الفرقاء الليبيون أمام امتحان المصالحة الوطنية في أديس أبابا

الاتحاد الأفريقي يضع ثقله بهدف تحقيق اختراق في العملية السياسية.
السبت 2025/02/01
إقرار مجلس النواب الليبي مشروع قانون المصالحة خطوة أولى فقط

يضع الاتحاد الأفريقي الفرقاء الليبيين أمام اختبار بشأن استعداداتهم للمصالحة الوطنية وتقديم التنازلات للوصول بليبيا إلى بر الأمان، وإجراء الاستحقاقات الوطنية التالية وعلى رأسها الانتخابات.

تتجه عيون الليبيين الى العاصمة الإثيوبية التي ستشهد التوقيع على ميثاق السلام والمصالحة الوطنية لبلادهم، منتصف شهر فبراير الجاري بالتزامن مع انعقاد قمة الاتحاد الأفريقي ومؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي من 12 إلى 16 فبراير الجاري في أديس أبابا.

ومن المنتظر حل الخلاف الذي يسود الفرقاء الليبيين حول المصالحة، إذ أن السنوات الماضية شهدت انعداما للثقة بين الليبيين بسبب عدة عوامل أهمها الفساد السياسي والاقتصادي والتدخلات الخارجية وعدم الدعم الدولي الكافي، ما أدى إلى عدم حدوث أي تقدم في هذه الملف، فهل سينجح الاتحاد الأفريقي في تحقيق اختراق حقيقي هذه المرة؟ واستعدادا للحدث شهدت مدينة الزنتان غرب البلاد، إطلاق البيان الختامي للاجتماع التحضيري للمصالحة الوطنية الشاملة بحضور وزير خارجية الكونغو برازافيل وممثلين عن المجلس الرئاسي ومجلس النواب ومجلس الدولة الاستشاري وفريق سيف الإسلام القذافي وعدد من الزعماء القبليين والفاعلين السياسيين.

جان كلود جاكوسو: ميثاق المصالحة الوطنية يعتبر لقاحًا ضد تقسيم ليبيا
جان كلود جاكوسو: ميثاق المصالحة الوطنية يعتبر لقاحًا ضد تقسيم ليبيا

وأعلنت اللجنة الوطنية للمصالحة الوطنية اكتمال كافة الترتيبات اللازمة لإعلان ميثاق السلام والمصالحة الوطنية، الذي يمثل تتويجا لجهود سابقة لترسيخ مبادئ العدالة والوحدة، مشيرة إلى أنه سيجري التوقيع على الميثاق في أديس أبابا.

وجاء في البيان أن هذا الميثاق يعد ثمرة جهود تعاون كافة الأطراف الليبية بمساندة الاتحاد الإفريقي، و”يجسد إرادة شعبنا في طي صفحة الماضي، وهو ليس هدفًا في حد ذاته، بل بداية عهد جديد يتركز على العمل المشترك لتعزيز الثقة بين أبناء الشعب، وبناء دولة قوية تقوم على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.”

وأكد البيان أن المصالحة الوطنية ضرورة حتمية وواجب ديني ووطني، وندعو كافة أبناء الشعب الليبي للالتفاف حول هذا المشروع الوطني، أملا أن يكون هذا اليوم نقطة انطلاق لمستقبل أفضل، يتشارك فيه الجميع لبناء ليبيا، وإجراء انتخابات شاملة وشفافة يقبل بنتائجها الجميع.

واعتبر وزير الخارجية الكونغولي، جان كلود جاكوسو أن ميثاق المصالحة الوطنية يعتبر لقاحًا ضد تقسيم ليبيا، وأشار إلى أن الشعب الليبي فهم أنه لا يمكن السير في مسار التطور والنهضة والتنمية دون مصالحة وطنية، مؤكدا أن الشعب أدرك أن ترسيخ السلم داخل البلاد وإقامة علاقات طبيعية يسمحان بسيرها نحو الأفضل.

وترأس وزير الشؤون الأفريقية بالحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب عيسى عبدالمجيد، اجتماعا في بنغازي، بحضور وفد رفيع المستوى من الاتحاد الأفريقي وجمهورية الكونغو، ترأسه وزير الشؤون الخارجية والفرنكفونية والكونغوليين بالخارج، حيث تمت مناقشة “الملف الذي يرعاه الاتحاد الأفريقي بشأن المصالحة الوطنية بين الليبيين، وتم استعراض الجهود المبذولة لتفعيل هذا الملف الحيوي في إطار دعم الاتحاد الأفريقي لليبيا لتحقيق السلام والاستقرار،” مع التركيز على “أهمية الدور الذي يقوم به الاتحاد الأفريقي في رعاية المصالحة الوطنية الليبية وتعزيز الشراكة الأفريقية لتحقيق تطلعات شعوب القارة نحو الأمن والتنمية.”

وقبلها نقل الوزير الكونغولي دعوة رسمية للقائد العام للجيش الليبي المشير حفتر لحضور قمة أديس أبابا، كما نقل دعوات مماثلة لمجلسي النواب والدولة ولفريق سيف الاسلام القذافي.

والثلاثاء الماضي، بحث رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في مدينة دار السلام، مع الرئيس الكونغولي رئيس اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي المعنية بليبيا، دنيس ساسو نغيسو، المصالحة الوطنية والخطوات المتخذة في هذا الإطار.

جاء ذلك على هامش أعمال قمة رؤساء دول أفريقيا، حيث تناول اللقاء الجهود المبذولة لتعزيز الحوار الوطني ودعم استقرار البلاد، فيما يعمل المجلس الرئاسي على مشروع للمصالحة الوطنية منذ أبريل 2021، ويخطط لعقد مؤتمر جامع بدعم من الاتحاد الأفريقي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

♦ اللجنة الوطنية للمصالحة الوطنية تعلن عن اكتمال كافة الترتيبات اللازمة لإعلان ميثاق السلام والمصالحة الوطنية الذي يمثل تتويجا لجهود سابقة لترسيخ مبادئ العدالة والوحدة

وكان المنفي أكد على التزام المجلس الرئاسي بكل المخرجات للمضي قدما في مشروع المصالحة الوطنية، وعلى تعاون ليبيا مع الدول المجاورة لأنه يمثل ركيزة أساسية للاستقرار في البلاد، وقال إنه “ناقش مع رئيس ‏اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي المعنية بليبيا، سبل التقدم نحو إجراء الانتخابات” مشيرا إلى أن “المصالحة الوطنية الشاملة ستوفر الأرضية المناسبة لتنفيذ استحقاق نزيه وشفاف،” مردفا “نؤكد من خلال اجتماعنا أن استقرار ليبيا ينعكس على استقرار المنطقة والقارة الأفريقية.”

واعتبر المنفي أن المصالحة الوطنية هي الأساس لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا، وأن المجلس الرئاسي ملتزم بكل المخرجات لإنجاح المصالحة الوطنية في ليبيا، وذلك بالتعاون مع الشركاء الدوليين، لتعزيز الجهود المبذولة لتحقيق تسوية شاملة بين جميع الأطراف في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، داعيا الأطراف كافة إلى تغليب المصلحة الوطنية، وتقديم التنازلات للوصول بليبيا إلى بر الأمان، متعهدا بإيلاء ملف المصالحة الوطنية اهتماما كبيرا خلال الاجتماعات المقبلة.

وفي سبتمبر 2021، أعلن المجلس الرئاسي الليبي إطلاقه مشروع المصالحة الوطنية الشاملة، وهي المهمة التي كلفه بها ملتقى الحوار السياسي الذي رعته الأمم المتحدة بين أطراف النزاع الليبي في جنيف في يناير 2021، الذي انبثق عنه المجلس الرئاسي في الخامس من فبراير 2021، إلى جانب حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وفي الثامن من يناير الماضي، أقر مجلس النواب الليبي بالأغلبية مشروع قانون المصالحة الوطنية بعد استيفاء مناقشة ومداولة مواده، وقال المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق إن هذه الخطوة جاءت بعد مناقشة مشروع قانون المصالحة الوطنية وبعد استيفاء مناقشة ومداولة مواد مشروع القانون.

ويتولى ممثلو الرئيس الكونغولي هذه الأيام نقل دعوات رسمية إلى رؤساء الدول الأعضاء في اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي حول ليبيا وهي: الجزائر، والكونغو، وجنوب أفريقيا، ومصر، وإثيوبيا، والنيجر، وموريتانيا، وتونس، والسودان، وأوغندا.

4