاتحاد الأفريقي، التي تعززت بانتخاب الرئيس ولد الشيخ الغزواني رئيساً للاتحاد في دورته الحالية.

وأكد المنفي أن المجلس الرئاسي ليس طرفا من أطراف الصراع في ليبيا وهو على تواصل مع كافة الأطراف، ويحرص على عدم استثناء أيّ منها في مسار المصالحة وهو مستمر في تعزيز نهج الشراكة الوطنية وتحقيق الملكية الوطنية للحل، كما بارك مبادرة الاتحاد الأفريقي لعقد لقاء للأطراف الليبية المنخرطة في عملية المصالحة في أديس أبابا.

وفي ذات السياق، استقبل رئيس  حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، في ديوان رئاسة الوزراء بطرابلس، وفد الاتحاد الأفريقي برئاسة ولد الشيخ الغزواني. وخلال ترحيبه بالضيوف، قال الدبيبة إن الزيارة تمثل رسالة دعم قوية لليبيا، في هذا الوقت الحاسم، حيث يدخل المشهد السياسي الليبي مرحلة جديدة، بعد أن بدأت حكومته في اتخاذ خطوات حاسمة لحل العقبات التي قيدت المشهد السياسي لسنوات.

أعضاء الوفد الأفريقي أكدوا أن الاجتماع يشكل استمرارا لالتزام الاتحاد الأفريقي بمسار المصالحة الوطنية وبوحدة ليبيا

وأضاف الدبيبة أن حكومته عازمة خلال المرحلة المقبلة على المضي قدما لتحقيق قرارات محورية، وذلك بهدف إزالة العوائق التي شوهت مسار الاستقرار، الذي قال إنه يصرّ على تحقيقه، وتابع أن هذه الإجراءات لن تكون الأخيرة، وأن الحكومة مستمرة بقوة في هذا المسار، خاصة إذا أثرت في قضايا الأمن القومي للبلاد .

وأردف “كل ذلك يصب لصالح رؤيتنا الواضحة لمستقبل ليبيا، التي يجب أن تعبر من خلال إنهاء المراحل الانتقالية، والذهاب المباشر لإجراء الانتخابات، عبر أساس قانوني متين ونزيه”، معتبرا أن “ليبيا ليست في حالة انقسام عميق كما يظنه البعض، وقال إن “الخلافات ستحل إذا تحققت الانتخابات وفق دستور حقيقي”.

وترى أوساط مطلعة أن موقف الدبيبة أكد استحالة المرور نحو الحل خلال المستقبل القريب، باعتباره يشترط اتفاقا على الدستور قبل تنظيم الانتخابات، وبعد ذلك تأتي المصالحة.

في المقابل، أكد أعضاء الوفد الأفريقي في كلماتهم على دعم الاتحاد الأفريقي المتواصل لليبيا في هذه المرحلة الدقيقة، ودعوا إلى ضرورة العمل على طي صفحة الماضي وفتح آفاق جديدة نحو حلحلة الأزمة السياسية وتحقيق المصالحة وإعادة توحيد مؤسسات الدولة.

ورأى الرئيس الموريتاني أن استقرار ليبيا هو استقرار للقارة الأفريقية بأكملها، وأن الاتحاد ملتزم بمواصلة دعم ليبيا في طريقها نحو المصالحة الوطنية والتنمية المستدامة، مضيفا أن عودة ليبيا إلى دورها الطبيعي داخل الاتحاد الأفريقي أمر ضروري.

وتعهد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي بأن الاتحاد سيواصل تقديم ما يلزم لدعم ليبيا في مساعيها لتحقيق الأمن والاستقرار، مشيرا إلى أن التعاون الأفريقي مع ليبيا لا يقتصر فقط على الجانب السياسي، بل يمتد ليشمل التنمية في مختلف المجالات، وأن المصالحة الوطنية في ليبيا هي الأساس لبناء مستقبل مستدام.

من جانبه، أعرب وزير الخارجية الكونغولي جان كلود جاكوسو عن دعم بلاده للجهود الليبية، لافتا إلى أن الاتحاد الأفريقي سيكون شريكًا إستراتيجيا لليبيا التي تشهد استقرارا واضحا، مضيفًا أن ليبيا تعد بلدا محوريًا، وقد لعبت دورًا هامًا في مساعدة دول القارة.

وبحسب أوساط مطلعة، فإن الوفد الأفريقي اتصل بأغلب الفرقاء الليبيين وسيجتمع اليوم السبت مع أبرز الفاعلين السياسيين في المنطقة الشرقية من أجل جس نبض مختلف الأطراف والاطلاع على مجمل النوايا والأفكار والتصورات التي يحملها الفرقاء نحو إمكانية حلحلة الأزمة واستعادة توحيد مؤسسات الدولة.

4